رأي

لبنان مع قرار الجمعية العامة من دون اعتراض!

كتبت روزانا بو منصف في صحيفة “النهار”:

رافق معظم زعماء الدول الغربية تصويت #الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يطالب #روسيا ب “التوقف فورا عن استخدام القوة ضد اوكرانيا ” بتغريدات لافتة حول التصويت ” التاريخي” ضد روسيا وقد ارفقوا هذه التغريدات بلائحة الدول التي ايدت القرار وكان عددها 141 فيما عارضته خمس دول إحداها روسيا نفسها وامتنعت 35 دولة عن التصويت من بين 193 دولة عضو في المنظمة الدولية.

يشكل القرار من الجمعية العامة على رغم انه غير ملزم وقد عدل في مجلس الامن ليكون تحت الفصل السادس كذلك وليس تحت الفصل السابع ، انتصارا ديبلوماسيا من زاويتين. الاول اظهار روسيا معزولة ديبلوماسيا ومدانة على مستوى العالم في اجتياحها لاوكرانيا والثاني تشكيل رسالة قوية من الشرعية الدولية قد لا تترجم باكثر من احراج روسيا على اكثر من مستوى والضغط عليها على مستوى الرأي العام العالمي وحتى الداخلي في روسيا . وفيما تم التشديد على وحدة الامم المتحدة في دعوتها روسيا إلى الانسحاب فورا في اوكرانيا كانت لافتة الاهمية التي اعطيت لتصويت 16 دولة عضو في الجامعة العربية إلى جانب القرار. هناك اتصالات ومساع بذلتها واشنطن والدول الاوروبية من اجل تأمين اجماع دولي حول القرار في الجمعية العامة على نحو لا يبدو غريبا عن اي حشد ديبلوماسي دولي يتم العمل عليه في زمن الانقسامات الدولية.

أكثر ما يعود إلى الاذهان على هذا الصعيد بيع النظام السوري دعما وانخراطا في التحالف الدولي الذي نشأ لاجبار صدام حسين على الانسحاب من الكويت التي اجتاحها بذرائع لم تختلف عن تلك التي ساقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتياح قواته لاوكرانيا. لا يغيب ذلك عن الاذهان لان الثمن للابتزاز او المقايضة السورية كان احتلال النظام السوري #لبنان كله ودخوله قصر بعبدا لاطاحة العماد ميشال عون انذاك.

يقول سياسيون معنيون انه كان زمنا مختلفا وان سوريا كانت دولة تملك ما يمكنها توظيفه من مواقف. ولكن ذلك لا يمنع السؤال هل ان التحشيد الاميركي لقرار مهم ولكن غير ملزم ضد اجتياح روسيا لاوكرانيا يكتسب الاهمية نفسها بحيث يخضع الولايات المتحدة لمقايضات سياسية ليس من جانب لبنان الرسمي او مسؤوليه فحسب بل من دول عدة اخرى في المنطقة لها مطالبها كما تحفظاتها على جملة مقاربات اميركية ازاءها في مسائل تهمها من بينها دول خليجية او تركيا مثلا واسرائيل.

ولكن كان لافتا بالنسبة إلى لبنان عدم صدور أي تعليق من الافرقاء الذين اعترضوا قبل ايام على موقف للخارجية اللبنانية مدينا الغزو الروسي لاوكرانيا ومطالبا بانسحاب روسيا على خلفية تقديم مبدأ اعتماد النأي بالنفس ومناقشة الموضوع على طاولة مجلس الوزراء. الامر الذي لم يحصل قبيل تصويت لبنان تأييدا للقرار عن الجمعية العامة ولو انه حصل تخفيف للغة الديبلوماسية التي اعتمدت بين بيانين صدر الاخير عن اجتماع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مع وزير الخارجية، ما عالج شكلا جزءا من المشكلة في حين ان تصويت لبنان مع القرار اصدق انباء من حيث انه اقوى من اي بيان. واعتراض رئيس الجمهورية ميشال عون على خلفية ان رئاسة الجمهورية فوق اي استهداف على خلفية الموقف من الخط 23 او من ادانة الحرب الروسية يقع في خانة ان لكل فريق سياسة خارجية وليس من سياسة خارجية لبلد موحد وليس من دعم لبناني وراء ما يعبر عنه رئيس الجمهورية في ظل التشكيك باهدافه التي تقع وفق ما بات يرى كثر في اطار المصالح الخاصة. والدليل على ذلك تنصل رئيس التيار العوني من البيان لدى المسؤولين الروس علما ان البيان صيغ في قصر بعبدا فيما ان المسودة التي كانت لدى رئاسة الحكومة كانت اكثر ديبلوماسية .

ولكن ” حزب الله” في شكل خاص الذي رفع صوته اعتراضا على بيان ادانة روسيا لم يعلق على تصويت لبنان مؤيدا قرار الجمعية العامة ولو على سبيل المتابعة وتأكيد وجهة النظر وصدقية ما ذهب اليه من مبررات لرفض الانحياز اللبناني إلى جانب الموقف الدولي والشرعية الدولية ضد روسيا. فبدت المسألة باسرها مندرجة في إطار تسجيل المواقف وتثبيت الحسابات السياسية بغض النظر عن الانعكاسات على ضعف الدولة اللبنانية او المزيد من اضعافها.

هناك ما يتوقف عنده البعض في هذا السياق ويكتسب اهمية وابعادا وهو يتصل بموقف إيران التي امتنعت عن التصويت على قرار الجمعية العامة فيما صدرت مواقف الاسبوع الماضي من مسؤولين ايرانيين تؤيد روسيا ولكنها تصوت ضد القرار إلى جانب هذه الاخيرة، وهو موقف دولة لديها حساباتها واولوياتها. فيما ان سوريا تمايزت عن ايران الداعمة لها والموجودة على اراضيها شأنها شأن روسيا فعارضت القرار على عكس تركيا التي ايدته ايضا. اما امتناع العراق فيتصل على الارجح بمسايرته لايران المؤثرة فيه فيما ان الجزائر تتخذ موقفا من الولايات المتحدة يعود لموقف الاخيرة من المغرب في حين ان السودان لديه اسبابه في البحث عن الدعم الروسي. ولكن لا ينبغي تجاهل الموقف العربي في غالبيته المؤيد لقرار الجمعية العامة ما ساهم في توفير غطاء للبنان ولو على نحو غير مباشر لم يكون متوافرا او قائما لدى صدور الادانة من الخارجية لروسيا الاسبوع الماضي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى