رأي

لقاء الشرع: الأردن والصوت المتزن

كتب د. مهند مبيضين, في الدستور:

يُقدر الرئيس السوري أحمد الشرع، الدور الأردني في دعم استقرار سوريا الجديدة، ويتحدث عن التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها البلاد، مُثمناً الأدوار العربية وغير العربية التي وقفت مع الزمن السوري الجديد، وفرد لنا في لقاء استمر لساعتين أوراق المشهد السوري المعقد، والمصائر السورية، والظروف التي تعيشها الدولة اليوم.
بهدوء شديد، ومحاذير لا تشكل هواجس لدى الرجل، بَدَت الصورة السورية، واضحة في ذهن الشرع: التشخيص قائم على وحدة العلل السورية، لكن أشكال العلاج المتعددة: بالصفح تارة، والعمل الجاد وتحقيق التنمية ثانيةً، وبالعدالة الانتقالية تارة ثالثة، ورابعاً باتخاذ القرارات الحاسمة.
لم ينتظر الشرع من السوريين، أكثر مما قدموا من تضحيات، ومن استعداد للبناء في الزمن الجديد، ومن رغبة حقيقته في تكريس نموذج حكم لسوريا بعيد عن إرث الماضي، وعن الايدلوجيات والجماعات الإسلامية التي انتقدها وتبرأ منها، وهذا أمر مهم في شكل الصورة الجديدة لقيادة بلد مصدر غناه التعدد كقيمة.
لم يقل الشرع أنه يملك حلولًا سحرية، ولكن يملك الأوراق العديدة والمكانة التي تتمتع بها سوريا في منطقة عانت ممها أسماه من «قهر الجغرافيا»، وهنا لم يشأ أن يقدم سوريا لغير السوريين، فهو وإن كان معنيًا برسائل للخارج حول مواقفة الايدلوجية السابقة وإرثه، والجماعات المحيطة به، والمواقف من التحديات الداخلية ذات الترابط مع الخارج: السويداء والأكراد، والسلام مع إسرائيل والعلاقة مع لبنان والعراق وتركيا.
أما دول الخليج فيراها داعمة بدون ارتباط بملفات داخلية، وقد قدمت لغاية الآن كل ما هو طيب، وحين جاء الحديث عن الأردن قال الشرع: «الأردن بلد متزن وله مكانته وقيمته الإقليمية والعالمية وصوته الدبلوماسي الفاعل..» وأشاد بدعم الأردن للمرحلة الجديدة بكافة السبل والإمكانيات، وهو مستوعب لأهمية التكامل الاقتصادي فتحدث عن أهمية الربط السككي بين الأردن والسعودية وسوريا، وموانئ الساحل السوري وميناء العقبة، كطريق للتنمية والتجارة الدولية.
لا يرى الشرع عقدة كبيرة في مسألة السلام مع العدو الإسرائيلي وهو واضح في الموضوع لدرجة أنه يؤكد بأن الخيار نحو السلام هو القرار الصعب، وإن كان لابدّ، فيجب اتخاذه وفقاً للمصالح السورية، وعند اتخاذه سوف يُبلغه للشعب بصراحة.
لقاء الشرع في القاعة الدمشقية بقصر الشعب عصر الأحد الماضي، كان واضحًا وبدون أي تحفظات، اعتراف بأخطاء السويداء، وتشديد على أن الأكراد تعرضوا للظلم، وتأكيد بأن البناء يحتاج إلى صفح أكثر منه للثأر، وأن التمايز والأفضلية في الملفات المطروحة سيكون لما هو في خير السوريين ومصالحهم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى