لبنان يخضع للواقع في كاريش !
كتب صلاح سلام في “اللواء”: يبدو أن أهل الحكم قرروا التعامل مع الأمر الواقع الذي فرضه العدو الإسرائيلي بإحضار الباخرة «أنرجيا باور» إلى منطقة بئر كاريش، وذلك على طريقة لم يكن بالإمكان أحسن مما كان!
بعد إضاعة عشر سنوات في المماحكات الداخلية، وعشرات الأشهر من الخلافات الكيدية، وما رافق كل ذلك من تجميد للملف النفطي، وهدر الوقت في تأخير مناقصات التنقيب، حتى في المناطق البعيدة عن النزاعات الحدودية، سواء مع سوريا شمالاً، أو مع الدولة الصهيونية جنوباً، إستفاق أهل الحكم فجأة على الخط ٢٣ ، تاركين المطالبة بالخط ٢٩ في خانة التفاوض فقط، مما يعني صراحة أن لبنان الرسمي أصبح قابلاً بما طرحه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين منذ أكثر من سنة، فضلاً عما طرحه الموفدون الأميركيون السابقون في هذا الإطار.
لماذا قبل لبنان فجأة بالطروحات الأميركية، التي تراعي المصلحة الإسرائيلية على حساب المصالح اللبنانية؟
هل ثمة في الأمر صفقة تدور حول العقوبات الأميركية المفروضة على بعض الشخصيات اللبنانية، وفي مقدمتها جبران باسيل؟
وما هو الثمن الذي سيحصل عليه لبنان مقابل هذا التنازل الكبير عن أهم ثرواته الوطنية، وعن جزء لا يستهان به من حدوده البحرية؟
الأيام المقبلة ستكشف ملابسات ما أحاط بهذه الصفقة من عوامل مشبوهة، دون الحاجة إلى التسرع في طرح التساؤلات والتكهنات، في مرحلة أحوج ما يكون فيها البلد بحاجة إلى وحدة الصف، وتطابق المواقف بين كبار المسؤولين، للحد من المزيد من الخسائر، ورسم طريق الخلاص لهذا الملف المحوري الذي سيكون في صلب العملية الإنقاذية للخروج من الإنهيارات الراهنة.
وغني عن الكلام أن توصل الوسيط الأميركي إلى تسوية ما بين بيروت وتل أبيب، ينفي كل الأعذار التي كانت المنظومة الحاكمة تتستر وراءها لتغطية خلافاتها على توزيع الحصص في الثروة النفطية، التي من المفترض أن تكون من حق الأجيال المقبلة، وليس منجماً للنهب من قبل أهل السلطة الفاسدة والفاشلة.
فهل تبقى الثروة النفطية ملك هذا الشعب المغلوب على أمره، أم ستلحق بقوافل الصفقات والسرقات الموصوفة التي بلغت ذروتها في هذا العهد؟