مأساة “الموقوفين الإسلاميين” إلى الواجهة من جديد!
كتبت إسراء ديب في موقع “لبنان الكبير”: يعود ملف الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة من جديد، بعد لقاء جمع لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين (ضمّت عضوَي المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الشيخ أمير رعد، الدكتور أحمد الأمين والشيخ نبيل رحيم مع عددٍ من أهالي الموقوفين) مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بحضور سياسي، قضائي، وأمني في السرايا الحكومية.
إنّ هذا اللقاء الذي شارك فيه كلّ من وزيرَي العدل القاضي هنري الخوري والداخلية القاضي بسام مولوي، ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار، كان تناول ملفات عدة يعتبرها أهالي الموقوفين أنّها من ضمن الأولويات التي ما تزال قيد الدرس منذ أعوام، وتتفاقم تداعياتها على السجناء صحيًا، نفسيًا واجتماعيًا بشكلٍ واضح.
ويعوّل اليوم أهالي الموقوفين على نتائج هذا اللقاء الذي كان إيجابيًا، إذ يُعطيهم جرعة من الأمل فقدت في ملفٍ “عويص”، كان شهد الكثير من اللقاءات والعلاجات المتنوّعة التي لا تحلّ الأزمة من جذورها، ولا تؤدّي إلى حلحلة ما قد تخفّف غضب أهالي الموقوفين على الإهمال الرسمي المقصود لهذا الملف.
ويمكن القول أنّ هذه اللقاءات كانت تُشعر أهالي الموقوفين أنّ وضع أبنائهم تحت “المجهر” الحكومي والعدلي، وما كانت كلّ هذه الاجتماعات والوعود السابقة سوى محاولة لإحداث ضجة موقتة تُخفّف احتقان الشارع الإسلاميّ ضدّ الهيئات والوزارات الحكومية لا سيما وزارة الداخلية ووزارة العدل، فهما ووفق بعض أهالي الموقوفين كانتا “ظالمتين ومجحفتين بحقّ الموقوفين في عهد بعض الوزراء”، في حين يرى مصدر سياسيّ أنّ هذه اللقاءات كانت وما تزال “طعمًا” انتخابيًا يُحرّك الأهالي الذين لم يستسلم أيّ منهم للإهمال السياسي والقضائي لهذه القضية التي أنهكتهم ماديًا، معنويًا، ووطنيًا أيضًا، وهذا ما دفع بعض السياسيين إلى استغلاله كضربة لتيّارات سياسية أخرى كانت تتمتّع بثقل شعبي في طرابلس في تلك المرحلة”، وفق ما يقول لـ”لبنان الكبير”.
وحسب المعطيات، فقد انتشرت منذ أعوام معلومات تُشير إلى إطلاق وعود تتمثل في تعهّد ميقاتي التكفل بمصاريف أهالي الموقوفين الإسلاميين كافّة، لكن الرئيس في الواقع دفع كفالات كلّ هؤلاء الموقوفين الإسلاميين عام 2012، وتمّ تسديدها حينها وقيمتها 7 ملايين ليرة لبنانية، ولم يتمّ الحديث منذ ذلك الوقت أو في ما بعد عن تعهّدات أو وعود رسمية من ميقاتي، مما قد يُدرج هذه الأقاويل ضمن إطار “الشائعات”.
لقاء ميقاتي مع الموقوفين
في لقاءٍ يصفه المجتمعون بأنّه كان إيجابيًا وجدّيًا، عرضت اللجنة ملفات عدة أظهرت الأوضاع الإنسانية “المأساوية” صحيًا واجتماعيًا للسجناء في لبنان، لا سيما في سجن رومية الذي يضمّ ما يُقارب الـ 5500 سجين، “ولا تقتصر هذه الملفات على تهمة الإرهاب التي تُلصق غالبًا بأهل السنّة مباشرة في حال وجدت صورة لأحد الشيوخ على هاتف السجين، أو إلى شخص ملتحٍ… لكنّها ترتبط أيضًا بواقع صحيّ وإنسانيّ صعب يُواجهه المتهمون ما وراء القضبان وهم من جميع الطوائف والانتماءات، مما يستدعي تدخل الدولة بشكلٍ عاجل لرفع الظلم ومعاملة السجين معاملة إنسانية مهما كانت تهمته، لأنّ الظلم سيزيد من حدّة المشكلة ولن يكون السجن موقعًا تأهيليًا لهم”، وفق ما يقول الشيخ نبيل رحيم لـ”لبنان الكبير”.
وتحدّثت اللجنة بمواضيع رئيسية ركّزت كثيرًا على الناحية الصحية، الغذائية، والقضائية كما على موضوع النساء والأطفال المحتجزين في شمال شرق سوريا وتحديدًا في المنطقة الكردية.
تفاصيل المطالب
وفي التفاصيل، يقول رحيم: “من الناحية الصحية، فإنّ الطبابة في السجن غير متوافرة والمريض يُعالج ويشتري الأدوية على نفقته، وإذا شعر بالآلام فيجب أن يدفع أهله 300 ألف ليرة لبنانية للبدء بعلاجها، وقد أثار وفاة السجين نعيم الحسن (من مخيّم نهر البارد) بذبحة قلبية خوف الكثير من الأهالي من الإهمال الطبّي الكبير الذي وصف حال الحسن بأنّها مجرّد غازات وفي ظلّ غياب الإمكانات الطبّية اللازمة ذهب ضحية الإهمال”.
أمّا من الناحية الغذائية، فيُؤكّد أنّ التغذية في السجن غير سليمة ولا تكفي المساجين، ويُضيف: “يُمنع الأهالي من إحضار الطعام لأبنائهم، لكن تسمح الدولة بشراء المنتجات والمأكولات من أحد المحلّات التي تبيع منتجات منتهية الصلاحية وغالية الثمن”.
ومن حيث الأحكام القضائية، تُطالب اللجنة بضرورة وضع حدّ للأحكام القاسية الصادرة بحقّ الكثير من الشبان، والتخفيف من السنة السجنية لتصل إلى 6 أشهر بدلًا من 9، مع تحديد الإعدام بـ25 عامًا، والمؤبّد بـ20 عامًا، إضافة إلى إعادة طرح قانون تخفيض العقوبات ما عدا تهمة الإرهاب، وهذا ما ستطرحه كتلة ميقاتي النيابية كمشروع قانون.
من هنا، يُشير أحد المصادر المتابعة لهذا الملف لـ “لبنان الكبير” إلى أنّه منذ فترة حكم على يحيى الجاسم بالسجن 20 عامًا وهو كان موجودًا في السجن منذ 7 أعوام تقريبًا، لكن وفق المصدر فإنّ الحكم بتّ من قبل رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن منير شحادة بملف لا علاقة لجاسم به، ويرتكز إلى تهمة تربطه بخلية تابعة لتنظيم داعش، على الرّغم من رفض قاضيين لهذا الحكم، وهو يتعرّض للتهديد المستمرّ بالضرب من إرهابيين”، فيما يُؤكّد مصدر أمنيّ لـ “لبنان الكبير” أنّ الجاسم “كان خطيرًا لأنّه كان يستهدف القيام بأعمال إرهابية وتورّط في ملفات عدّة…”.
وفي ما يتعلّق بموضوع النساء اللبنانيات والأطفال المحتجزين في سوريا، وتحديدًا في مخيم الهول – الحسكة، فيُؤكّد رحيم التواصل مع الأجهزة الأمنية كافّة لإعادتهم إلى لبنان وهي لم تُمانع عودتهم، لكن يحتاج هذا القرار إلى المرجع الحكومي، أي إلى المركز السياسي السنيّ في البلاد، وقد تعهّد ميقاتي التواصل مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لمتابعة هذا الملف، مع تعهّده متابعة أوضاع الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانيّة، كما تعهد مولوي متابعة تحسين الظروف الصحية والغذائية في السجون أيضًا.