أبرزرأي

ما كتب بشأن لبنان كتب..وما يجري “جعجة من دون طحين” 

حسين زلغوط .
خاص “رأي سياسي” …
يوحي الاشتباك السياسي الحاصل في لبنان على اكثر من جبهة وتجاه اكثر من ملف ، بأن الاوضاع في هذا البلد ذاهبة الى مزيد من التأزم، وان عرابي التسوية في المنطقة قد اسقطوا هذا البلد من حساباتهم وتركوه لمصيره، بينما المعطيات الحقيقية تؤكد بان ما يجري على الساحة السياسية في لبنان لا يعكس حقيقة ما يجري خلف البحار بشأن معالجة الأزمة التي يترنح تحت تأثيرها لبنان على اكثر من صعيد.
فما يجري على مستوى المشهد السياسي هو أمر طبيعي ويقع تحت عنوان “أخر الطحنة الكركعة” ، حيث يحاول كل فريق سياسي تحسين اوراقه التفاوضية فيما تبقى من وقت ضائع قبل ان يحين اعلان نضوج الطبخة الموضوعة على النار الاقليمية والدولية بشأن لبنان ويأكل كل طرف حصته منها ، كون ان ما يرسم للبنان من تسوية لا يقتصر على انتخاب رئيس ، فهذه المرة التسوية ستكون شاملة ومفعولها طويل الأمد ، بحيث تأتي الحلول سلة متكاملة تشمل الرئاسة ،والحكومة، وحاكمية مصرف لبنان، وصولا الى الفئات الاولى في الادارة ، وذلك رغبة من الذين يتولون حياكة هذه التسوية عدم ترك اي ملف خلافي من شأنه ان يربك الساحة اللبنانية ويزرع بذور توتر من جديد.
من هنا فان لوازم نضوج الطبخة الرئاسية في الخارج اصبحت موجودة وهناك تنسيق كامل على الخط الفرنسي والسعودي والايراني لا يعترضه الدور الاميركي الذي يراقب عن كثب ما يجري من دون ان يكون له مفاعيل مؤثرة سلبيا، كون ان الاميركيين يدركون جيدا بأن نفوذهم في المنطقة يتراجع تحت وطأة التقدم الذي يسجل للصين ومن يدور في فلكها وأن همها الاساسي اليوم هو العمل على الحفاظ على ما لها من نفوذ ووجود يضمن مصالحها وان اي امر خارج هذا النطاق لن تخوض لأجله الحروب وان تدخلها سيقتصر على العرقلة بقدر الامكان. ومن هنا فان المراهنين على الدور الاميركي لإعاقة ما يجري ، يراهنون على حصان خاسر، لأن ما كتب قد كتب ، وان التسوية اقتربت من الولادة وان كان من المتوقع ان تكون هذه الولادة بالنسبة للبنان بعد مخاض عسير، كون ان ازمته يتداخل فيها المحلي مع الاقليمي وصولا الى الدولي ولذلك فان معالجة الوضع اللبناني سيكون بمثابة السطر الاخير من التسوية التي على ما يبدوا سيكون الانتهاء منها كاملة متكاملة في الصيف المقبل .
اما على المستوى الداخلي فان الارباك ما زال سيد الموقف نظرا للتشويش الحاصل من قبل بعض الاطراف التي لجأت الى اثارة ملفات كانت نائمة لسنوات بغية اثارة الغبار للتعمية على ما يجري بعد ان وجدت نفسها عاجزة عن الصمود لمواجهة الحلول التي تحظر للبنان والتي باعتقادهم لا تصب في صالحهم لا بل انهم يجدون انفسهم خارجها، ولذا فانه من المتوقع ان تكون الساحة السياسية مع قابل الايام حبلى بالاشتباكات السياسية وعض الاصابع لكن لن يكون لذلك التأثير الفعال الذي من شأنه ان يعترض قطار التسوية الذي اقترب من الوصول الى محطته الاخيرة.  
وفي هذا السياق يكشف مصدر وزاري لـ”رأي سياسي” ان الامور “ماشية” لكنها تحتاج الى بعض الوقت، فعلى المستوى الخارجي اصبحت الصورة مكتملة وان هناك توجه للاسراع في ملء الشغور الرئاسي لما لذلك من اهمية وضرورة في ظل التقارب الحاصل على اكثر من محور، اما على المستوى الداخلي فهناك اتصالات ومشاورات مكثفة تجري بعيدا على الاعلام بغية تأمين النصاب المطلوب لانعقاد جلسة انتخاب   المرشح سليمان فرنجية، وبما ان هذا الامر مقطوع منه الامل على مستوى تكتل” الجمهورية القوية” -الا اذا انصاعت معراب لرغبة المملكة العربية السعودية في ذلك- فان الأمل معقود الان على نجاح المساعي الجارية لوصل ما انقطع بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” حيث وصلت الامور في هذا المجال الى مرحلة متقدمة من الايجابية وان طهران وفرنسا ليسا بعيدين عن هذه الاتصالات التي ترمي الى حضور تكتل “لبنان القوي” جلسة الانتخاب وتأمين النصاب ، حيث يقال ان لا مشكلة جوهرية في ما خص تكتل”اللقاء الديموقراطي” والنواب السنة وبعض النواب المستقلين من حضور الجلسة .
ويعرب المصدر عن اعتقاده بأن ما سيحصل من الان الى حين موعد ترجمة التسوية على ارض الواقع سيكون بمثابة “جعجة من دون طحين” كون “تسونامي” التسويات في المنطقة لن يوقفها موقف اعتراضي من هنا أوهناك.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى