كتب حسين زلغوط خاص رأي سياسي
في الوقت الذي كان فيه لبنان منهمك بالإعتداءات الاسرائيلية على الجنوب، وترقب ما إذا كانت هدنة غزة ستنسحب على الجبهة الجنوبية ، فوجىء كبار المسؤولين اللبنانيين بكلام للمبعوث الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان قاله في حديث مع اذاعة “فرانس انفو” الفرنسية، وجاء فيه انه سيعود الى لبنان قريباً ، ولفت الى انه ليس مطمئناً الى الوضع في لبنان نظرا للاحداث الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط، والحرب تطرق ابوابه ولا يوجد رئيس للجمهورية والمجلس النيابي لا يجتمع، لذلك من الضروري التخلي عن عقلية المنافسة وانتخاب رئيس للجمهورية.
هذا الكلام لرأس الدبلوماسية الفرنسية الأسبق شكل مفاجأة للبنانيين المنشغلين بكل شيء إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، وقد بادر معظمهم للتواصل مع قنوات فرنسية للإستفسار عن خطوة لودريان، وما اذا كانت زيارته هي نتيجة معطيات معينة بحوزته من شأنها ان تعبد الطريق الى قصر بعبدا امام شخصية يتم التوافق عليها، أم ان ما سيقوم به مجدداً مجرد رغبة فرنسية في نفض الغبار عن ملف الاستحقاق الرئاسي، علّ التطورات الخطيرة التي تعصف بالمنطقة ومن ضمنها لبنان تكون حافزاً لدى اصحاب القرار في هذا البلد لتبادل التنازلات بما يؤدي الى إيجاد قواسم مشتركة تنتهي بطي الأزمة الرئاسية والإنصراف الى تحصين الساحة الداخلية ليكون لديها القدرة المطلوبة لمواجهة التحديات.
وإذا كان القرار الفرنسي بإعادة الحرارة الى خط التواصل مع اللبنانيين قد لاقى ارتياحاً لدى بعض المسؤولين كونه سيضخ من جديد جرعات الأمل بانتخاب رئيس، الا ان هذا الأمر تعاطى معه البعض الآخر بحذر شديد، داعين الى انتظار ما اذا كان يحمل لودريان معه اية أفكار جديدة، أم انه يريد العودة واجراء محادثات من حيث انتهى في زيارته الاخيرة الى لبنان في شهر أيلول الماضي، لأنه اذا كان الحال كذلك فان هذا سيزيد من حال الإحباط التي يعاني منها اللبنانيون ومعهم كل المتعاطين بهذا الملف.
ووفق المعطيات المتوافرة عن اجواء الزيارة المرتقبة للودريان في بحر هذا الاسبوع، ما لم يستجد اي تطور يمنع ذلك، فإن الموفد الرئاسي الفرنسي قادم من جديد الى بيروت لإحياء مبادرته من حيث انتهت اليه، وانه استفاد من المرحلة الفاصلة عن الزيارة الاخيرة لإعادة تجميع أفكاره والتمعن في الأجوبة التي نالها من الكتل النيابية التي وجهها اليهم في الرابع عشر من آب الماضي بمعزل عن التطورات الجديدة في المنطقة، وهو سيحث المسؤولين على تحصين الساحة المحلية كون أن لبنان لا يستطيع تحمل الكثير من الإنكشاف السياسي في ظل المخاطر المحدقة بالمنطقة وأن عليهم الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.
وتقول مصادر سياسية أن ما تملكه من معلومات حول الزيارة يؤكد ان الموفد الفرنسي لا يحمل في جيبه اي مبادرة جديدة للحل، وأن جل ما سيقوم به هو توجيه رسالة تحذيرية الى القادة اللبنانيين بضرورة تحمّل مسؤولياتهم في هذه المرحلة الصعبة، سيما وأن الرياح التي تهب على المنطقة في الوقت الراهن ستحمل معها متغيرات جوهرية في أكثر من مكان، وهذا يتطلب ان يكون لبنان محصناً بمناعة تبعد عنه تبعات هذه المتغيرات، وهذا لا يمكن أن يتم الا بوجود رئيس في قصر بعبدا، وحكومة مكتملة الأوصاف تكون قادرة على أخذ القرار تجاه أي استحقاق داخلي أو خارجي .
وتلفت المصادر النظر الى أن برنامج لقاءات لودريان لن يحمل المفاجآت، بمعنى أن زياراته ربما تكون للشخصيات السياسية ذاتها التي التقاها في زيارته الماضية، من دون ان يكون هناك اي معطى يفيد بأن أي من الأفرقاء الأساسيين في وارد التراجع عن مواقفه السابقة، لا بل إن ما يرشح من معلومات حول ما يقال في الصالونات الضيقة يرجح أن ينتهي هذا العام والشغور متربعاً على الكرسي الرئاسي في قصر بعبدا.
.
.