ماذا سيحدث إذا أدين ترمب في قضية «أموال الصمت»؟
طرحت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) سؤالا بشأن مستقبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إذا ما حكم عليه بالإدانة في القضية التي تعرف إعلاميا بقضية «أموال الصمت» بشأن دفع أموال لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز لشراء صمتها بشأن علاقة جمعت بينهما قبل الانتخابات الرئاسية في 2016، بحسب دانيلز، وهو ما ينفيه ترمب.
وقالت «بي بي سي» إن ترمب في حالة إدانته سيصبح أول رئيس أميركي سابق تتم إدانته جنائيا، وأول مرشح عن حزب كبير يترشح للبيت الأبيض كمجرم.
ويواجه ترمب في المحاكمة التي استمرت لقرابة 5 أسابيع، أربعا وثلاثين تهمة، وانتهت، الثلاثاء، المرافعات الختامية، ثم بدأت هيئة المحلفين مداولاتها بشأن الحكم، ولا أحد يستطيع أن يخمن ماذا سيكون قرارهم.
ماذا يحدث مع الحكم بالإدانة؟
ظل ترمب حرا بكفالة طوال المحاكمة، وإذا صدر ضده الحكم بالإدانة، فمن المحتمل أن يظل قادراً على مغادرة المحكمة حتى يحدد القاضي جلسة النطق بالحكم.
ولدى القاضي عدة عوامل يجب أخذها في الاعتبار عند إصدار الحكم، بما في ذلك عمر ترمب (77 عاماً)، وعدم وجود إدانة سابقة وربما انتهاكه لأوامر منع النشر التي أصدرتها المحكمة.
وبحسب «بي بي سي»، فقد يتضمن الحكم غرامة أو المراقبة، أو ربما السجن، ويكاد يكون من المؤكد أن ترمب سيستأنف حكم الإدانة، وهي عملية قد تستغرق أشهراً أو حتى أطول، وهذا يعني أنه من غير المرجح إلى حد كبير أن يغادر ترمب المحكمة مكبل اليدين، ومن المتوقع أن يظل حراً بكفالة أثناء استئنافه.
ما أسباب الاستئناف؟
قد تكون الأدلة التي قدمتها ستورمي دانيلز، التي كان لقاؤها الجنسي المزعوم مع ترمب في قلب القضية، أحد أسباب الاستئناف، حيث قالت آنا كومينسكي، الأستاذة في كلية الحقوق في نيويورك: «التفاصيل التي قدمتها دانيلز ليست ضرورية لسرد القصة».
وأضافت: «من ناحية، التفاصيل التي قدمتها تجعلها ذات مصداقية، وباعتبارك مدعيا عاما، فأنت تريد تقديم تفاصيل كافية حتى تصدق هيئة المحلفين ما تريد قوله ومن ناحية أخرى، هناك خط حيث يمكن أن تصبح غير ذات صلة ومضرة».
ودعا فريق دفاع ترمب مرتين إلى بطلان المحاكمة خلال شهادة دانيلز، ولكن القاضي رفض.
وذكرت «بي بي سي» أن الاستراتيجية القانونية الجديدة التي اتخذها المدعي العام في هذه القضية قد توفر أيضاً أسباباً للاستئناف، حيث تزوير السجلات التجارية يمكن أن يكون جنحة من المستوى الأدنى في نيويورك، لكن ترمب يواجه اتهامات جنائية أكثر خطورة بسبب جريمة ثانية مفترضة، وهي محاولة غير قانونية مزعومة للتأثير على انتخابات عام 2016.
وزعم المدعون أن انتهاكات قوانين الانتخابات الفيدرالية وقوانين الولاية، إلى جانب الاحتيال الضريبي، تنطبق على هذه القضية. لكنهم لم يحددوا لهيئة المحلفين أيها تم انتهاكه بالضبط.
ويقول خبراء قانونيون إن هناك أسئلة حول نطاق القانون الفيدرالي وتطبيقه، والذي يمكن أن يشكل أساسا للاستئناف، وهناك سؤال حول ما إذا كان المدعي العام لمقاطعة مانهاتن يتمتع بالسلطة القضائية للقيام بذلك.
هل يمكن أن يذهب ترمب إلى السجن؟
من الممكن، رغم أنه من غير المرجح إلى حد كبير، أن يقضي ترمب بعض الوقت خلف القضبان في حالة صدور حكم بالإدانة.
وتعتبر التهم الـ 34 التي يواجهها من أدنى درجات الجنايات في نيويورك، وتحمل كل تهمة عقوبة أقصاها أربع سنوات.
وهناك عدة أسباب تجعل القاضي يختار عقوبة أقل، بما في ذلك عمر ترمب، وعدم وجود إدانات سابقة عليه، وحقيقة أن التهم تنطوي على جريمة غير عنيفة.
ومن الممكن أيضاً أن يدرس القاضي الطبيعة غير المسبوقة للقضية، وربما يختار تجنب وضع رئيس سابق ومرشح حالي خلف القضبان.
وكذلك هناك أيضا مسألة التطبيق العملي، حيث يحق لترمب، مثل جميع الرؤساء السابقين، الحصول على الحماية مدى الحياة من الخدمة السرية، وهذا يعني أن بعض العملاء سيحتاجون إلى حمايته في السجن.
ومع ذلك، سيكون من الصعب للغاية إدارة نظام سجون يضم رئيساً سابقاً كسجين سيكون الحفاظ على سلامته مخاطرة أمنية كبيرة ومكلفة.
وقال جوستين بابيرني، مدير شركة لاستشارات السجون: «تهتم أنظمة السجون بأمرين: أمن المؤسسة وخفض التكاليف، وفي حالة ترمب سيكون الأمر غريبا ولن يسمح أي حارس بذلك».
هل لا يزال بإمكانه الترشح للرئاسة؟
نعم. يحدد دستور الولايات المتحدة عددا قليلا نسبيا من متطلبات الأهلية للمرشحين الرئاسيين: يجب ألا يقل عمرهم عن 35 عاما، وأن يكونوا مواطنين أمريكيين «طبيعيين» وأن يعيشوا في الولايات المتحدة لمدة 14 عاما على الأقل، ولا توجد قواعد تمنع المرشحين ذوي السجلات الجنائية.
لكن الحكم بالإدانة لا يزال من الممكن أن يؤثر على الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).
هل يستطيع أن يعفو عن نفسه؟
لا، يمكن للرؤساء إصدار عفو عن أولئك الذين ارتكبوا جرائم فيدرالية.
وقضية أموال الصمت في نيويورك هي مسألة قانونية تتعلق بالولاية، ما يعني أنها ستكون بعيدة عن متناول ترمب إذا أصبح رئيساً مرة أخرى.
وينطبق الشيء نفسه على قضية ترمب في ولاية جورجيا، حيث اتُّهم بالتآمر لتغيير هزيمته بفارق ضئيل أمام الرئيس الحالي جو بايدن في الولاية خلال انتخابات عام 2020. هذه القضية قيد الاستئناف حالياً.
وصلاحيات العفو غير واضحة بالنسبة للقضيتين المرفوعتين ضد ترمب والتي تتعلق إحداهما بسوء التعامل مع وثائق سرية، والأخرى تتعلق بالتآمر لإلغاء انتخابات عام 2020.
وفي القضية الأولى، قام قاض عينه ترمب في فلوريدا بتأجيل المحاكمة إلى أجل غير مسمى، قائلاً إن تحديد موعد قبل حل الأسئلة المتعلقة بالأدلة سيكون «غير حكيم»، كما تم تأجيل القضية الثانية المعلقة بينما يتم الاستئناف من قبل ترمب.
ومن غير المرجح أن يتم الحكم في أي منهما قبل انتخابات نوفمبر، ولكن حتى لو حدث ذلك، فإن الخبراء في الدستور يختلفون حول ما إذا كانت سلطة العفو الممنوحة للرئيس تشمل نفسه.
وقد يكون ترمب أول من يحاول ذلك.