رأي

لبنان في مواجهة العالم

أنطونيوس طوق – خاص “رأس سياسي”:

رغم المساعي الأميركية لمنع توسّع الحرب الى لبنان و بالتالي الإنجرار الى حرب إقليمية لا أحد يعرف نتائجها، ما زال الخطر على الحدود اللبنانية الجنوبية يتفاقم, وتراشق التهديدات بين إسرائيل و حزب الله يزداد حيث وصل الأخير بتهديداته الى قبرص ناصحها “بالحذر”، الأمر أقلق اللبنانيين اللذين يعرفون تداعياته السلبيّة جيداً بحيث يضع لبنان بمواجهة العالم أجمع، خاصةً و أن قبرص عضو في الاتحاد الأوروبي الذي صرّح أمينه العام عقب تهديد نصرالله أن أي تهديد لقبرص هو تهديد لجميع أعضاء الاتحاد الأوروبي.
قبرص كانت قد استقبلت آلاف اللبنانيين خاصةً بعد الأزمة الأخيرة، منهم من سكن واستقر فيها، اضافةً الى العلاقات الطيبة بين الشعبيّن و البلدين التي لم يسبق أن شهدت توتراً. المؤسف هنا غياب أي استنكار رسمي للدولة اللبنانية وكأن قرارها مصادر ورهين قرارات الحزب.
الى جانب هذا كله، لم تهدأ المساعي الدولية خاصة الولايات المتحدة الأميركية من محاولة احتواء الحرب و منع اشتعالها بين إسرائيل و حزب الله، ما يثير أيضاً مخاوف الأوروبيين من تمدد أزمة النزوح نحوهم بعد موجات الانتقادات الشعبيّة التي شهدتها الدول الأوروبية من قبل مواطنيها احتجاجاً على تزايد اعداد النازحين في بلادهم بشكل غير مسبوق.

لمصلحة من الحرب؟

تناقلت الصحافة العربية أخباراً مفادها أن تهديد نصرالله لقبرص أتى نتيجة عدم حصول حزب الله على تطمينات بمنع توسّع الحرب نحوه وإلتزام إسرائيل بقواعد الاشتباك، هذا وإن صح يدل على محاولة الحزب بتفادي الحرب الواسعة التي من المحتمل أن تشنها إسرائيل على لبنان في أي لحظة. إضافةً الى الانقسام اللبناني العامودي الذي أحد قطبيه يطرح الحياد بدلاً من الانغماس بالحرب.
من الجانب الإسرائيلي ظهر للعلن بشكل واضح توترات ما بين السلطة السياسية الإسرائيلية على رأسها نتنياهو والقوة العسكرية الإسرائيلية على رأسها كوخافي فبالنسبة للجيش خطاب نتنياهو غير واقعي بل هو تهدئة للشعب لأن محو حماس من على الوجود أمر مستحيل. بإمكان الجيش تدمير القدرة القتالية لحماس وليس محو وجودها لأنها عقيدة راسخة في أذهان الفلسطينيين، كما أن الجيش الإسرائيلي مستعد بأي لحظة لإبرام اتفاق بوقف إطلاق النار كقراره في رفح الذي اعترض عليه نتنياهو وأعاد الاشتباكات بعد أن كان الجيش قد أوقفها.
من هنا نرى أن حتى إسرائيل لا تطمح للحرب بما تحمل من خسائر كبيرة على الصعيد البشري و المالي، إضافةً الى الاحتجاجات الشعبية الإسرائيلية التي تطالب بوقف الحرب و تحرير الأسرى.

تبعاً لهذا نرى ان الحرب ليست مطلباً لأحد لا دولياً و لا إقليمياً لكننا نعلم ايضاً ان تصاعد التوترات على الحدود مؤشر خطير يرجّح اندلاع حرب واسعة، كما أننا على يقين أن لا نهاية لهذه الأزمة إلا بعد حرب واسعة وشاملة أو بعد صفقة تبرم بين الأطراف المتنازعة التي نستبعدها تبعاً للوضع الراهن.
ترجيح أي سيناريو محتمل يبقى رهن التطورات الميدانية التي وحدها تحدد مصير لبنان في الأسابيع القادمة!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى