لبنان يدخل مدار الانتظار الثقيل قبل حصد الحلول
حسين زلغوط.
خاص رأي سياسي…
ما إن تم الإعلان عن الاتفاق الايراني _السعودي من الصين حتى انفرجت أسارير اللبنانيين من سياسيين ومواطنين ظنا منهم ان مثل هذا الاتفاق سينتشلهم من أزمتهم التي استعصت على الحل الداخلي ، كون ان الدولتين المعنيتين بالاتفاق لهما تأثيرهما المباشر وغير المباشر على الساحة اللبنانية.
لقد انقسم هؤلاء بين من يرى ان مفاعيل هذا الاتفاق ستكون سريعة على الواقع اللبناني وبالتالي سيكون أمامنا بضعة اسابيع للذهاب باتجاه انتخاب رئيس وانتظام عمل المؤسسات ، وبين من دعا الى التريث كون ان الملف اللبناني لا يأتي في أولويات الملفات الملتهبة في اليمن والعراق وسوريا.
الظاهر من المعطيات إلى الآن يشي بأن لبنان سيستفيد حكما من هذا التقارب ، لكن ذلك لن يكون بين ليلة وضحاها، فهناك طرق متعددة سيسلكها الاتفاق قبل الوصول إلى مرحلة التنفيذ بدءا من استعادة الثقة التي فقدت على مدى سنوات بين الطرفين، وثانياً ضمانات حول عدم تدخل كل دولة بالشؤون الداخلية للدولة الثانية ، وثالثاً التفاهم على آلية لمعالجة بعض الملفات الساخنة والمفتوحة تبدأ باليمن وسوريا والعراق قبل الوصول إلى لبنان، ومن ثم تبادل البعثات الدبلوماسية، وهذا يعني ان لبنان دخل مدار الانتظار الثقيل الذي ربما يتوافق مع هزات سياسية واقتصادية قبل أن يحين موعد وضعه على سكة الحل.
في تقدير مصادر نيابية ل ” رأي سياسي” ان النوايا الإيرانية والسعودية واضحة لجهة الرغبة في ردم الهوة السحيقة والمعمرة منذ سنوات بينهما ، غير ان الطرفين عليهما لردم هذه الهوة ان يتفاهما على معالجة العديد من الملفات التي تعنيهما مباشرة ، وبما ان التفاهم على حل اي مشكلة في غالب الأحيان يتطلب تنازلات متبادلة هنا يكمن الخوف من الشياطين التي تكمن في التفاصيل ، فإذا تم تجاوز ذلك فإننا سنكون اما صيف دافئ وفي حال التعثر فإن مرحلة الانتظار لبنانيا ستطول ، سيما وأن عدة دول أبلغت لبنان عبر موفدين أو بواسطة القنوات الدبلوماسية بأنها لن تتدخل بالشان اللبناني الداخلي وأنها على موقفها الرافضة إعطاء اي فلس قبل الولوج في إنجاز رزمة الإصلاحات وابرزها وقف الهدر والفساد ، وقد وصل الأمر الى حد ان السفير الألماني اتهم بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المسؤولين بالسرقة وأن بلاده لن تقدم مساعدات للبنان عن طريق الحكومة بل بواسطة الجمعيات.
ويلفت المصدر النيابي النظر الى ان القوى السياسية في لبنان تلقت اشارات بضرورة الانتباه بان مشاكل المنطقة لن تحل بكبسة زار وبالتالي على حكومة تصريف الاعمال اتخاذ ما يتوجب عليها في سبيل تحصين الوضع الداخلي الذي وصل الى مرحلة تبعث على الخوف.
وفي ما خصّ العمل التشريعي رجح المصدر عدول الرئيس نبيه بري عن توجيه اي دعوة لعقد اي جلسة تشريعية ما لم يكن الوضع السياسي مشجعا على ذلك وانه لن يقوم باي خطوة من شأنها ان ترفع منسوب التوترات السياسية، فيما الوضع الراهن احوج ما يكون فيه الى التهدئة.
ويؤكد المصدر النيابي ان سياسة الترقيع لم تعد تجدي نفعا وان على الحكومة ان تسارع الى وضع خطة طوارئ اقتصادي لان استمرار الوضع على ما هو عليه ستكون له نتائج كارثية ولا تعود تنفع معه لا انتخابات رئاسية ولا غيرها .
ويدعو المصدر الى اخذ كلام رئيس وفد صندوق النقد الدولي الذي قال فيه ان “لبنان في وضع خطير للغاية” على محمل الجد لأن في هذا الكلام اشارة واضحة الى اين تتجه الاوضاع الاقتصادية والمعيشية ، كما ان هذا الكلام ربما يكون من باب التحفيز على الاسراع في انتخاب رئيس والقيام بالاصلاحات ومن ثم استئناف التفاوض مع الصندوق لكي يحصل لبنان على المساعدات التي تساعده على الخروج وان بشكل جزئي من ازمته الاقتصادية والمعيشية.