لماذا أسقط القضاء العراقي اتفاقية الملاحة مع الكويت؟
كتب أحمد الدواس في صحيفة السياسة.
بعض السياسيين العراقيين يريد تحقيق مكاسب انتخابية من خلال إثارة المشكلات مع الكويت، فانتخابات المحافظات العراقية المقبلة مقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، لذلك ضغط هؤلاء السياسيين على القضاء الذي ألغى اتفاقية الملاحة مع الكويت المبرمة عام 2014، واشترط أنها تحتاج لموافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
إذن المسألة مسألة انتخابات، ولم يكن هناك داع لإثارة التوتر مع الكويت.
قالت الدكتورة يريفان سعيد، وهي باحثة زائرة في معهد الخليج العربي في واشنطن: “إذا ظل النزاع الحدودي دون حل، فقد يتفاقم الوضع بالنسبة للكويت في السنوات المقبلة ما يثير المخاوف بشأن التصعيد المحتمل في المستقبل”.
لقد تسامت الكويت فوق جروحها، وساهمت بدورإنساني لمساعدة العراق، وهناك مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، يشارك معه القطاع الكويتي الخاص.
هناك عراقيون شرفاء ولا شك، من بينهم مسؤولون ومفكرون لا يريدون إثارة القلاقل مع الكويت، كما ان الجالية العراقية في الكويت تكن المحبة للبلد، بدليل أنها تبرعت بالدم في 20 إبريل 2020، في مبادرة أبناء الرافدين التطوعية الرابعة للتبرع بالدم، والتي جاءت تحت شعار “الكويت تستاهل…دماؤنا لأشقائنا”.
إن كانت ثمة مخاوف على الكويت فلنفعل مثل ما فعلت البحرين، التي اتخذت قراراً شجاعاً بتقوية علاقاتها مع بريطانيا، وأنشأت قاعدة عسكرية بريطانية في ميناء سلمان، وهذا الميناء هو أيضاً مرسى للأسطول الخامس الأميركي، بحيث تدخل هذه القاعدة مدمرات حربية وحاملات الطائرات.
في يوم 7 يناير 2013، كتبنا مقالة نشرتها “السياسة” بعنوان “الخطر المحتمل من الشمال” قلنا فيها: لا نود أن نكشف عن أوراقنا جميعها، ولا عن المصدر الأجنبي الذي استقينا منه المعلومات، وإنما نقول إن العراق الآن منشغل بأزمته السياسية، لكن خلال الفترة المقبلة سيقوى طرف على حساب طرفٍ آخر، وتتأجج مشاعر إحدى الطوائف في جنوب العراق بفعل التوترات الإقليمية، وهناك احتمال ان يهدد العراق دولة الكويت بمزاعم ان ميناء مبارك الكبير يهدد مصالحه التجارية، وان الكويت جزء من أراضيه”، انتهى ما قاله المصدر، وفي أوائل شهر فبراير 2017 خرجت مظاهرات واحتجاجات في العراق بخصوص موضوع خور عبدالله.
أنا لا أتحدث عن خور عبدالله، إنما عن الحدود، واحتمال ان يهدد العراق الكويت مستقبلا، ومن المعروف ان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، بشأن الحدود الدولية بين البلدين يقضي باحترام الحق في المرور الملاحي لكلا الطرفين، وأن الحدود العراقية – الكويتية هي أكثر حدود العالم دقة واعترافاً، ذلك ان هيئة الأمم المتحدة هي من تولى ترسيمها وفقا لقرار مجلس الامن رقم 833″.
حسناً تفعل الكويت عندما نراها تقوي علاقاتها مع بريطانيا وأميركا، واعتبار الكويت حليفاً خارج حلف الـ”ناتو”، ففي يوم 17 يناير 2004 ساد ارتياح رسمي وشعبي في الكويت عند إعلانها حليفاً لأميركا، فلا يعيب الدول الصغيرة إن هي ارتبطت بحلف مع الدول العظمى، فهناك قواعد عسكرية أميركية مقامة منذ زمن في اليابان والفيليبين وكوريا الجنوبية، وهي دول تستظل بالحماية الأميركية ضد أي هجوم صاروخي محتمل من كوريا الشمالية، كما تحالفت اندونيسيا وماليزيا وفيتنام مع أميركا عندما رأت ان توسع الصين ونشاطها البحري، ونموها الاقتصادي قد جعلها في حالة قلق من نوايا الصين الحقيقية.
وكالعادة سيخرج علينا قارئ عربي يندد بالامبريالية والاستعمار، نقول له: شكراً لاتفاقية سايكس – بيكو، فلولا هذه الاتفاقية، التي رسمت الحدود بين العرب، لهجم العرب على الكويت، وربما طردوا الكويتيين من أراضيهم، لأننا نفترض غياب الحدود بينهم.
وعلم الاقتصاد يقول ان العامل يتحرك وفقاً للأجر المتاح له، عندئذٍ سيترك عرب الشمال والمغرب العربي بلدانهم فلا حدود مرسومة، ولا قوانين، فيتدفقون في موجات بشرية هائلة على بلدان الخليج، وستسود الفوضى والظلم، فيضيع حق الشعب في أرضه، ويفلت المجرم من العقاب، فالفوضى في كل مكان، فشكراً لاتفاقية
سايكس- بيكو.