كتب باسم المرعبي ناشر موقع رأي سياسي:
ببالغ الأسى، تلقى اللبنانيون خبر أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح عن عمر ناهز 85 عاماً، سائلين المولى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم شعب الكويت الشقيق الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل، خصوصاً أن برحيل سمو الأمير الشيخ نواف يفقد اللبنانيون صديقاً طالما وقف إلى جانبهم في محنهم، ولم يتغاضَ يومًا عن مدّ يد المساعدة في كل الأمور التي تعود بالنفع على لبنان بأسره، اضافة الى مواقفه المشرّفة والمساندة للبنان والقضايا العربية.
الأمير الراحل كان خير داعمٍ للبنان، فلم يوفر جُهداً لدعمه، كما أنه أكد دائماً وقوفه إلى جانبه في كل مراحله وأزماته.
فبرحيل سمو الأمير الشيخ نواف تخسر الكويت، ومعها لبنان والأسرة العربية رجلًا عمل بجدّ ومسؤولية على رفع شأن بلاده ومواطنيه، وجهد على أن يعلو الحق الذي لا يُعلى عليه في المحافل الدولية دفاعًا عن القضايا العربية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية.
“أمير العفو”
خلال 38 شهرا من توليه حكم البلاد في 29 سبتمبر/أيلول 2020 خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ركز الأمير السادس عشر للكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، على ملف المصالحة الوطنية، والعفو عن عشرات المعارضين السياسيين ليلقبه أبناء الكويت بـ”أمير العفو”.
وجاء لقب أمير العفو بعد أن أصدر الشيخ نواف الأحمد “الذي أعلن عن وفاته أمس”، جملة من مراسيم العفو التي طالت العشرات من المعارضين والنشطاء في سبيل تحقيق مصالحة وطنية شاملة في البلاد تضمنت عودة العديد من المعارضين الذين كانوا قد غادروا البلاد قبل سنوات وموجهة إليهم تهم قضائية.
جاء تولي الأمير الراحل في ظرف شديد التعقيد إذ عانت البلاد وقتها من حالة احتقان سياسي في أعقاب صدور أحكام قضائية بحق نشطاء ممن شاركوا في الأحداث التي أعقبت حراك 2011 والتي اضطرت الكثيرين منهم للهجرة لسنوات خارج البلاد.
مع بدء مهام عمله أكد الأمير الراحل، على أهمية فتح صفحة جديدة عنوانها تكاتف جميع أبناء الشعب والتوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهي التوجيهات التي ترجمت بعقد مؤتمر وطني وإنشاء لجنة للعفو ضمت رؤساء السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية بهدف وضع ضوابط العفو عن المدانين في قضايا سياسية.
وتنص المادة 75 من دستور الكويت على أن: “للأمير أن يعفو بمرسوم عن العقوبة أو أن يخفضها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون وذلك عن الجرائم المقترفة قبل اقتراح العفو”.
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 أصدر الأمير الراحل مرسومي العفو 202 و203 اللذين نصا على العفو عن بعض المدانين في قضايا سياسية أبرزها قضية اقتحام مجلس الأمة وكذلك عن المدانين بالتستر على أعضاء خلية العبدلي الشهيرة والتي تعود وقائعها للعام 2015 وأدين أعضاؤها بالتخابر لصالح دول أجنبية.
مكافحة الفساد
وعلى مستوى الشأن الكويتي الداخلي، عرفت الكويت خلال فترة تولي الأمير الراحل حالة من الحزم في مواجهة قضايا الفساد وهو ما يظهره صدور عدد من الأحكام النهائية في عدد من القضايا وأبرزها القضية المعروفة بـ”صندوق الجيش”.
سنوات الحكم الثلاث شهدت كذلك حالة من التوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريع وصفها مراقبون بأنها غير مسبوقة وهو ما ترجم في وضع قائمة طويلة من التشريعات التي صدر بعضها بالفعل وشملت قوانين تتعلق بتحسين مستوى المعيشة إضافة إلى قوانين مفوضية الانتخابات وتعديل قانون المحكمة الدستورية وغيرها.
اما خارجيا، ومنذ اندلاع حرب غزة حرصت الحكومة الكويتية على تأكيد خطها المعروف تاريخيا بمساندة القضية الفلسطينية وإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة.
من هو الشيخ نواف الأحمد الصباح؟
ولد الأمير الراحل في 25 يونيو عام 1937، ولديه أربعة أبناء وابنة واحدة.
كان ولي عهد لأخيه الراحل صباح الأحمد الصباح على مدار 14 عاما، بداية من 20 فبراير 2006، وهو الابن السادس للأمير أحمد الجابر الصباح، الذي تسلم حكم الكويت بين عامي 1921 و1950.
وبحسب الموقع الرسمي لحكومة الكويت، بدأ حياته السياسية في عام 1962، بعد تعيينه محافظا لمنطقة حولي، وبعد ذلك تسلم عددا من الوزارات السيادية، فأصبح وزيرا للداخلية عام 1978، ووزيرا للدفاع في عام 1988.
وفي أول مجلس وزراء تم تشكيله بعد تحرير البلاد في 1991، تسلم الأمير نواف حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وكان للأمير دور مهم في تكوين التحالف الدولي لصد الغزو العراقي عام 1990، وفق مقال نشرته وكالة “بلومبيرغ” الأميركية.
وانتقل بعدها، في عام 1994، ليصبح نائبا لرئيس الحرس الوطني، حتى استلامه منصب وزير الداخلية مرة أخرى عام 2003.
وبقي الأمير في منصبه كوزير للداخلية، إلى حين تسميته وليا للعهد سنة 2006.
وتولى منصب أمير البلاد رسميا في 29 سبتمبر 2020، قبل أن يتعرض لعدد من الوعكات الصحية، حتى أعلن الديوان الأميري وفاته صباح السادس عشر من ديسمبر 2023.