«لجنة التراث العالمي» ترسم من الرياض وجهة مستقبل حفظ التراث الطبيعي والثقافي.
احتشد نحو 3000 عضو في «لجنة التراث العالمي» من 21 دولة، للمشاركة في الحدث الدولي الذي تستضيفه السعودية للمرة الأولى؛ لبحث مستقبل الخمسين سنة المقبلة من مسيرة حماية التراث الطبيعي والثقافي العالمي، وفهم إنجازات المرحلة الماضية وتقييمها، بعد مرور 5 عقود على قيام اتفاقية عالمية لحماية وتعزيز كنوز التراث العالمي والموروث الإنساني الاستثنائي.
وشهدت منطقة المربع التاريخية في قلب مدينة الرياض، الأحد، احتفالاً فنياً سخياً بقيم التراث والفلكلور السعودي، بمناسبة انطلاق أعمال الدورة الموسعة الـ45 لـ«لجنة التراث العالمي»، التابعة لـ«منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)»، التي تستضيفها السعودية بصفتها الرئيس الحالي للجنة.
ودعا الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، إلى تمكين التعاون الدولي والاستدامة للحفاظ وصون مواقع التراث العالمي في دول العالم، متمنياً أن يسهم هذا التجمع الدولي في الرياض، في بناء رؤى مشتركة وتوفير الممكنات، والتعاون في رسم مسارات جديدة لشراكات استراتيجية جديدة.
وأضاف: «من أرض الأصالة والثقافة والتاريخ، أرحّب بضيوفنا في الدورة الخامسة والأربعين الموسَّعة للجنة التراث العالمي لليونيسكو، التي تستضيفها المملكة في ظل دعم غير محدود تحظى به القطاعات الثقافية من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتؤكد بلادي دوماً أهمية التعاون الدولي، في تعزيز الثقافة من أجل أهداف التنمية المستدامة».
وأشار الأمير بدر، في كلمته خلال الافتتاح، إلى أن السعودية، وانطلاقاً من إيمانها بأهمية التراث بوصفه كنزاً حضارياً وإرثاً إنسانياً ومعرفياً، عملت مع شركائها في «منظمة اليونيسكو» على دعم عدد من القرارات الساعية لبناء أسس متينة للقدرات البشرية في مجالات التراث والآثار، ودعم مواقع التراث العالمي وصونها، حيث تبنّت استراتيجية بناء القدرات للعاملين في مجال التراث للسنوات العشر المقبلة، كما أسست الصندوق السعودي لدى «اليونيسكو»؛ بهدف تمويل ودعم المشروعات والبرامج ذات الصلة حول العالم.
وأضاف وزير الثقافة السعودي: «تحت شعار (معاً نستشرف المستقبل) ستشارككم المملكة قصتها في التحول الوطني غير المسبوق مع غيرها من دول وشعوب العالم، في (الرياض إكسبو 2030)، حيث تلتزم بلادي بتقديم نسخة استثنائية وتاريخية، وتجربة عالمية غير مسبوقة، في تاريخ تنظيم الإكسبو؛ تحقيقاً لرؤية 2030».
من جهتها، قالت أودري أزولاي، المديرة العامة لـ«منظمة اليونيسكو»، أن استيعاب مفهوم التراث الثقافي، والتعرف على تاريخ ومستقبل البشرية، يساعدان في أهداف صنع اقتصاد مستدام يربط المجتمعات المتنوعة بقوة، وهذا ما دفع إلى توقيع الاتفاقية التي تمثل قوة كبيرة لضمان سماع جميع الأصوات.
وشكرت أزولاي السعودية على استضافتها الدورة الـ45 لـ«لجنة التراث العالمي لليونسكو»، مشيرة إلى ما تتمتع به السعودية من إرث ثقافي غني يعود لآلاف السنين، وبنشاط دولي مهم في جهود الحماية وتعزيز الاهتمام بالتراث المادي وغير المادي.
وكشفت مديرة «اليونيسكو»، «أنه في الوقت الذي ترحب فيه السعودية بالعالم، اليوم، فإن العالم نفسه سيكون محور نقاشنا، إذ سنتحدث عن الشُّعب المرجانية والغابات، والتنوع البيولوجي، وعصور ما قبل التاريخ، وتسليط الضوء على عدد من المواقع الثمينة التي تتعرض لمخاطر غير عادية، مثل أوديسا الأوكرانية، وطرابلس في لبنان، ومأرب في اليمن»، لافتة إلى أهمية إدراك المسؤولية بمواجهة المتغيرات الطبيعية مثل الحروب، والكوارث الطبيعية، واضطراب المناخ.
مشهد افتتاحي غنيّ بتراث السعودية
وشهد الحفل، الذي حضره جمعٌ من كبار ممثلي البلدان المشارِكة ورؤساء الوفود المشارِكة، ونخبة من الخبراء والباحثين والمتخصصين الدوليين والإقليميين والمحليين في مجال التراث والثقافة، عرضاً فنياً غنياً بتاريخ السعودية وتراثها الفني، حيث تعقَّب، في عرض بصري وموسيقي مبتكر، تسلسل التاريخ على الأراضي السعودية وغنى تراثها الفني والفلكلوري.
وعرضت المشاهد البصرية، التي حظي بها العرض، لوحات من تراث المناطق السعودية وثقافتها المتنوعة، جسّد ما تتمتع به المملكة من تراث بوصفها موطناً للموروث الغني والتنوع الثقافي ووجهة لعدد من المواقع التراثية العالمية، والتي تمثل حضارات عريقة دلّت عليها الاكتشافات الأثرية الحديثة، وما تضمُّه ستة مواقع سعودية للتراث العالمي في قوائم اليونسكو من غنى وإرث، تبدأ من موقع الحجر الأثري، وحي الطريف في الدرعية التاريخية، وجدة التاريخية، وبوابة مكة المكرمة، والفن الصخري في منطقة حائل، وواحة الأحساء، ومنطقة حمى الثقافية، فضلاً عن ترشيح موقع واحد في المملكة؛ لاعتماده في اجتماع، هذا العام.
وخلال اجتماعات «لجنة التراث العالمي» في دورتها الحالية، ينخرط العاملون والمهنيون المختصون بحفظ التراث المشترك للبشرية في جلسات وحوارات يحتضنها الاجتماع الذي يلتئم في الرياض؛ لفهم وتقييم ومراجعة المرحلة السابقة، وإطلاق عهد جديد للتراث العالمي من السعودية، يكون فيه الشباب عنصراً رئيسياً في تعاهده بالرعاية والاهتمام.
كما يهدف هذا الحدث إلى جمع أعضاء فِرق إدارة ومديري المواقع من جميع أنحاء العالم؛ لمواصلة جهود تمكينهم على الساحة الدولية، وتوفير الفرص لهم عبر توسيع شبكات علاقاتهم، وتيسير تبادل المعارف والخبرات.