رأي

لو كنتُ نازحاً سوريّاً

كتب عماد موسى, في “نداء الوطن” :

لو كنت نازحاً سورياً صالحاً، سليل عائلة آمنت بالفريق حافظ الأسد وبالحركة التصحيحية وبايعت الدكتور بشّار حافظ الأسد رئيسا وتراهن على حافظ بشار حافظ الأسد (23 سنة) لتكملة المسيرة، لعدت اليوم قبل الغد إلى حمص، إلى مسقط رأسي وملاعب صباي، أو إلى أي بقعة من بقاع بلدي المحرر.

لو كنت نازحاً سورياً معارضاً لبيت الأسد، لعدت إلى عفرين أو أعزاز أو دير الزور أو أي بقعة لا تدين بالولاء للبعث وأدواته. خيمة قرب أطلال بيتي أفضل من خيمة بسهل البقاع.

أن أكون نازحاً سوريا معدماً فهذا لا يعني أن أتحوّل متسولاً أو نصّاباً على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئن السوريين والجمعيات المانحة، أقبض في بيروت وأفشّخ في الشام.

لو كنت نازحاً سورياً لما قبلت على نفسي أن تسمع زوجاتي وأولادي كل يوم ألف كلمة من اللبنانيين تمس بمشاعرهم الإنسانية وبحقوقهم الطبيعية ولوضبت أمتعتي من دون التلفّت إلى الوراء. والله يدبّرني وعيالي في سورية.

لو كنت نازحاً سوريّاً لرفضت طريقة تعامل الشرطة البلدية، في غير منطقة، معنا نحن السوريين،وكأننا حملة أوبئة أو شذاذ آفاق.

لو كنتُ نازحاً سورياً لما فكرت بالسفر إلى بلاد لا تشبهني في ثقافتها وتقاليدها.

لو كنت نازحاً سورياً لاحترمت قوانين لبنان بالحسنى كما أحترم قوانين سورية بالعصا.

لو كنت نازحاً سورياً لما تحملت الإهانات اللفظية والنظرات الفوقية التي تلاحقنا في لبنان أينما اتجهنا وأينما حللنا. بقدر ما نحن منفتحون بقدر ما نلاحظ كراهية اللبنانيين لنا وتصرفاتهم العنصرية تجاهنا. في سورية كلمة «ولا حقير» لا نسمعها!

ويفاجئني كنازح سوري أن كلما ارتكب أخ لنا جريمة قتل أو سرق محصول شجرتي زيتون في دير ميماس تقوم القيامة علينا. وهل كنا لنسرق أو لنقتل لولا الحاجة؟

لو كنت نازحاً سوريّاً لاعترضت بشدة على منعنا من ممارسة الطب والهندسة والمحاماة والصيدلة والتعليم. فهل حُكم علينا أن نعمل بالزراعة وورش البناء والعمل كنواطير عند الذوات؟

لو كنت نازحاً سورياً لطالبت بتأمين ضمان الشيخوخة لنا كمواطنين كي لا نتبهدل في آخرتنا. لن نترك لبنان مهما العالم قالوا.

لو كنت نازحاً سوريا لتمنيت على وزير الداخلية إنزال أسمائنا في لوائح الشطب، بحسب مكان الإقامة عملاً بحق المساواة. ولماذا بنت قصقص تنتخب في دائرة بيروت الثانية وبنت دير الزور لا تنتخب في بيروت الأولى؟

لو كنت نازحا سورياً لما شعرت بذلك. فأنا أقيم في المحافظة الخامسة عشرة. شو طرطوس وشو لبنان؟ شعب واحد في محافظتين.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى