لماذا لا نبكي؟
كتبت فاطمة المزروعي في صحيفة البيان
من بين الأسئلة التي أصبحت تتردد كثيراً خلال الآونة الأخيرة، وخاصة في خضم الأحداث التي يعايشها المواطن العربي، لماذا لا نبكي جميعاً؟
خاصة ونحن نعاني من الكثير من الضغوط النفسية من واقع الحياة الاجتماعية التي نعيشها جميعنا، ونلمس في ثناياها العديد من القصص الحزينة، أو المواقف المؤلمة، ولا يستثنى من هذه العاطفة أي إنسان، بل الجميع معرض للحزن.
لا تعتقد أنك الوحيد الذي يشعر بالحزن والألم، بل هناك الكثير من البشر ممن يعانون من البؤس والحزن، سواء بصمت أو بكاء عالٍ، ولكن كم واحداً منا جعل من الأحزان وقوداً تدفع به للأمام نحو مستقبل مشرق مبهر؟ كم واحداً منا تمكن من التغلب على الأحزان وانتصر، وواصل مسيرته دون انكسار أو تراجع؟.
يقول الروائي الليبي وأستاذ الدراسات النقدية، إبراهيم الكوني: «ليس من إنسان عظيم دون امتحان عظيم، وليس من إنسان عظيم دون ألم عظيم». البعض يستنكر البكاء وذرف الدموع، وتعتبر بعض الثقافات أن البكاء طبيعة أنثوية، ونسمع منذ طفولتنا الكثير من العبارات الموجهة للذكور، مثل عبارات:
«يجب ألا تبكي لأنك رجل»، وأن البكاء لا ينفع للرجال، وللأسف هذه المفاهيم دخيلة على الطبيعة الإنسانية، بل تتنافى مع الفطرة، ومع سياق البشرية، وما تعارفت عليه الفطرة، وخير دليل على ذلك، قصة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، إثر وفاة طفله إبراهيم، عندما قال:
«تدمعُ العينُ ويحزنُ القلبُ ولا نقولُ ما يسخطُ الرَّبَّ». إن قيمة البكاء لها أهمية كبيرة على الإنسان، وتساعدنا على تخطي مشاكلنا، ولعلي أختم بالأبيات الشعرية الشهيرة لابن الرومي، وقد كتبها عند وفاة طفليه فقال: «بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي، فجودا فقد أودى نظيركما عندي». نعم، الدموع لن تعيد من الموت، ولكنها تساعد على تنقية الروح والعقل.