لماذا القتال في غزة لماذا الحرب في الجنوب؟
كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.
من أجل ماذا تحارب «حماس»؟ ومن أجل ماذا ينخرط «حزب الله» في معركة الدفاع عنها؟ بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر على هجوم «طوفان الأقصى»، انحصرت مطالب الحركة الفلسطينية بثلاثة عناوين: وقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع والحفاظ على سلطة «حماس» فيه، إضافة إلى مطلب الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين مقابل إطلاق من تبقّى من سجناء إسرائيليين جرى نقلهم إلى غزة بعد هجوم 7 تشرين.
مطالب «حزب الله» في المقابل، من أجل وقف عملياته على الحدود اللبنانية الجنوبية، تقتصر على تبنّي طروحات «حماس» ويختصرها بوقف الحرب على غزة مقابل إسكات الجبهة والعودة إلى حالة ما قبل الحرب.
يحصل ذلك بعد أن أسفرت عملية «الطوفان» عن تدمير غزة وتشريد كلّ سكّانها البالغ عددهم نحو مليوني إنسان، وبعد مصرع ما يقارب الثلاثين ألفاً من المواطنين، وجرح وإصابة أضعاف هذا الرقم، وتحويل مدن القطاع ومخيّماته إلى خراب يقيم سكانها في خيام الجوع والفاقة.
وفي الجنوب اللبناني دفع اللبنانيون أثماناً باهظة. نحو مئتين من المواطنين قتلتهم غارات الإسرائيليين المدمّرة. قرى بكاملها جرى تهجير أهلها، بعد تحويل منازلهم إلى ركام. عشرات الآلاف لجأوا إلى أماكن آمنة، وبلاد تقف على حافة عدم اليقين.
في الحالتين قصور هائل بين الأثمان المدفوعة وأهداف الحرب. كان شكل هجوم «حماس» في 7 تشرين يوحي بمعركة تحرير شامل ومنتظر، فإذا به ينتهي إلى مطلب الإبقاء على سلطة خاصة في غزة، ونسيان التضحيات المدفوعة والتي ستذهب هباء فقط لأنّ طرفاً قرّر خوض حرب في لحظة تجلٍّ. بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر من الصمود الدموي في غزة، كان يجدر بالفصيل المقاتل أن يقول شيئاً آخر في السياسة كي لا تذهب الدماء الغزيرة هباءً.
العالم كله يتحدث الآن عن حل الدولتين، لكن الفكرة لا ترد في برنامج «حماس». «الحركة» تقاتل من أجل بقائها، وليس من أجل البرنامج الوطني الفلسطيني الممكن والذي يحوز الآن إجماعاً عربياً ودولياً فريداً. المطالبة بالدولتين الآن، مع مطلب وقف الحرب، وحدها تعطي للتضحيات معنى وللحرب معنى وجدوى، فتكسب تأييداً افتقده النضال الفلسطيني سنوات.
ثم كي تكون لمساندة جبهة الجنوب اللبناني قيمةً وفائدة، أليس الأجدى، في خضمّ حساب التضحيات المفتوح، طرح المطالب اللبنانية في استعادة المزارع والنقاط المختلف عليها وتثبيت الحدود الدولية بدلاً من الاكتفاء بدعم مطالب «حماس» الطامحة فقط للعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل تشرين الماضي؟
أسئلة تستحق التفكير والأجوبة المقنعة، قبل أن تكبر المجزرة ويدفع الجميع مزيداً من الأثمان الفادحة.