رأي

لقاء البيال “الحاشد” دعم لدار الفتوى أم استباق والتفاف؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

من خلال «نداء وطني جامع» اراد الوزير السابق محمد شقير دعم «مبادرة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الوطنية بجمع النواب المسلمين السنة». يقع النداء في ثلاث صفحات ضمّنه رجل المال والاعمال في لبنان والعالم، في قسمه الاول سرديات الشؤون المطلبية وواجبات الدولة وتقصيرها في القيام بأبسط واجباتها. لكأنه ليس خبيرا بحال الدولة وتعقيدات ادارتها ووضع ماليتها او كأن الازمة الراهنة حديثة العهد.

اما الشق الثاني من «النداء» فخص به شقير مبادرة دار الفتوى فثمن الدعوة التي رأى فيها «بادرة وطنية جامعه؛ تجمع ولا تفرق؛ وتنير الطريق للنهوض والتوازن الوطني؛ وتساهم بشكل فعال بتصحيح مسار الوطن؛ واخراجه من الانحدار والانزلاق الخطير الذي تشهده الساحة اللبنانية على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية».

ودعا «النواب المجتمعين في دار الفتوى باسم اللبنانيين جميعاً الى أن يوحدوا صفوفهم؛ ويتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية مع بقية اخوانهم النواب اللبنانيين والى أن يكون لبنان الوطن أولاً واخيراً بالنسبة لاهتماماتهم؛ وان يتلاقوا للالتزام بالاستحقاقات الدستوريه؛ وبنص وثيقة الوفاق الوطني المعروفه باتفاق الطائف لانقاذ البلاد والعباد من حالة الفوضى والتمزق والضياع والانهيار الذي أخرج لبنان عن دوره الحضاري الذي ميزه ليكون ملتقى الحضارات والثقافات والتنوع في هذا الشرق العربي الأصيل».

مبديا «ثقة تامة بأن الاجتماع النيابي في دار الفتوى سيكون لقاءً وطنياً بامتياز بعيداً عن أية مشاريع طائفية أو مذهبية؛ وبداية الطريق لإعادة النهوض بالدوله ومؤسساتها ليبقى لبنان سيداً حراً عربياً مستقلاً؛ ووطن العيش الواحد والتنوع؛ لجميع أبنائه الحريصين على بناء الدولة الوطنيه الجامعة والعادلة والحاضنة وللبنانيين جميعاً».

كان يمكن لمثل هذا الموقف ان يكتسب اهمية اقوى لو انه جاء بعيد اجتماع دار الفتوى ليؤكد على ما سيصدر عنها لا ليقطع الطريق على مساعي المفتي دريان. يصعب تفسير خطوة كهذه بالاسلوب الذي تم تظهيرها من خلاله والقول بلقاء سني حاشد. الا يفهم انه استباق لاجتماع دار الفتوى وليس تكاملاً معها رغم حضور ممثل عنها وهو الشيخ خلدون عريمط؟ وابعد من ذلك فليس معلوماً لمَ الدعوة الى الالتفاف حول المفتي ومتى كانت دار الفتوى خارج الاجماع اللبناني بخطواتها حتى يتم دعمها بلقاء حاشد من النواب والوزراء السابقين والفاعليات ورؤساء البلديات والمخاتير وينتهي الى اطلاق نداء. ليس ظلما القول هنا ان مفهوم العبارة يفوق محتوى اللقاء واهميته.

من وجهة نظر الفاعلين في الطائفة السنية والعالمين بشؤونها عن قرب فان الساحة السنية تشهد استنفاراً قد يفسر على انه منافسة داخل البيت. المنطق ذاته ينطبق على عشاء السفير السعودي وليد البخاري وان كان الهدف منه التأكيد على رعاية السعودية للسنة واهتمامها بهم بعد الوقت الطويل الذي مر على خلافها مع الرئيس سعد الحريري. هنا الحراك الحقيقي الذي يرتدي اهدافاً وابعاداً متصلة بالاستحقاقات الدستورية الموعودة اما الباقي فلا يتعدى من وجهة نظر سنية «الشكليات» .

يطيب للمشككين بأبعاد اللقاء «الحاشد» الغمز من قناة رئاسة الحكومة والتي باتت طموحاً مشروعاً لكثيرين فكيف اذا كانت شخصية اقتصادية لها ابعادها السياسية، ومن جهة اخرى وازاء مشهد البيال يصبح السؤال مبرراً، متى كان الوزير السابق لا يزال محسوباً على الحريري ومقرباً من ابن عمته نادر، وعن المغزى الحقيقي للخطوة وهل هي أبعد من دار الفتوى والنواب؟

المتضرر الوحيد من كل ذاك الحراك وغيره هي دار الفتوى التي يفترض ان تكون داراً جامعة للكل لا ملاذاً سياسياً لكل من اراد العبور الى شط تحقيق طموحه السياسي.

«لسخرية القدر»، يقول شقير في النداء «اليوم بات الجميع على الأرض يا حكم، الدولة والقطاع الخاص والمواطن». وباسم اللقاء السني الحاشد ينهي نداءه متضرعاً «ليبقى لبنان سيداً حراً عربياً مستقلاً؛ ووطن العيش الواحد والتنوع؛ لجميع أبنائه الحريصين على بناء الدولة الوطنيه الجامعة والعادلة والحاضنة وللبنانيين جميعاً». متجاوزا القول عشتم وعاش لبنان، لعلمه ان لا بلد يمكنه ان يعيش ويبقى على وقع اصطفافات طائفية او مذهبية اياً كان الداعي والمدعو.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى