
لينا الحصري زيلع
خاص رأي سياسي
منذ اكثر من سنتين استلم لبنان حصته من حقوق السحب الخاصة، التي قرر صندوق النقد الدولي توزيعها على الدول الأعضاء لدعم اقتصادات هذه الدول، وبلغت حصة لبنان منها ما يعادل حوال 1.140 مليار دولار أميركي.
ولكن اللافت كان، ان الدولة اللبنانية بدأت بالتصرف بالمبلغ منذ 12 نيسان 2022 حتى الان، لدرجة ان رصيد هذه المبالغ لم يعد يتجاوز حاليا 125 مليون دولار، مما دفع عدد من النواب لتقديم سؤال الى الحكومة لمعرفة كيفية صرف الأموال، ولهذه الغاية عقدت لجنة المال والموازنة اجتماعا لها امس حضره وزير المال يوسف خليل والنائب الثاني لحاكم مصرف لبنان بشير يقظان وعدد من النواب.
وعلى اثر الاجتماع، اعتبر رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان ان صرف أموال حقوق السحب من قبل الحكومة تم بشكل مخالف، لأنها لم تحصل على موافقة المجلس النيابي، لافتا الى اتخاذ اللجنة قرارا بإحالة الملف إلى ديوان المحاسبة.
مصادر نيابية معنية بالملف سألت عبر موقع “رأي سياسي” عن المستند القانوني التي لجأت اليه الحكومة لصرف الأموال، خصوصا انها بدأت بالتصرف بحصة لبنان منذ نيسان 2022، اي قبل ولاية المجلس النيابي الحالي، ورغم تأكد المصادر بان هناك مبالغ قد صرفت على الدواء والمحروقات وغيرها، لفتت الى ان من واجبات النواب معرفة الاحتياجات التي تم صرف الأموال بسببها وعلى اي أساس.
وأشارت المصادر الى ان وزير المال ونائب الحاكم الثاني قدما شرحا امام النواب عن كيفية تقسيم المبلغ الذي صرفت الأموال على أساسها، ولكن المصادر رأت انه كان على لجنة المال والموازنة السابقة الطلب بشكل خطي من الحكومة ومصرف لبنان جدول بالمبالغ التي سيتم استعمالها، ومنع الحكومة بالتصرف على هواها، لذلك اعتبرت المصادر انه لم يعد هناك من معنى لتحويل الملف الى ديوان المحاسبة بعدما طار المبلغ.
المصادر اعتبرت الى ان الجدول الذي سلمه وزير المال غير كاف لمعرفة تفاصيل الامور، خصوصا ان هناك ملفا مرسلا بين وزارة المال ومصرف لبنان رفض وزير المال تسليمه للنواب، باعتباره سري ولا يمكن الإفصاح عنه الا من خلال الية معينة وكتابا خطيا، لذلك ما شهدناه في الاجتماع يؤكد ان هناك نوع من الضحك على الناس، وللأسف فالأموال صرف معظمها ولم يبقى منها الا القليل.
وعن موضوع رد مشروع موازنة 2023، اشارت المصادر الى تباين بين النواب حول وجوب بحثها ودراستها حتى لو وصلت متأخرة الى المجلس النيابي وبين ردها، علما ان هناك بعض النواب اقترحوا دمجها مع مشروع موازنة 2024 والذي يجب درسه واقراره في اقرب وقت.
من ناحية ثانية ،اجمع عدد من النواب لموقعنا بالإشادة بالسياسة المتبعة من قبل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، وأشارت الى انه كان عليه التحرك من خلال موقعه كنائب لحاكم مصرف لبنان قبل ان يتم هدر الأموال، ودعت المصادر الى وجوب معرفة سبب انخفاض ملاءة المصارف سنة عن سنة، والمبالغ التي تم صرفها نتيجة التعاميم التي كان يصدرها المصرف المركزي.
وفي السياق، اكدت مصادر نيابية لموقعنا وجوب ان يشكل الملف الاقتصادي أولوية العمل في المرحلة المقبلة، وكشفت ان هناك خوفا جديا لدى الحكومة وحاكم مصرف لبنان بالإنابة من ان لا تستطيع الدولة الإيفاء بالتزاماتها خلال الشهرين المتبقيين تجاه استيراد الادوية والطحين.
وشددت المصادر على ان هذا الامر يحتم على جميع الأطراف العمل بجدية، من اجل انهاء الشغور الرئاسي وانتظام عمل المؤسسات وتشكيل حكومة تكون من أولوياتها وضع خطة إنقاذيه اقتصادية، وإقرار القوانين الإصلاحية واحالتها الى المجلس النيابي لكي نستطيع إعادة بناء الوطن، وبالتالي إعادة الثقة بمؤسساتنا امام الراي العام العربي والدولي، كذلك التواصل الفوري مع صندوق النقدي الدولي من اجل عودة ديمومة الدولة ومؤسساتها، بعد ان بتنا في مرحلة يرسى لها بالنسبة الى مالية الدولة.