رأي

ما هي الحسابات التي أملت على “حزب الله” عدم لقاء خالد مشعل؟

سأل الصحافي ابراهيم بيرم في مقال بصحيفة “النهار” : “هل صحيح ان الامين العام لـ”#حزب الله” السيد #حسن نصرالله لم يتجاوب مع طلب وجهته اليه القيادة المركزية لحركة “#حماس” لتحديد موعد لقاء بينه وبين مسؤول فروع الخارج في الحركة القيادي خالد مشعل (ابو الوليد) على غرار اللقاء الذي كان عقده قبل أشهر مع رئيس المكتب السياسي للحركة والمقيم في غزة اسماعيل هنية؟

واستطراداً ما هي الدوافع التي حدت بشخصيات وقوى محسوبة على “محور الممانعة” الى توجيه سهام الانتقاد الحادة لهذه الزيارة واعتبار الزائر “ضيفاً غير مرحب به” ما أثار لغطا والتباسا واطلق فيضا من التكهنات؟”.

واضاف كاتب المقال :”وفق المعلومات المتوافرة فان نتائج زيارة مشعل الى بيروت، لم تكن على قدر توقعات هذا القيادي في الحركة الاسلامية الفلسطينية، في حين ان ثمة من يرى أنها أعطت مفاعيل عكسية.

وفي المعلومات المتصلة بتفاصيل الزيارة ان قيادة الحركة في بيروت سعت الى أخذ مواعيد لزيارات يقوم بها مشعل الى قصر بعبدا، لكن اوساط الرئاسة الاولى ما لبثت ان اعتذرت عن عدم تحديد موعد، وكذلك فعلت اوساط الرئاسة الثانية في عين التينة ومكتب المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم.

أما اعتذار قيادة “حزب الله” عن عدم تحديد موعد مع السيد نصرالله، فان له ملابسات وظروفاً مختلفة رغم حرص الحزب على علاقة دائمة مع الحركة وعلى ديمومة التنسيق معها.

وعليه تقول المعلومات ان فكرة زيارة مشعل الى بيروت بعد طول انقطاع قسري عن زيارتها انبثقت قبل فترة، وتحديدا عندما قرر مشعل بالتفاهم مع هنية ان يستغلا الاحتفالات بذكرى الانطلاقة السنوية للحركة ليزورا بيروت معا على رأس وفد موسع من قيادات الداخل والخارج على حد سواء. ووفق المعلومات عينها فان المقاصد من هذه الزيارة وفي هذا التوقيت بالذات متعددة، وفي مقدمها:

– ان يعود مشعل الى العاصمة اللبنانية بصفته القيادية الجديدة نسبياً (مسؤول فروع الخارج) بعد انقطاع قسري عنها استمر نحو 11 عاما فرضته الظروف والتطورات الدراماتيكية التي طرأت في اعقاب اشتعال فتيل الاحداث في الساحة السورية و”اشتعال” غضب النظام في دمشق على “حماس” لانحيازها الى جانب المجموعات المتمردة على النظام والعاملة على اسقاطه بقوة السلاح، على رغم ان دمشق أمّنت لقيادة “حماس” وعلى مدى سنين ملاذاً ومعقلاً.

– ان تكون الزيارة “عملية جس نبض” لنتائج جهود بذلها اكثر من طرف لاطفاء “عناقيد غضب” القيادة السورية على اداء “حماس”، ومنها جهود الحزب والقيادة الايرانية، خصوصا ان ثمة كلاما طيبا صدر عن القيادة السورية ورئيسها بشار الاسد بحق الجسم المقاتل في “حماس” ابان الهجمة الاسرائيلية على قطاع غزة في ايار الماضي.

– ان تترجم الزيارة عملية لتوجّه ضمني في الحركة الى ضرورة تعزيز حضورها في المخيمات الفلسطينية المنتشرة في لبنان وذلك في اطار سعي الحركة لوراثة حركة “فتح”.

وبالفعل، ابلغت قيادة “حماس” الامانة العامة للحزب برغبة مشعل وهنية في زيارة لبنان ولقاء نصرالله. ولكن بعد بضعة ايام تبلغت قيادة الحركة جوابا سلبيا من قيادة الحزب، فحواه اعتذار السيد نصرالله عن عدم لقاء مشعل، علما انه كان التقى هنية علانية ابان زيارتين له الى بيروت، وسط “حفاوة” من منصات إعلام الحزب بهذه الزيارة وأبعادها.

وعلى الاثر كان موقف هنية ان لا مصلحة ولا ضرورة لهذه الزيارة لكي لا تُحمل على محامل سلبية شتى، لكن مشعل أصرعلى انجاز الزيارة في موعدها ولو وحيدا، وهذا ما حصل بالفعل.

وقد كان كافيا بالنسبة الى مشعل ان يزور المخيمات ويلتقي فاعلياتها وبعض الشخصيات والقوى لكي تكون الزيارة ناجحة. غير ان ما شكّل عنصر مفاجأة هو قبول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استقبال “ابو الوليد” في بيته كحل وسط بعد تمنّي قيادة الحركة ان تكون في السرايا الحكومية.

ويروي بعض من شارك في اللقاء حرص ميقاتي على سؤال ضيفه عن علاقته بدمشق وهل طرأ عليها طارىء يبدل الصورة النمطية، فما كان من الضيف إلا ان قدَّم سردا مختصرا عن اسباب تصدع العلاقة بينه وبين دمشق، مشيدا مع ذلك بدور سوريا القومي ودعمها للمقاومة ولنهجها وفكرها، لكنه استدرك قائلا: “قاتل الله ظروف تلك المرحلة السوداء التي اوصلت الامور الى القطيعة معها، والى اخفاق محاولات بذلناها مع السيد نصرالله لتدارك الموقف يومذاك وللحيلولة دون انزلاق الامور الى الدرك الذي انزلقت اليه”. وقال كذلك كلاما طيبا عن دعم “حزب الله” وايران للحركة.

وفي سياق الحديث عن اوضاع الداخل الفلسطيني، بادر مشعل الى “الترحم على ايام القيادي الاستثنائي ابو عمار ومقدرته على ادارة الامور بالتي هي احسن وعبر تدوير الزوايا خلافاً لواقع الحال مع قيادة رام الله وتصلّبها وسلبيتها مع محاولات المصالحة والتسوية والتفاهم على قواسم مشتركة في هذه الايام”. فما كان من ميقاتي ان قال: “ما نخشاه ان يأتي حين من الدهر وتترحموا على القيادة الحالية”.

وفي كل الاحوال، فان اوساطا معنية بالشأن الفلسطيني وبعلاقة “حماس” بالقيادة السورية، باتت تقيم بعد هذه الزيارة على تقييم فحواه:

– ان هناك داخل حركة “حماس” من كان لا يرغب في اتمام اطلالة مشعل على بيروت، ومن كان يستريب سلفا من نتائجها لان ثمة من يراها عملية نكء لجروح مرحلة سوداوية كانت الحركة نفسها تأمل انها خُتمت وطويت.

– ان “محور المقاومة” لم يقدِم على اعادة الاعتبار الى علاقته بـ”حماس” وتجديدها وفق رؤى مختلفة تنتفي منها الهواجس، إلا بعدما بادرت الحركة نفسها الى اجراء مراجعة داخلية جدية لأدائها في مرحلة ما بعد العام 2011 أفضت الى انتخاب قيادة جديدة أُقصي بموجبها مشعل عن الواجهة باعتباره رمز المرحلة التي يسعى الى طيّها، وبعدما تبنت وثيقة سياسية جديدة انطوت على رغبة في مغادرة المرحلة الماضية ومقتضياتها.

وثمة من اعتبر عودة مشعل الى الواجهة مجددا نوعاً من النكوص الى ماض لم يمضِ وانقلاب على تعهدات اعطيت، وهو ما فرض هذا السلوك السلبي من زيارة مشعل.

واكثر من ذلك، ثمة من يعتبر الزيارة في عمقها “تغليباً” لتوجه معين داخل قيادة الحركة على توجه قيادي آخر حرص دوما على وضع العلاقة مع محور الممانعة فوق اي اعتبار آخر، وقد برهن على ذلك ان اعلام “حزب الله” قاطع تماما كل انباء الزيارة ولم يتعاطَ معها حتى على نحو خبري محض.

لذا كان ثمة سؤال عن طبيعة ما يجري داخل الحركة وعن الاسباب التي حدت بقيادة الحركة الى الاصرار على اتمام هذه الزيارة مع علمها وتقديرها انها لن تكون وفق المأمول، وان نتائجها ستكون محفوفة بالسلبية؟”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى