رأي

مبادرة الحريري في ذكرى 14 آذار

كتبت صحيفة “اللواء”:

لم يكن المشاركون في التظاهرة المليونية يوم ١٤ آذار عام ٢٠٠٥ يتصورون أن هذه اللحظة التاريخية ستضيع في مهب الخلافات الأنانية والشخصية، بين قيادات القوى السيادية، التي إنتفضت بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأدت إنتفاضتها إلى إخراج الجيش السوري من لبنان، وكادت تُطيح المنظومة السورية في السلطة، بما فيها رئيس الجمهورية. 
المهرجانات الصاخبة في ساحة الشهداء إختفت ، الحشود المليونية التي كانت تشارك في إحياء ذكرى اليوم الوطني المشهود تشرذمت وباعدت بينها الخلافات المستجدة، الوفود الشعبية التي كانت تزحف من مختلف المناطق،  لم يعد بإستطاعتها التحرك داخل مناطقها، لأن أسعار البنزين أحرقت كل الطاقات، وإستهلكت كل الإمكانيات.
ولولا مبادرة بهاء الحريري بتقديم مساعدات طلابية لألف طالب، لكانت ذكرى إنتفاضة ١٤ آذار مرّت بصمت مطبق، فيما الضجيج الإنتخابي يعلو فوق الأصوات السيادية، التي أصبح همّها تعداد المقاعد النيابية. 
لقد تعمَّد النجل الأكبر للرئيس الشهيد أن يعلن عن مبادرته من على الضريح بالذات، ليؤكد أولا تمسكه بنهج رفيق الحريري، الذي علّم أكثر من ٣٣ ألف طالب في أفضل الجامعات الأوروبية والأميركية، ليخدموا الوطن عبر مشاركتهم وإشرافهم على ورشة الإعمار بعد إنتهاء الحرب. وليُعيد ثانياً الوهج لذكرى ١٤ آذار كحركة سيادية وطنية بإمتياز، جمعت المسلم إلى جانب المسيحي تحت مظلة الحرية والسيادة والاستقلال، وتعمَّدت بدماء الشهداء الأبطال من كل الطوائف، ومن مختلف المناطق، والذين قُتلوا غيلة، بسبب مواقفهم الجريئة في الدفاع عن الشرعية الدستورية، وإستعادة سيادة الدولة، ورفع راية الحرية والإستقلال. 
ما كنا نسميه «فريق قوى ١٤ آذار»، تحوّل إلى مجموعة من الأفرقاء المتخاصمين إلى حد القطيعة، كما الحال بين «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وبين الأخيرة وحزب الكتائب، فضلاً عن التغيرات التي طرأت على مواقف الأطراف الأخرى، وأبعدتها عن روح ومبادئ حركة ١٤ آذار.
حتى الحكم الإستئنافي الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وفسخ الحكم البدائي بتبرئة إثنين من عناصر حزب الله، كاد يمر بصمت مريب، لولا إستدراكات اللحظة الأخيرة. 
ذكرى ١٤ آذار مضت.. وكأن يوم ١٤ آذار لم يعد موجوداً على الروزنامة أصلاً.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى