رأي

لوحة غزّة

كتب د. عادل فهد المشعل في صحيفة الراي.

تابعتُ أحداث غزة عبر مختلف وسائل الإعلام فتكونت في مخيلتي لوحة تحمل اسم «غزة»، وهي تحمل عناصر متضادة من الألوان والرموز وما فعله الغزاة بالأبرياء أصحاب الأرض، فكانت الدماء وكان الدمار وكانت المقاومة التي فاجأت العالم وليس العسكريين فقط.

إن العناصر التي ضمتها تلك اللوحة لا يمكن أن تكون بقدر مأساة غزة وهي مأساة إنسانية وإسلامية وعربية وفلسطينية ساهم كل في تكوينها بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر الدعم والمقاطعة والدعاء.
يعتقد البعض جهلاً على أن المدرسة الواقعية هي الأفضل والأقرب في التعبير عن المواضيع المختلفة بشكل عام وعن المواضيع الإنسانية والمآسي بشكل خاص، بينما تبقى الحداثة والسريالية والرمزية هي الأكثر إبداعاً بعيداً كل البعد عن المباشرة والتقليدية ولا أرفض تلك المدرسة الواقعية التي ساهمت في بدايات الكثير من الفنانين على مستوى العالم.

وقال لي صديقي الأكاديمي المهتم بالفنون إنه يوجد الكثير من اللوحات التي تناولت الحروب منها لوحة الفنان الألماني بيتر بول روبنز، الذي توفي في عام 1648م وقد رسم لوحته «أهوال الحرب» في عام 1638م أثناء حرب الأعوام الثلاثين التي مزقت أوروبا، وتضم اللوحة الدروع العسكرية وصورة امرأة ترتدي ملابس الحداد، وهناك لوحة للرسام الإسباني فرانسيسكو دي غويا، الذي رسمها في عام 1814م دعماً للحركة الإسبانية للاستقلال، وتأتي لوحة «الجندي والموت» للفنان النمسوي هانز لاروين، حيث رسم فلسفته في الحرب العالمية الأولى، ناهيك عن وحشية الحرب عبر الألوان المظلمة الكئيبة والألوان الزيتية والبنية والضوء المسلط على الموت في اللوحة، ومعها لوحة الفنان التشكيلي الأميركي جون سينجر سارجنت، حيث تناول أثر غاز الخردل، فكانت لوحته «المصابين بالغاز»، حيث يبدو الجنود معصوبي الأعين لأنهم أصيبوا بالعمى جراء الغاز السام، وكذلك لوحة تحمل اسم «الحرب» للفنان الألماني أوتو ديكسن، الذي شارك في الحرب العالمية الأولى فرأى بأم عينه أهوال الحرب ولا ننسى بيكاسو، ولوحته التي تحمل اسم «غيرنيكا» وهي لوحة وقفت ضد الحرب، وتلك اللوحات للذكر وليس للحصر.

ولطالما هناك حروب فإن هناك حركة ثقافية تتناولها مهما كانت فترة الحرب طويلة أو قصيرة ومنها الاحتلال العراقي الغاشم للكويت، حيث كانت هناك نتاجات أدبية لمختلف الأجناس الأدبية بدءاً بالشعر مروراً بالقصة القصيرة والرواية وهو ما يسمى «أدب الحرب»، ومعه الفن التشكيلي بعناصره المختلفة مثل الرسم والنحت والخزف.

وبالتالي، فان أحداث طوفان الأقصى كفيلة بأن تحفز الفنان التشكيلي الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي على تناول تلك المأساة التي اشترك بها الجميع، إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر سواء مع الطرف الفلسطيني صاحب الحق أو مع الطرف الآخر، وما سيقوله التاريخ عنهم.

همسة:

سوف تبقى لوحة «غزة» محفورة في ذاكرة العالم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى