لماذا تطييف الخلافات السياسية والقضائية؟
كتب صلاح سلام في جريدة”اللواء”:
“لم تشفع المعاناة اليومية الضاغطة على الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، لدى قيادات سياسية وروحية التي تُصر على إضفاء الطابع الطائفي البغيض على الخلافات السياسية، وما أكثرها هذه الأيام، مما يزيد الأجواء تأججاً، ويُبرر الخطابات الشعبوية، التي لا تخلو من أساليب التحريض الرخيص ونكأ الجراح الدفينة.
الوضع اللبناني المتدحرج في مهاوي الأزمات والإنهيارات، أحوج ما يكون إلى التهدئة، وتبريد الرؤوس الحامية، والعمل على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بأقل قدر ممكن من التوتر، تفادياً للوقوع في المحظور في حال خروج التصعيد عن السيطرة، وإنتشار الفوضى في طول البلاد وعرضها.
إنفجار الخلاف بين المدعي العام التمييزي غسان عويدات والمحقق العدلي طارق البيطار، كاد أن يتحول إلى مواجهة طائفية مريرة، بسبب تدخل أطراف من خارج القضاء في الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك، وكأنها تصب زيت التحريض على نار الحملات المتبادلة، عوض أن تحترم الشعارات التي ترفعها ليل نهار في ضرورة تحقيق إستقلالية القضاء، وإحترام خصوصية القضاة، وتحريرهم من سطوة المنظومة السياسية، ومن الولاءات الطائفية والحزبية.
وبموازاة اللغم القضائي المتفجر، تحوّلت جلسات مجلس الوزراء إلى مادة خلافية ملتهبة بالنيران الطائفية، بعد الحملات المفتعلة للنائب جبران باسيل ضد رئيس الحكومة بحجة «إغتصاب» صلاحيات رئيس الجمهورية ـ كذاـ كلما دعا لجلسة إستثنائية للحكومة لمعالجة ملف مُلحّ وإستثنائي، مثل ملف سلفة الكهرباء والإفراج عن بواخر الغاز والفيول، وكما قد يحصل الأسبوع المقبل بالنسبة لإنقاذ العام المدرسي والجامعي، في إتخاذ القرارات الكفيلة بإنهاء إضرابات المعلمين وأساتذة الجامعة اللبنانية.
المفارقة المحزنة فعلاً أن بعض الذين يعترضون على إجتماعات حكومة تصريف الأعمال في ظل الشغور الرئاسي، يتحملون الجزء الأكبر من مسؤولية تعطيل الإنتخابات الرئاسية، كما بدا واضحاً في المؤتمر الصحفي الأخير لباسيل، الذي شن حرباً لا هوادة فيها ضد المرشحين المُحتملين في السباق الرئاسي، وخاصة قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ليعلن في نهاية كلامه عن إمكانية جدّية لخوضه غمار المعركة الرئاسية!
بقي أن نقول لمن يعنيهم الأمر: إتقوا الله في هذا الوطن المنكوب، وإرحموا هذا الشعب المقهور.“