شؤون لبنانية

مادايان يستنكر التقاعس العربي!

رأى أمين سر “لقاء مستقلون من أجل لبنان” الدكتور رافي مادايان، في تصريح، “ان اسرائيل بدأت المرحلة الثالثة في حربها من خلال اغتيال الشيخ صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، ولكن هناك تداخل بين المراحل الثلاث في حين انها لم تعلن عن بدء المرحلة الثالثة . وبعد المرحلة الاولى التي تمثلت بقصف بنك الاهداف في قطاع غزة (اعتبرت الاستخبارات الاسرائيلية انها مواقع عسكرية او امنية او مؤسساتية تابعة لحماس في القطاع)، جاءت المرحلة الثانية حيث جرى التوغل البري الذي لم ينته بعد والذي انتقل الى الوسط ويتركز الان في محيط المخيمات الثلاثة في وسط غزة اي البريج والنصيرات والمغازي، وقد انتقلت العملية البرية من الشمال الى منطقة خان يونس في الجنوب، وهناك هجوم من الساحل الغربي ايضا باتجاه خان يونس حيث تعتقد القيادة الاسرائيلية ان يحيى السنوار وباقي القيادات الفلسطينية تتمركز هناك، ويتخبط الاسرائيليون اليوم بين المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة وان كانوا لم يغادروا المرحلة الاولى من القصف الجوي”.

واشار مادايان الى “ان الاغتيالات تتمثل بعمليات “نقطوية” من خلال استخدام الطائرات والمسيّرات في قصف مواقع عسكرية لحماس في القطاع، اي خفض العمليات العسكرية بطلب اميركي من بايدن، والاتفاق بين نتنياهو وبايدن هو القضاء على حماس وقياداتها في القطاع، اما الاختلاف بينهما هو حول ما ستكون عليه مرحلة اليوم التالي بعد انتهاء الحرب او من سيكون البديل السياسي الفلسطيني عنها او من سيتولى ادارة القطاع”.

وأكد “ان الخطة الاميركية في المنطقة تتمحور حول مشروع الـ “كوريدور” الهندي، اذ يريد الاميركيون احتواء خط الحرير الصيني الذي يمر من ايران ودول المشرق العربي وصولا الى سوريا ولبنان، والبديل عنه هو الـ “كوريدور” الهندي المعروف باسم “India Middle East Europe Economic Corridor”، وهو بحاجة الى تطبيع سعودي – اسرائيلي والى استقرار في الخليج وانهاء المشكلة مع الحوثيين في اليمن وايضا الى استقرار في “اسرائيل”، اي تصفية المقاومة الفلسطينية وحماس في غزة، كما ان هذا الـ “كوريدور” يحتاج الى سكة مواصلات واتصالات وطرق تجارية وهو يبدأ من بومباي في الهند الى الامارات والسعودية والاردن والى حيفا مرورا بالضفة وحيفا باتجاه اليونان وقبرص ثم اوروبا وصولا الى هامبورغ في المانيا، وهذا الـ “كوريدور” الهندي يضر بالمصالح الصينية والايرانية، وايضا التركية والمصرية والروسية”.

ولفت مادايان الى “ان حماس ومختلف الاطراف حتى ايران هي مطلعة اليوم على الاتصالات التي تجري في القاهرة او الدوحة، اما مؤتمر العقبة الاردني – المصري – الفلسطيني الاخير فله علاقة بخشية من تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة. المفاوضات التي تجري تحت ضغط النار والمعارك ترتبط بالميدان وتطوراته، فإذا صمدت المقاومة الفلسطينية ومعها اطراف محور المقاومة، فإن ايران وحلفاءها في المنطقة سيكون وضعهم افضل من الوضع الاسرائيلي وحلفائه ومجمل المفاوضات الدائرة للسيطرة على ادارة المنطقة”.

من جهة اخرى، اشار مادايان الى “ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول ان يجعل من السعودية دولة محورية في النظام الاقتصادي العالمي من خلال مشروع “نيوم 2030” والانخراط في مشروع الـ “كوريدور” الهندي وكذلك الانخراط مع الصين في طريق الحرير الصيني والتطبيع مع ايران والمساهمة في حل النزاعات وانتاج الاستقرار في المحيط الاقليمي، فالسعودية من خلال هذه الخطوات تتحول الى مركز ثقل في النظام الاقتصادي الدولي الذي يمر عبر الخليج وصولا الى الدول العربية الاخرى، كما ان هناك تنافس في هذه المرحلة حول استمالة السعودية ودول التعاون الخليجي”.

ورأى امين سر “لقاء مستقلون من اجل لبنان” ان “تغييب ملف انفجار مرفأ بيروت الذي تقف خلفه اسرائيل بكل تأكيد، يتعلق بالصراع معها اذ لم تكن المقاومة اللبنانية ولا ايران جاهزتين في 2020 للرد، وحتى ان الروس لا يريدون خلق ازمة مع اسرائيل حينذاك”.

وقال: “هناك ثغرات واختراقات حتى لدى المقاومة اللبنانية، والدليل هو اغتيال الشهيد القائد وسام الطويل في بلدته خربة سلم التي لم يزرها منذ فترة طويلة، اما الشيخ العاروري فإنه دفع ثمن استهتاره بالتدابير الامنية، اذ انه كان يستخدم هاتفه، ومما لا شك فيه ان اسرائيل اليوم لديها تقنيات حديثة منها مسيرة اسمها “هيرون” مرتبطة بغرفة عمليات تطلق صواريخ بتقنية الليزر، وتدعى “نينجا بومب” وهي تقتل الافراد، وتطلق من تل ابيب وتتبع الهدف بواسطة الليزر. المسيرات الاسرئيلية تطلق الصواريخ من ارتفاعات شاهقة، والمقاومة اللبنانية اليوم ربما لا تريد ان تكشف عن قدراتها من خلال الرد عليها، وايضا ربما لديها انفاق لا تريد استخدامها في هذه المرحلة بل في معارك كبرى قادمة مع العدو، وهي بالتالي لا تريد ان تكشف أماكنها، لذلك هي ترسل مجموعاتها من مناطق فوق الارض وهي تدفع ثمن ذلك، الا ان المقاومة تظهر بعض الاسلحة المتطورة ولكن ضمن قواعد الاشتباك الحالية، ويمكن اعتبار ردها اليوم انه “تناسبي” بمعنى رد الخرق بخرق، ويمكن توصيف الوضع في جبهة الجنوب انه تحت سقف منخفض التوتر”.      

واعتبر ان”هناك قناعة لدى المقاومة ان نتنياهو يريد فتح معركة الجنوب، الا انه من جهة اخرى لا قدرة لدى اسرائيل على فتح جبهتين من دون مؤازرة الاميركيين، في حين ان الادارة الاميركية لا تريد فتح جبهة اوكرانيا واخرى ضد ايران وحلفائها في الشرق الاوسط، والمقاومة اللبنانية تعرف نقاط الضعف الاسرائيلية، وهي تمتلك صواريخ متطورة، ولديها قوة ردعية تمنع اسرائيل من تدمير لبنان، لذلك لا يجب ان يخيف التهويل الاسرائيلي اللبنانيين، فهذا التهويل ليس سوى ضغط لاغلاق جبهة الجنوب وتخفيف الضغط عن جبهة غزة. كما ان تنفيذ اي من التفاهمات منها القرار 1701 والذي برأيي يحتاج الى مراجعة او تعديل، كأن يتضمن شيئا من اتفاق نيسان 1996، اي حق المقاومة ان ترد على الخروقات الاسرائيلية، والظروف الحالية للمقاومة تسمح لها بأن تفرض شروطها ما بعد غزة، حتى ان عودة المستوطنين في الشمال لها ثمن، وبالتالي يجب ان يكون هناك اجراءات “تناسبية”، بمعنى ان الـ 1701 يجب ان ينطبق ايضا على اسرائيل، ومما لا شك فيه ان المقاومة اللبنانية لن تقوم بتسوية مع الاميركيين ومن خلفهم اسرائيل على حساب فلسطين والمقاومة بغزة.

وعن الدور الالماني في لبنان، اشار مادايان الى “ان ألمانيا معنية بدور سياسي في لبنان من خلال اليونيفيل التي تملك قوات بحرية من خلاله في الجنوب، ولا يخفى انها منحازة لاسرائيل. ومثل الفرنسيين فإن الموفدين الالمان ينقلون رسائل تهويلية الى لبنان حول “جنون” اسرائيل، لاغلاق جبهة الجنوب، وهو غير ذي اهمية. وبات معلوما ان الاميركيين لا يريدون اعطاء دور للاوروبيين والفرنسيين، أكان لجهة طرح مبادرات او القيام بوساطات، نظرا لوجود مصالح خاصة بشكل دائم لطرف من الاطراف، فالمبادرة الرئاسية الفرنسية على سبيل المثال أفشلها الاميركيون”.

واكد مادايان ان “لا حرب واسعة في المنطقة ولا حرب شاملة في لبنان، ومن خصائص الحرب المقبلة مع اسرائيل هي الحرب الامنية، وهذا الموضوع سيظهر اكثر خلال المرحلة المقبلة وهي اخطر من سابقاتها، وهي ستعيد تفعيل نشاط حركات المقاومة والمنظمات الفلسطينية الاكثر “راديكالية” من تلك التي شهدناها في السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي، وحماس ستبدو معتدلة نسبة للمقاومات التي ستظهر في حال دُمرت حماس او ضعفت، وهناك تقديرات تشير الى ان حماس ستتراجع خمس سنوات الى الوراء الا انها بعد عدة سنوات ستعيد بناء نفسها. الحرب الامنية، هي الشكل الاساسي للصراع في المرحلة المقبلة واعتقد ان محور المقاومة ومنها المقاومة اللبنانية لن تسمح لاسرائيل بالتمادي بها، اما ظاهرة العملاء فهي ليست بجديدة، اضافة الى انه يجب تنبيه المواطنين من وجود عملاء على الارض واختراقات للهواتف من خلال اتصالات ترد الى الهواتف من أرقام غريبة مصدرها تونس او غيرها، وهي مستخدمة من قبل الموساد الاسرائيلي”.

واستنكر مادايان “التقاعس العربي تجاه فلسطين وغزة”، معتبرا انه “كان حريا بالدول العربية ان تضغط بملف النفط كما فعل الملك فيصل في العام 1973، وما يفعله اليمنيون هو بديل عن هذه المقاطعة العربية المفترضة التي لم تحصل، تم ردع اسرائيل اليوم وهي لا تتجرأ على ضرب الحوثيين في اليمن.”.

وعن الدور السوري في الحرب الدائرة في المنطقة، قال: “اليوم يجب فهم الدور السوري وظروف الدولة السورية التي تشكل عمقا استراتيجيا لمحور المقاومة، وهي جبهة دعم وقاعدة خلفية لحزب الله، كما انه اليوم هناك مجموعات مقاومة موجودة في الجنوب السوري وعلى حدود الجولان والقنيطرة، وكما ان هناك تفهما للمصلحة الوطنية اللبنانية، هناك ظرف للحكومة السورية، وليس هناك من ضرورة ان تدخل في المعركة مباشرة، بل هي في قلب وصلب المقاومة ولكل جبهة دور، ولكل دولة من دول الطوق وظيفة، اما وظيفة ايران فهي مركز حركات المقاومة وهي تنسق فيما بين اطراف محور المقاومة من اليمن الى سوريا وفلسطين والعراق ولبنان، كما ان الحرس الثوري الايراني يستهدف هو الاخر السفن في مضيق هرمز وبحر العرب”.

في الملف الداخلي، رأى مادايان “ان الامور مجمدة الى ما بعد حرب غزة، حيث ستتوسع المفاوضات، وتنتقل الى معالجة الملفات في دول المنطقة ومنها الترتيبات في جنوب لبنان، وملف القوة الردعية وسلاح المقاومة اللبنانية، وايضا ملف التعافي الاقتصادي وقطاع الطاقة والغاز في البحر والمشتقات النفطية وهو ملف مهم للاميركيين والاوروبيين، وصولا الى ملف الرئاسة. اذا ما انتصرت حماس في غزة، فستكون المقاومة اللبنانية اكثر قدرة على فرض شروطها في الملفات الداخلية، وهي ستكون متصلبة ولن تتنازل في موضوع السلاح الاستراتيجي او الترتيبات الامنية، أما في ملفات الرئاسة والطاقة ستكون اكثر مرونة”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى