رأي

ماكرون حكيما..!

كتب اسامة سرايا في صحيفة “الاهرام” المصرية :

زار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الصين مؤخرا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتصريحاته بعدها اتسمت بالحكمة، فهو يسعى إلى التهدئة بين أوروبا والصين، ويبحث عن موقف متمايز عن الموقف الأمريكى.

إن الموقف الفرنسى قد يراه البعض متفردا، وهو يبدو كذلك، على السطح، ولكن فى العمق يشير إلى رغبة الأوروبيين، وفى مقدمتهم فرنسا، فى إنهاء هذا الصراع، أو الحرب الدائرة، فى أوروبا، التى أصبحت مكلفة على كل أطرافها المباشرة، والداعمة، ولا أعتقد أن الموقف الفرنسى المتباين متفرد، إن لم يكن هو نفس الموقف الأمريكى غير المعلن، فالأطراف جميعها وصلت إلى نقطة أنه يجب أن تجلس على طاولة المفاوضات، وأنها فى حاجة إلى الصين لإتمام هذا الاتفاق، وإنهاء الحرب.

لقد ابتعد نهج ماكرون، الذى لم يزر الصين منذ ٢٠١٩ بسبب جائحة كورونا، عن نهج المواجهة المعتمد من جانب الولايات المتحدة الأمريكية فى الفترة الأخيرة حيال الصين، بل أضاف إليه أن أوروبا يجب عليها البحث عن طريق واقعى وطموح مع بكين، فهو يرى أنه لا يوجد تعارض بين تقليل الاعتماد الأوروبى على الصين فى القطاعات الإستراتيجية، مثل الاتصالات، وتعزيز الروابط التجارية فى مجالات أخرى، فهل ينجح ماكرون مع الصين فيما فشل فيه مع روسيا، أم أن ذكاءه مفرط لا ينطلى على الصينيين؟!.. يبدو لى كذلك، ولكن يبدو أن المسار يتجه إلى انتهاج وسيلة تقوم على التقارب الحذر، والمرهون بتوافق المصالح، مع توظيف التفاعلات الناتجة عن استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية لتعزيز فرنسا، بوصفها فاعلا محوريا، وتقديم باريس كشريك موثوق به، ولديه القدرة على التعاون، والتنسيق فى كل المجالات، والقضايا، ورغبة ماكرون فى أن يبدو أنه لا يبحث عن مصالح فرنسا، ولكن مرتبط مع الاتحاد الأوروبى، وهو ما تجلى فى اصطحاب أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، خلال زيارته إلى الصين.

أعتقد أن الإغراء الصينى الاقتصادى يدفع نحو الكثير من المسارات السياسية، ولكن المقاربة الفرنسية تفتح مجالا للمبادرة الصينية لوقف الحرب، التى يبدو أنها تتدحرج إلى ما بعد نهاية العام الثانى.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى