أبرزرأي

ما مدى صحة المعلومات عن ارتفاع نسبة الفقر في لبنان؟

لينا الحصري زيلع
خاص-راي سياسي

في ظل الشغور الرئاسي والأزمات المتلاحقة، تسجل حركة سياحية ناشطة، فالحجوزات الى ارتفاع، والمغتربون اللبنانيون الذين وصلوا الى لبنان مؤخرا تجاوز عددهم 600 الف حتى الان، حسب ما اعلن وزير السياحة وليد نصار، كذلك فان المطاعم “مفولة”، وبطاقات الحفلات الفنية أصبحت تباع في “السوق السوداء” بعد نفادها ، واما بالنسبة الى زحمة السير فحدث ولا حرج، لذلك فان كل هذه المظاهر تدعو الى التساؤل عن مدى نسبة الفقر في لبنان الذي يتم الحديث عنها بشكل مستمر؟
فالآراء تختلف، والمؤشرات تتفاوت، فهناك من يعتبر ان غالبية الشعب اللبناني بات يتعايش مع الازمات، وبالتالي يعيش حياته بشكل عادي، بل أوضاع البعض منه أصبحت افضل مما كانت عليه قبل الازمة، بفعل بعض المساعدات والدعم العائلي الخارجي من دول الاغتراب تحت ما يسمى التكافل الاجتماعي، إضافة الى ان هناك فئة غير قليلة من اللبنانيين، لا سيما من أصحاب المهن، اصبح مدخولها بالكامل بالعملة الصعبة او على الأقل جزء منه، وينسحب هذا الامر أيضا على عدد من الموظفين في الشركات والمؤسسات الخاصة، ورغم ذلك فانه لا يمكن الاغفال عن التفاوت الذي بات واضحا في الطبقات الاجتماعية، التي اختلفت أوضاعها وتغييّرت احوالها، فطبقة الأغنياء مثلا حسب اخر الدراسات زادت ثراءً، في الوقت الذي انحسرت فيه اعداد الطبقة الوسطة، وتدحرجت شريحة منها بوتيرة متسارعة لتنضم الى الطبقة الفقيرة، خصوصا ان غالبية الطبقة الوسطى هم من موظفي القطاع العام، ولكن بفعل تدني رواتبهم بات معظمهم محسوب على الطبقة الفقيرة التي ارتفعت نسبتها.
وللاطلاع على اخر الدراسات حول موضوع الفقر في لبنان يؤكد رئيس الشركة الدولية للمعلومات جواد عدرا “لراي سياسي” انه وبحسب الدراسات المحلية والدولية فان لبنان يعاني من نسبة كبيرة من الفقر، حيث ان العائلة اللبنانية المؤلفة من أربعة افراد مثلا، تحتاج ما بين 40 و50 مليون ليرة كحد ادى في الشهر، اذا كانت تعيش في قرية وليس في مدينة، وأولادها يرتادون المدرسة الرسمية مشيا على الاقدام، واوضاعهم الصحية طبيعية، ولا يحتاج اي فرد منهم الى طبيب او دواء.
ويشير عدرا الى ان السؤال الذي يُطرح من هو الشخص الذي يبلغ مدخوله في هذه الأيام اكثر من 50 مليونا؟ خصوصا اذا كان موظفا في القطاع العام؟ علما ان عدد هؤلاء يبلغ حوالي 400 الف ما بين موظف فعلي، ومتقاعد وعسكري، كان معظمهم يشكلون الطبقة الوسطى في البلد.
لافتا الى ان الإحصاءات تشير الى ان قرابة نصف اسرة المستشفيات باتت شاغرة، بسبب عدم قدرة المريض الذهاب الى الطبيب، وبالتالي الدخول الى المستشفى، مفضلا بذلك “العض على الجرح”، والموت في منزله على الاستشفاء داخل المستشفى الذي قد يكلفها تدمير مادي للعائلة بأكملها، خصوصا بعد ان بات صندوق الامومة، وصندوق الضمان الاجتماعي، وغيرهما من المؤسسات الصحية الضامنة ، عاجزة عن تقديم العناية الصحية المطلوبة الى المواطنين.
ولكن في المقابل، يعتبر عدرا ان مقياس الفقر يتفاوت توصيفه بين دولة وأخرى، ولكنه يشير مثلا الى ان هناك عدد كبير من العائلات اللبنانية، وفي مدن كبيرة كطرابلس وبيروت وغيرها، تفتقد لأدنى مقومات الحياة الأساسية من مياه وغذاء ودواء، كاشفا الى ان الدراسات تشير مثلا، الى انخفاض نسبة استيراد اللحوم قرابة 40%، وذلك بسبب تدني الطلب عليها، بعد ان خفضت عدد من الاسر استهلاك اللحوم، كما ان هناك عائلات استغنت عن شرائها.
لافتا الى ان هناك ما يقارب 300 الف مواطن لبناني هاجر في السنوات القليلة الماضية بفعل الأوضاع الراهنة، وهؤلاء لا يزالون على ترابط وثيق مع عائلاتهم، إضافة الى المغتربين الذين غادروا لبنان من سنوات طويلة واعدادهم بالملايين، فمعظم هؤلاء الأشخاص يتواصلون مع أقاربهم في البلد، ويقدمون لهم الدعم المادي الذي يساهم في اراحة عدد غير قليل من المواطنين اللبنانيين من خلال التكافل الاجتماعي، معتبرا ان هذه المساعدة المادية ليست دليل على البحبوحة، بل ان دلت على شيء فإنها تدل على ان هناك حاجة اجتماعية، تضطر خلالها العائلات لقبول المساعدات من الأقارب في الخارج.
من هنا، يعتبر عدرا ان لا يمكن للشعوب ان تعيش على هذا التكافل بشكل مستمر، بل ان الانماء يكون من خلال قيام الدولة بواجباتها تجاه مواطنيها.
وحول تفسيره الى الازدحام الكبير التي تشهده المطاعم والمقاهي والمؤسسات السياحية، يقول عدرا: “لبنان بلد صغير، ورغم الاعداد الكبيرة للمطاعم الموجودة، فإنه لا يمكن اعتبارها بالضخمة والكبيرة مقارنة ببعض الدول، لذلك فمهما كان عدد روادها تبقى نسبتهم قليلة مقارنة بعدد سكان لبنان.
أضاف:” اما بالنسبة الى قاعات إقامة الحفلات الكبيرة، فان اكبرها لا يتسع لأكثر من سبعة الاف شخص، مما يعني انه في حال أقيمت 20 حفلة مثلا، وكل حفلة حضرها 7 الاف، يكون المجموع لا يتعدى 150 الف شخص، لذلك تبقى النسبة قليلة، مع الإشارة الى ان عدد كبير من الحاضرين هم من المغتربين، والذين يدعون معهم أقاربهم المقيمين في لبنان لحضور هذه الحفلات، وتناول الطعام معهم في المطاعم، وزيارات المراكز التجارية الكبرى.
وردا على سؤال عن سبب زحمة السير الخانقة التي تعاني منها طرقات وشوارع لبنان، رغم ارتفاع سعر صفيحة البنزين، يعتبر عدرا الى ان عدم تنظيم السير، وعشوائية إقامة المجمعات والمحال التجارية على الطرقات والاوتوسترادات، وسوء حالة الطرقات، كلها أمور تؤدي الى زحمة سير، وحاليا زيادة هذه الازمة سببتها حركة المغتربين والسياح ، وهو امر صحي يحرك الاقتصاد بكامله، ولكنه يشير الى ان معظم السيارات الموضوعة حاليا في السير عمرها يتجاوز العشر سنوات.
وفي الختام دعا عدرا الدولة لإقامة اقتصاد منتج من صناعة وزراعة، واتخاذ قرارات بفرضها ضرائب على مظاهر الثراء، باعتبار ان من شأن هذا الاجراء المساهمة بالتكافل الاجتماعي بين اللبنانيين.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى