اقتصاد ومال

«لن يثق العالم ببياناتنا»… ترشيح ترمب رئيس «الإحصاءات» يقلق الأسواق

أثار قرار الرئيس السابق دونالد ترمب إقالة رئيسة مكتب إحصاءات العمل بعد تقرير وظائف مخيب للآمال صدر مطلع الشهر الحالي، مخاوف المستثمرين من احتمال تسييس أكثر البيانات الاقتصادية أهمية في العالم. وزادت هذه المخاوف بشكل أكبر مع ترشيح ترمب إي جاي أنتوني، المدافع الشرس عن سياسات الرئيس الاقتصادية، لقيادة المكتب.

«إي جاي أنتوني»: ترشيح يثير الاستياء حتى من اليمين
وصف ستان فوغر، الزميل البارز في معهد «أميركان إنتربرايز» اليميني، ترشيح أنتوني بأنه «عكس المتوقع تماماً»، وفق ما ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز». وقال فوغر: «كان الأمل أن يختار شخصاً يثق فيه الناس ويمكنه قيادة المكتب بطريقة مناسبة، مع خبرة ذات صلة، وبشكل مثالي، لا يكون شديد الانحياز. لكن إي جاي أنتوني هو عكس ذلك تماماً». وأضاف أن «حتى المتعاطفين مع آرائه الاقتصادية لا يعتقدون أنه مؤهل».

يأتي ترشيح أنتوني، وهو اقتصادي في مؤسسة «هيرتاج» المحافظة – والتي تقف وراء «مشروع 2025» لخطة ترمب لولايته الثانية – بعد أقل من أسبوعين من إقالة ترمب إريكا ماكنتارفر. وزعم ترمب حينها، دون تقديم أي دليل، أنها «تلاعبت» بتقرير الوظائف لشهر يوليو (تموز)، والذي أظهر أن سوق العمل أضعف مما كان متوقعاً.

وقال ترمب إن أنتوني، الذي يحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ الأميركي، سيضمن أن «الأرقام الصادرة ستكون صادقة ودقيقة». لكن حتى الاقتصاديين من اليمين يشككون في قدرة رجل يصفونه بأنه «أداة غير كفؤة للرئيس» على تحقيق هذه المهمة.

تداعيات خطيرة على صدقية البيانات
مكتب إحصاءات العمل هو مؤسسة مستقلة تضم حوالي ألفي موظف، وتصدر تقرير الوظائف الشهري ومؤشر أسعار المستهلك. وتعتبر هذه التقارير من أهم البيانات للمستثمرين العالميين الذين يحاولون فهم صحة أكبر اقتصاد في العالم، وتُستخدم في كل شيء من تحديد مدفوعات التقاعد في الولايات المتحدة إلى سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

ويشعر الخبراء بالقلق من أن يؤدي ترشيح أنتوني إلى تقويض الثقة في هذه البيانات. وعلقت فيليبا دون، الخبيرة الاقتصادية في «تي إل آر أناليتيكس»، بالقول: «ما سيحدث هو أن بقية العالم لن يثق ببياناتنا. وإذا لم يثقوا بنا، فلن يقرضونا المال».

يذكر أن أنتوني وصف بيانات المكتب سابقاً بأنها «كلام فارغ»، واقترح إلغاء تقرير الوظائف. وعندما سلطت قناة «فوكس نيوز» الضوء على هذه التعليقات، فقد الدولار بعضاً من قيمته.

الانقسام بين الخبراء بشأن التأثير الفعلي
رغم هذه المخاوف، يرى بعض الاقتصاديين أن تعيين أنتوني لن يؤثر بالضرورة على البيانات. ويقول ستيف هانكي، الأستاذ في جامعة جونز هوبكنز ومستشار اقتصادي سابق لرونالد ريغان: «مكتب إحصاءات العمل لديه طريقة عمل محددة لكيفية جمع البيانات والإبلاغ عنها. من هو على رأس الهرم ليس له علاقة كبيرة. البيروقراطية والنظام هما ما يحددان ما يحدث». وأضاف هانكي: «فكرة التلاعب الصارخ بالبيانات هي مجرد هراء بصراحة».

لكن محللين آخرين يحذرون من أن شك السوق في استقلالية المكتب قد يدفع المستثمرين للتحول إلى مزودي البيانات الخاصة. ويقول جو بروسيلاس، كبير الاقتصاديين في «آر إس إم»: «شعوري هنا هو أن التعيين المحتمل لأنتوني سيخلق ظروفاً يبدأ بموجبها المستثمرون والمشاركون في السوق في التشكيك في صدق وموثوقية بيانات المكتب».

ويحذر ديريك تانغ، الاقتصادي في «إل إتش ماير»، من سيناريو مشابه لثورة الكابلات والإنترنت، حيث يختار الناس مصادر تتناسب مع وجهات نظرهم المسبقة. وقال: «الجميع سيخلق حقيقته الخاصة».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى