لماذا نلقي باللوم دائماً على الغرب؟!

كتب فخري هاشم السيد رجب في صحيفة القبس.
هل كنا بحاجة إلى كل هذا الوقت لنقول لقد كشف العري السياسي الغرب على حقيقته، بدءاً من دعمه لكيان غاصب وانتهاء باحتقاره القوانين الدولية. هذا الغرب المتعدد الوجوه، ديموقراطيا، حيث هو في بلده يمارس القانون في أدق تفاصيله، بينما لا يقيم وزنا في الخارج حتى للطفولة التي تذبح يوميا بسببهم وبأدواتهم، وهي مستمرة منذ عقود بدعم وتكريس غربي قوي لسياسة الاحتلال والاستيطان والذبح وتخريب وتدمير دول بأكملها، عابثين بإرادة الشعوب.
تحالف غربي لعب ويلعب دور الشراكة في حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، هذه السياسة القديمة الحديثة تجاه شعوب آسيا وأفريقيا، التي اعتمدت أساسا على بث روح التفرقة مستندة وبدهاء إلى الأسس الدينية، واختلاف المذاهب والطوائف والقبائل وما شابه.
والمريب في الأمر ورغم اتضاح هذا الأسلوب الرخيص، فإننا مازلنا كشعوب عربية على الأقل، بعضنا يتجاوب مع هذه الأفكار والمخططات، علما أن الراسم لهذه اللوحة لا يهمه إلا المشهد الأخير، وهو الدمار.
أين نحن؟ ولماذا نلقي باللوم دائما على الغرب؟!
اليوم، وبعد إثبات المقاومة لأحقية القضية، ورغم الدعم الشعبي والإنساني في الغرب وتبني دولة جنوب أفريقيا للقضية أمام محكمة العدل الدولية، مازالت دولة الاحتلال تستفيض في انتهاكاتها لأدنى حقوق الإنسان، ضاربة عرض الحائط بكل المواقف الدولية، فبالأمس القريب قصف ودونما رادع مراكز إيواء، وهي عبارة عن مدارس للأطفال لتبيد عائلات بأكملها، بينما يتحاذق الكاذبون بمبادئ الشرعية الدولية.
ما حققته المقاومة كان إنجازا ربما غَيَّرَ قواعد الاشتباك كاملا، ولعله يغير منحى الحرب القديمة – الجديدة، بعد أن أتقنت المقاومة ومن يساندها التعامل مع القضية بشكل مختلف ينسجم مع التطورات الحاصلة من الأرض، وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، الأمر الذي ساعد على الاصغاء لها والتفاعل معها، غضبا شعبيا، حتى وسط أوروبا، لقد تمكنت الحرب في غزة من إحياء محور المقاومة، فهل هناك استعداد لتغذيته والوقوف معه ودعمه؟ أجزم بالنفي.
ما دمنا قد اعتدنا على تحميل المسؤولية للغير متناسين كل حالات التواطؤ ومبررين أحيانا أخرى.
في عام ١٩٤٨ ارسلت الأمم المتحدة مبعوثها برنادوت لإيجاد حل يقبله العرب الذين هُزمت جيوشهم من مصر وسوريا والعراق وغيرها، أمام العصابات الصهيونية التي أعلنت قيام دولة (إسرائيل) على انقاض فلسطين، كانت مهمته إيجاد حل ما يقبله مؤسسو الدولة الجديدة والعرب الفلسطينيون الذين تحولوا إلى لاجئين تجاوز عددهم اربعمئة الف، كان الوسيط السويدي مصدوما من رؤية الفلسطينيين في لبنان وسوريا يعيشون في خيام بلا مدارس، ولا أموال ولا دواء، شعب فقد كل شيء.
طرح الكونت بقاء القدس بكاملها تحت السيادة العربية وعودة اللاجئين واستعادة ممتلكاتهم، وفي السادس عشر من سبتمبر اصدر برنادوت اول تقاريره، وجاء فيه ليس من العدل حرمان الفلسطينيين من أراضيهم، بينما اليهود يأخذون ارضهم ومنازلهم.
وبعد يوم واحد، اي السابع عشر من سبتمبر، اغتيل برنادوت بثلاث طلقات اخترقت قلبه على يد العصابات الصهيونية (يزرائيل إلداد، وفيردمان، واسحاق ناتسكي الذي أصبح رئيس وزراء إسرائيل السابع تحت اسم اسحاق شامير).
ملك السويد الحالي هو عم برنادوت وقد اتخذ موقفا قاطعا بعدم زيارة دولة الكيان حاملا اعتبارا كبيرا لابن اخيه، ونحن لنا مئات الألوف من الضحايا، بل اصبح العدوان خبزا يوميا من هذا الكيان، ومازلنا غير قادرين على حسم موقفنا… فهل من امل؟ العلم عند الله.