رأي

مؤشرات الأداء.. محركات التحوّل الرقمي النفّاثة للحكومات

كتب د. ضاري عادل الحويل في صحيفة القبس.

لنجاح أي مجهود لا بد من قياس أدائه وفعاليته، وهو ما يتم من خلال قياس مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs، بل إن هذه المؤشرات قد تكون حافزاً لتحسين الأداء والتنافس الفاضل بين الجهات المختلفة، وخصوصاً في سياق التحوّل الرقمي. مؤشرات الأداء تساعد الجهات الحكومية على قياس مدى نجاحها في تنفيذ استراتيجيات التحوّل الرقمي، من خلال تحليل البيانات المتعلقة بالتقدّم الذي أحرزته، وتحديد ما يعمل بشكل جيّد، وما يحتاج إلى تحسين، مما يسمح لها بتعديل مساراتها وتحديد أولوياتها بشكل أكثر فعالية. كما إنها وسيلة موضوعية لتقييم الأداء، مما يساعد في تعزيز المساءلة والشفافية. كما إن مؤشرات الأداء تساعد الجهات الحكومية على فهم احتياجات وتوقعات المستفيدين بشكل أفضل، وذلك من خلال التركيز على تحسين الأداء في المجالات التي تهم المستفيدين أكثر، والتي ستؤدي حتماً إلى تحسين جودة الخدمات الحكومية الرقمية.

بدعوة كريمة من هيئة الحكومة الرقمية، وحضورنا لفعاليات النسخة الثانية من ملتقى الحكومة الرقمية، اطلعنا على نجاحات المملكة العربية السعودية في موضوع التحوّل الرقمي، وما تقوم به من جهود كبيرة. شهدنا التنافس الإيجابي الذي نشأ بين الجهات العامة في المملكة، من خلال جائزة الحكومة الرقمية، ومؤشر قياس التحوّل الرقمي، وإعلانات الإطلاق لعدد من الخدمات الحكومية الرقمية المهمة. نجاح المملكة من وجهة نظرنا المتواضعة يمكن أن يُعزى إلى عوامل رئيسية عدة، أولها الدعم من القيادة العليا في السعودية، والتزام الجهات برؤية 2030، التي من دون شك لعبت دوراً حاسماً في تسريع عملية التحوّل الرقمي، عبر توفير الموارد وإنشاء بيئة محفّزة داعمة للابتكار.

كان لافتاً حضور ومشاركة الوزراء وكبار القياديين فعاليات الملتقى، وعلى مدى يومين متتاليين. والمشهد الذي لخّص دعم القيادة وإيمانها بأهمية التحوّل الرقمي برز في الكلمة الرئيسية، التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، والتي جاءت بعنوان «دور الابتكار والتحوّل الرقمي لتحسين الكفاءة في قطـاع الطاقة نحو مستقبل مستدام»، وافتخاره بالطاقات الشبابية السعودية، وإشادته بهم مباشرة، وطلبه منهم الوقوف ليثني عليهم من كانوا في القاعة التي اكتظت عن بكرة أبيها!

كما أن استثمار السعودية الكبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتطوير مراكز البيانات، من خلال الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين لهو محط اهتمام. ولم يغب عن ذهن أصحاب القرار التركيز على تطوير المهارات الرقمية لموظفي القطاع الحكومي والاستثمار في التعليم والتدريب الرقمي، بل إن أحد مسارات جائزة الحكومة الرقمية الأربعة خصصت لأفضل قائد رقمي، بينما خصصت الأخرى لأفضل موظّف واعد، كما أولت الحكومة السعودية تحسين تجربة المستخدم في الخدمات الرقمية الحكومية، وتحفّز الجهات لتطوير واجهات منصاتها الرقمية، لتكون سهلة الاستخدام وتوفّر خدمات رقمية تلبي احتياجات المستخدمين.

عندما تستخدم الجهات الحكومية مؤشرات الأداء لقياس التقدم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تنافس صحي بين الوزارات والإدارات المختلفة. هذا التنافس يمكن أن يحفّز الابتكار والبحث عن حلول إبداعية لتحسين الخدمات الرقمية. كما أسلفنا، إن النهج التكاملي والشامل الذي اتخذته السعودية في مجال التحوّل الرقمي، والذي يشمل جميع جوانب الحكومة والمجتمع، كان له دور كبير في تحقيق النجاح في هذا المجال. علينا الاهتمام بمؤشرات الأداء في سياق التحوّل الرقمي الحكومي، فهي بلا شك محركاته النفّاثة!

اللهم اغفر وارحم الغالية أم علي وأسكنها الفردوس الأعلى. «إنا لله وإنا إليه راجعون».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى