حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
لم يحمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى قصر الإليزيه أي جديد يمكن وضعه في الخانة الايجابية من زيارته الرابعة الى بيروت، لا بل غادر الرجل مطار بيروت محملا بثقل كلام غير مريح سمعه من غالبية من التقاهم من مسؤولين حول ما تم طرحه إن لناحية رئاسة الجمهورية، او الخوف من وقوع استحقاق قائد الجيش في براثن الفراغ القاتل الذي يطبق على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا منذ عام وشهر وبضعة أيام، وهو لأجل ذلك ضرب موعداً بعيد المدى لزيارته الخامسة في كانون الثاني المقبل، لعلمه المسبق ان الاسابيع المقبلة ربما لا تحمل اي مؤشرات مشجعة على مستوى إنهاء الشغور الرئاسي، اللهم الا اذا استطاع الموفد القطري الذي كشف أحد النواب عن زيارة مرتقبة سيقوم بها قريبا الى لبنان.
ويقول هذا النائب ان الموفد القطري آت الى لبنان لإكمال المسعى “الخماسي” وتحريك الملف الرئاسي وهو يبحث بإسم اللواء الياس البيسري لأن النائب جبران باسيل لا يضع فيتو عليه والعلاقة معه مقبولة وخلفيته مناقبية عسكرية.
ويؤكد ان هناك محاولة جدية لمحاولة انتخاب رئيس قبل نهاية السنة وأصبح التمديد عامل ضغط في هذا الاتجاه.
هذا المعطى لدى هذا النائب وغيره من المسؤولين ربما يكون هو من جعل الموفد الفرنسي يحدد زيارته الى لبنان بعد شهر ونيف، في دلالة واضحة على ان باريس التي فشلت الى الآن وعلى مدى أربعة جولات لموفدها الى بيروت عدا الاتصالات واللقاءات التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون بها شخصيا في فتح كوة ولو بسيطة في جدار هذه الأزمة، تريد لقطر أن تجرب حظها في لبنان علّها تستطيع تليين مواقف القوى السياسية المتصلبة حيال انتخاب الرئيس، وتنجح في وضع الإستحقاق الرئاسي على سكة الحل، سيما وأن الدوحة نجحت إلى حد بعيد في إدارة عملية التفاوض بشأن الوصول الى هدن ولو مؤقتة بين حركة “حماس” من جهة وإسرائيل من جهة ثانية وقد توج ذلك بتبادل للأسرى، وهي قد تنجح أيضا في تقريب وجهات النظر بين المسؤولين اللبنانيين بما يؤدي الى إنهاء الفراغ بانتخاب رئيس للجمهورية.
وكان بالطبع ما وصل اليه لودريان من نتائج في زيارته الى بيروت، الطبق الرئيسي على طاولة محادثات الرئيس ماكرون والرئيس نجيب ميقاتي التي جرت في دولة الامارات العربية المتحدة على هامش قمّة المناخ “كوب 28″، حيث ان الرئيس الفرنسي كان حزينا وأبدى انزعاجاً لما انتهت اليه زيارة موفده الى لبنان، وهو بالتأكيد أبلغ الرئيس ميقاتي خوف باريس من إستمرار الشغور الرئاسي الذي ينعكس بدوره على كل مفاصل الدولة، كما ان ماكرون لفت عناية ميقاتي الى ضرورة أن يكون هناك رئيس للجمهورية في هذه المرحلة الحبلى بالتطورات في المنطقة، حيث من الممكن ان يتمخض عنها تسويات وترتيبات معينة يتوجب أن يكون للبنان رئيس للتعامل معها ولكي لا يكون هذا البلد “كبش محرقة”.
ووفق مصادر سياسية عليمة أن ما من شيء تغير في المواقف السياسية منذ اليوم الأول لبداية الأزمة الرئاسية، لا بل ان هذه المواقف تزداد تصلباً مع مرور الأيام، وهذا يعني إستحالة الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، من دون ان يكون هناك تدخلاً خارجياً فاعلاً، وعلى الرغم من ان الفرنسيين والقطريين يبذلون جهوداً غير عادية لإخراج هذا الاستحقاق من النفق المظلم، غير أنه يبدو ان الإرادة الدولية الجدية ما تزال غائبة عن المشهد السياسي اللبناني، الذي تعتبره بعض الدول الفاعلة ثانوياً قياساً للملفات المفتوحة على مساحة المنطقة، وهي تعتبر ان مسألة انتخاب رئيس في لبنان تتحمل التأخير بعض الوقت، كون ان رئيس الجمهورية في لبنان ليس له التأثير الفعلي في الحياة السياسية، وقد سبق للرئيس الراحل الياس الهروي ان عكس هذا التوصيف من خلال كلام قاله وهو في سدة الرئاسة بأن رئيس الجمهورية اللبنانية أصبح صورة معلقة في قصر بعبدا وعلى الجدران في الدوائر الرسمية.