كتبت صحيفة “الخليج”: بداية، ولتوضيح من هو إيتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي في حكومة نتنياهو التي تمثل أقصى اليمين المتطرف، فهو زعيم «القوة اليهودية» التي تمثل أحد أقوى أجنحة «الصهيونية الدينية» الممثلة بالحكومة. وبدأ نشاطه في سن مبكرة في «حركة كاخ» اليهودية المتطرفة التي أسسها الحاخام مائير كاهانا، المدرجة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة، وهو إضافة إلى ذلك معجب بباروخ غولدشتاين الذي قتل 29 فلسطينياً في المسجد الإبراهيمي في الخليل عام 1994، وله صورة معلّقة في منزله بمستوطنة كريات أربعة، كذلك كان من بين المحرضين على اغتيال اسحق رابين عام 1995. وقد دِين عام 2007 بالتحريض على العنصرية بسبب حمله لافتة كتب عليها «اطردوا العدو العربي»، وهو لا يتوانى عن الدعوة لقتل الفلسطينيين.
هذا هو بن غفير الذي قام يوم أمس باقتحام وتدنيس المسجد الأقصى، ودعوة اليهود للصعود إلى ما يسمى «جبل الهيكل»، أي إلى المسجد، باعتباره «المكان الأكثر أهمية لشعب إسرائيل»، كما يدّعي.
كان من البديهي أن يلقى هذا الانتهاك شجباً عربياً ودولياً واسعاً باعتباره يمثل عدواناً صارخاً على واحد من أقدس مقدسات المسلمين، وهو انتهاك للوضع القانوني الدولي والتاريخي، ولكل القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وخصوصاً المقدسات الإسلامية. وكان من البديهي أيضاً أن ترفع دولة الإمارات صوتها عالياً بالشجب والإدانة لهذا الاقتحام الذي تم بحماية قوات الأمن الإسرائيلية، داعية لتوفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى، ووقف الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية فيه، وعدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة الأوقاف وشؤون المسجد الأقصى.
في قراءة أولية لهذا الانتهاك وتداعياته، فهو ليس مجرد استفزاز للفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي وتدنيس للمحرمات الإسلامية، إنه أيضاً تعبير عن نهج إسرائيلي غاية في التطرف يتضمنه برنامج الحكومة الجديدة، التي أعلنت أن من أوّلياتها توسيع الاستيطان في كافة مناطق الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس، وشرعنة البؤر الاستيطانية القائمة، بما يعنيه ذلك من فرض للأمر الواقع وتهويد الأرض الفلسطينية بالكامل، وتهجير واسع للفلسطينيين في النقب ومناطق فلسطينية أخرى، وسد كل منافذ السلام الممكنة، والقضاء المطلق على فكرة قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وفقاً للمبادرة العربية للسلام، وقرارات الشرعية الدولية.
إن خطوة بن غفير المجنونة هذه، هي تعبير عن مبادئ تعتنقها الحكومة الإسرائيلية الحالية بكل ما تحمله من مخاطر قد تؤدي إلى تفجير الساحة الفلسطينية وتسرّع في قيام انتفاضة جديدة حذّر منها أكثر من مسؤول إسرائيلي، ومن بينهم رئيس الوزراء السابق يائير لابيد الذي قال إن مثل هذه الزيارة «سوف تؤدي إلى العنف لأنها تمثل استفزازاً يهدد حياة الناس ويودي بحياة البشر».
المؤشرات تدل على أن المستقبل قاتم جداً في ظل حكومة نتنياهو الحالية، وأن الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة بعيد المنال