رأي

مأزق أوكرانيا

بعدما انتهت هدنة عيد الفصح بين روسيا وأوكرانيا يوم الأحد الماضي دون تمديدها تصاعد القتال بين الطرفين، وشن الجيش الروسي سلسلة هجمات أسفرت عن تحرير أكثر من 99 في المئة من مقاطعة كورسك التي كان الجيش الأوكراني سيطر عليها في أغسطس/ آب الماضي، فيما شددت الولايات المتحدة من ضغوطها على كييف لحملها على القبول بتسوية سياسية تضع حداً للحرب المحتدمة منذ عام 2022.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعرب عن أمله أن تتوصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق هذا الأسبوع للمضي قدماً في عقد صفقات تجارية ضخمة مع الولايات المتحدة، فيما ذكرت وسائل إعلام أمريكية أن واشنطن زادت من ضغوطها على كييف، حيث قدّم الرئيس ترامب سلسلة مقترحات حول كيفية إنهاء الحرب الأوكرانية. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن المقترحات تضمّنت «اعترافاً أمريكياً محتملاً بضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، واستبعاد كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي»، وأضافت «أن واشنطن تنتظر رد كييف الذي من المنتظر أن يأتي في وقت لاحق هذا الأسبوع».
ترافق هذا الضغط مع الضغط السياسي الذي تمارسه واشنطن من خلال تصريحات لكبار المسؤولين الأمريكيين، إذ أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو يوم الجمعة الماضي «أن الإدارة قد توقف جهودها التفاوضية إذا لم يتم إحراز تقدم في القضايا الأساسية خلال الأسابيع المقبلة». وكان روبيو والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف والجنرال المتقاعد كيث كيلوغ الذي يعمل مبعوثاً أمريكياً لأوكرانيا قد التقوا يوم الخميس الماضي في باريس عدداً من كبار المسؤولين الأوكرانيين، حيث تم البحث في المقترحات الأمريكية الجديدة. وترافق التهديد الضمني لوزير الخارجية الأمريكي مع تهديد آخر للجنرال كيلوغ قال فيه «إن الولايات المتحدة سئمت ما يحدث في أوكرانيا»، لافتاً إلى أن «هناك مشاكل أخرى في العالم»، وأشار إلى أن كلام ترامب وروبيو بشأن الانسحاب المحتمل «يبدو قاسياً.. ولكن هذا هو الواقع». وأفاد موقع «إكسيوس» نقلاً عن مسؤولين أوروبيين بأن التهديدات الأمريكية بالانسحاب من عملية التفاوض حول أوكرانيا تستهدف على الأرجح كييف وليس موسكو.
لم تتأخر موسكو في الرد إيجابياً على تصريحات ترامب التي أعرب فيها عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق قريب، إذ قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن الرئيس الروسي بوتين قد أعرب مراراً عن انفتاحه على إيجاد حل سلمي للصراع، وقال «لا أرغب في الإدلاء بأي تعليقات الآن، لا سيما بشأن الإطار الزمني.. إن الرئيس بوتين والجانب الروسي لا يزالان منفتحين على البحث عن تسوية سياسية».
الانفتاح الروسي والحذر الأوكراني من مواصلة المفاوضات سببه أن ما يقدمه الجانب الأمريكي من مقترحات لا يتوافق مع الموقف الأوكراني المدعوم أوروبياً، والذي يصر على انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية بما فيها شبه جزيرة القرم، رغم أن المعطيات الميدانية تؤكد عدم قدرة أوكرانيا على استعادة أي جزء من الأراضي التي تحتلها القوات الروسية لا الآن ولا في المستقبل، إنما استمرار الحرب والمزيد من الخسائر البشرية والمادية، فيما ترى موسكو أن المقترحات الأمريكية تقترب من شروطها، وتحتاج إلى توثيق وضمانات.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى