رأي

ما مغزى الهجوم على جسر القرم في إطار الهجوم الأوكراني المضاد؟

كتب كيم سنغوبتا فب إندبندنت.

آخر مرة تعرض فيها جسر القرم في مضيق كيرتش لهجوم خلال هذه الحرب كان قبل تسعة أشهر، وبالتحديد في اليوم التالي لاحتفال فلاديمير بوتين بعيد ميلاده الـ70. قام الأوكرانيون آنذاك بنشر مقطع فيديو لمارلين مونرو، وهي تغني “عيد سعيد، يا سيدي الرئيس”، وظهرت في الخلفية مشاهد لألسنة اللهب والأنقاض.

جاء الرد بعد أسابيع من الهدوء النسبي، فأغارت مجموعات من المسيرات على كييف، وطاولت ضربات نظام “إس-300” S-300 الصاروخي مقاطعة دونباس. وفي مدينة سلوفيانسك، رأينا جثثاً تعود لأفراد عائلة شابة قتلوا أثناء هربهم من خط القتال.

آنذاك، اتهم الروس القوات الخاصة الغربية، وتحديداً بريطانيا، بالضلوع في تفجير جسر القرم، وهو مشروع يعتبره الرئيس الروسي أحد أهم إنجازاته، وأصبح من أبرز المعابر اللوجستية لقوات موسكو بعد الغزو.

أما الهجوم الأخير، فاستهدف جزءاً من الجسر نادراً ما تستخدمه القوات الروسية، ومع ذلك فهو ما يزال معبراً مهماً. وأودى بحياة زوجين من منطقة بلغورود الحدودية، فيما تعرضت ابنتهما للإصابة، وفق ما أكدته السلطات المحلية.

وجاء الهجوم بعد أسابيع فقط من تصريح لبوتين، ادعى فيه أن القوات الأوكرانية تتكبد خسائر “كارثية” في هجومها المضاد المتواصل، مؤكداً قدرته على إصدار أمر بالاستيلاء على مزيد من الأراضي لحماية حدود روسيا. وحذر قائلاً: “سيتعين علينا التفكير في إنشاء منطقة آمنة في أوكرانيا، لمنعها من التهجم على أراضينا”.

ويظهر الهجوم على الجسر بوضوح أنه، حتى لو أنشئت “منطقة آمنة” جديدة، فمن المستبعد أن يكون الأمر كافياً لمنع أوكرانيا – المسلحة بمسيرات وصواريخ وقذائف مدفعية حديثة من الغرب – من إلحاق الدمار داخل الأراضي الروسية.

وأعلن الجيش الأوكراني أن الهجوم كان عملية مشتركة بين “جهاز الأمن الأوكراني” SBU وقوات البحرية. وفي هذا السياق، نشر مستشار الرئاسة ميخايلو بودولياك تغريدة قال فيها: “إن أي بنى غير مشروعة تستخدم لنقل آليات القتل الجماعي الروسي ستكون حتماً قصيرة العمر”.

من جهتها، قامت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية بوصف ما جرى بأنه عمل “إرهابي”، وأضافت: “أن مثل هذه القرارات يتخذها الجيش والمسؤولون الأوكرانيون بمشاركة مباشرة من المخابرات والسياسيين الأميركيين والبريطانيين. إن الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولتان عن بنية حكومية إرهابية”.

وتؤكد غارات المسيرات الأوكرانية على الكرملين، والهجمات [البرية] التي نفذتها الميليشيات الروسية في المنفى، والمحاولة الاستثنائية التي قام بها مقاتلو “فاغنر” التابعون ليفغيني بريغوجين للتقدم نحو العاصمة موسكو، أن الحرب أصبحت واقعاً ملموساً بالنسبة إلى الشعب الروسي. والهجوم على الجسر هو تذكير إضافي بأن الصراع ليس مقتصراً على أرض أجنبية فقط.

منذ أن ضم الكرملين شبه جزيرة القرم [إلى روسيا] بطريقة غير مشروعة قبل تسع سنوات، استقر في شبه الجزيرة نحو 800 ألف روسي، فيما نزحت عنها أعداد كبيرة من أفراد الجاليات الأوكرانية والتتارية.

ورحل بعض من هؤلاء الروس مع تواصل الصراع، قاصدين مناطق أكثر أماناً، وسط تأكيدات للمسؤولين الأوكرانيين بأنه سيرحل من تبقى منهم عند تحرير القرم.

يبقى إمكان عودة القرم لأوكرانيا بعيد وغير مؤكد. لكن مع تقدم الهجوم المضاد حالياً، والاستعادة المحدودة والبطيئة للأراضي، يبقى الهجوم على جسر القرم رمزاً قوياً وفاعلاً، يسمح حتماً بتعزيز المعنويات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى