ماذا كسبت الكويت من الهدر؟!
كتب طلال مطر الوردان في صحيفة القبس.
تتوقع الأكثرية أن تكون تصريحات وزير المالية المتوالية، في الصحف المحلية، أو خلال كلمته في «ملتقى الميزانية العامة»، ضارة بهم، ففيها تحذيرات وصراحة شديدة بشأن ما آل إليه الوضع المالي غير الجيد بسبب الهدر وأسباب أخرى، فالوضع يجب حسمه والوقوف عند مكامن الخلل، وإيجاد الحلول، والتوقف عن الهدر غير المبرر.
فما نراه ظاهرياً ضاراً، قد يكون نافعاً لنا جميعاً، فالكويت منذ نشأتها كريمة وسخية تجاه الآخرين، وجريئة وحادة وترفع حاجبها على آخرين، ولكن بعد تصريحات وزير المالية، وكشفه لذمة الخزينة العامة رفع الحرج، لذلك على الحكومة النظر بجدية تجاه هدرها، فهي مستقبلنا جميعاً، وما كنا نتمنى تلك الصراحة، فالصيت ولا الغنى، ولكن نرى ان الحكومة عليها واجب الترشيد داخلياً وخارجياً، ولا نعني مساعدة شعوب الدول الأخرى، فهو التزام أخلاقي، ولا أظنه يمثل نسبة تستحق الوقوف عندها أو تقليصها من المدخول العام، وهي أعمال تزيد من بركة ما نحن فيه، فالكويت ليست دولة صناعية أو سياحية.
وبما إني لا أفقه في الاقتصاد، تذكرت صاحبي ابن التاجر، بعد مصارحة والده له ولإخوانه، بأنه غير قادر على نفقاتهم التي أصبحت أكبر من إيراداته، فهو مزواج، ولديه حشم وخدم وحراس، ولم يعد يستطيع إيجاد دخل إضافي يغطي كل هذا، فتعاطف الأبناء معه، وأصبحوا في حيرة، لأنهم لا يشكلون من نفقاته إلا ما نسبته %20 بالمئة، ولم يخبرهم والدهم بما يريد، فنصح أحدهم الأب بتطليق إحدى زوجاته ومتطلباتها الكثيرة، لكنه سارع إلى الرفض، فأبغض الحلال عند الله الطلاق، وتركهم في دوامة ماذا يريد الأب، وهو الرجل القوي الذي لا يشارك أحداً رأيه.
ونعود إلى تصريحات الوزير الموقر، ونترك مشاكل أسرة صاحبنا على جنب، ما صرح به الوزير، الذي لم يكن جزءاً من المشكلة، لكنه قد يكون جزءاً من الحل، فهو أتى بتصريحات تجعل المواطن البسيط يتساءل: هل الدينار الكويتي سوف يتأثر بما تم ذكره؟ وهل أغلبية الموظفين، الذين تبدأ رواتبهم تقريباً بـ٦٥٠ وتنتهي بـ١٣٠٠، هم من رفعوا نسبة الرواتب %30 من الناتج المحلي؟!
على وزير المالية النظر في كشوف من يتقاضون المزايا المالية الكبيرة، والرواتب الاستثنائية، وأسمائهم، وبعد ذلك سوف يرى العجب، ويضيف إلى ما قاله عن الدعومات، هناك من يستفيد منها من لا يحتاجها من منطلق «زيادة الخير خيرين».
وفي النهاية: هل ما تم طرحه في الإعلام يُراد به الاستعانة بعقول جموع المواطنين، لإيجاد حلول لما آل إليه الوضع؟ لا نعتقد ذلك، لذلك نريح أدمغتنا جميعاً، فالحكومة أبخص، وهي التي تقرر ما يصح ولا يصح، وهي التي تلاحق ما يسمى التوظيف الوهمي في القطاع الخاص، من أجل دعم عمالة لا يتعدى ٥٠٠ دينار، متناسية أن المواطن وفّر عليها ما كان سيحصل عليه في القطاع الحكومي من بدلات ومزايا، ولو الوزير يلقي نظرة على جدول توزيع المصروفات على مستوى الوزارات والإدارات الحكومية، لوجد بعدها أين تذهب جل نسبة الرواتب، وإذا كان يريد الحل فليشطب على بعضها. ودمتم بخير.