لبنان في قلب العاصفة السياسية

بين الضغوط الداخلية والتحديات الإقليمية، يجد لبنان نفسه مرة أخرى في قلب العاصفة السياسية، وسط تساؤلات جوهرية حول مصير اتفاق وقف إطلاق النار، ومستقبل التوازنات الداخلية في ظل التوتر المتصاعد. في الأثناء ينتظر المراقبون ما اذا كان البلد سيشهد تحولات جوهرية في مساراته السياسية والعسكرية، أم يبقى الأمر في اطار كونه استجابة ظرفية للضغوط الدولية والإقليمية.
يبدو أن التطورات الأخيرة تفرض على الدولة اللبنانية خيارات صعبة، إذ تزداد الدعوات لمناقشة ملف سلاح “حزب الله” بجدية، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الخارجية للدفع باتجاه ترتيبات قد تقترب من حدود التطبيع مع إسرائيل. في حين يتوجب على الدولة اللبنانية ثقل الموازنة بين الضغوط الخارجية والاعتبارات الداخلية، دون المساس بأمنها واستقرارها.
في هذا السياق، أثارت التصريحات، التي دعت الجيش اللبناني إلى نزع سلاح “حزب الله” بالتراضي أو بالقوة، جدلاً واسعاً. في ظل اعتبار البعض ان هذه الدعوة لا تعتبر طرحاً واقعياً في ظل التعقيدات السياسية والطائفية والتي قد تؤدي الى مخاطر نشوب أهلية، بل هي مجرد محاولة للضغط السياسي وإعادة رسم المشهد الداخلي.
التحذيرات من خطورة هذا الطرح لم تتأخر، إذ علت الأصوات التي حذرت من أن أي مواجهة مباشرة بين الجيش و”حزب الله” قد تجرّ لبنان إلى حرب أهلية جديدة، وهو سيناريو يبدو أن الجميع يسعى لتجنبه. و تدفع هذه التحذيرات الى التساؤل عما اذا كنا أمام تصعيد سياسي يهدف إلى تسجيل نقاط في الصراع الداخلي، أم أن هناك تحولات حقيقية تجري في المشهد اللبناني؟
في المقابل، يؤكد بعض المراقبين أن أي تعديل في موازين القوى الداخلية لا يمكن أن يتم إلا من خلال حوار وطني جدي حول الاستراتيجية الدفاعية، بعيداً عن التهديدات والتدخلات الخارجية. ولتجنب المزيد من الانزلاق لا بد من محاولات جدية وفعلية لإطلاق مثل هذا الحوار بالرغم من الاصطفافات الحالية والانقسام العميق بين القوى السياسية التي قد تجعل ذلك أمراً فيه الكثير من الصعوبة.
يبقى أن نراقب كيف ستتعامل الدولة اللبنانية مع هذه التحديات، وما إذا كانت قادرة على التوفيق بين الضغوط الخارجية والمصالح الداخلية، دون الانزلاق إلى مواجهات لا تحمد عقباها. فهل نحن أمام مرحلة جديدة من إعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني، أم أن كل هذه التحركات لا تعدو كونها إعادة إنتاج للأزمات القديمة؟
*رأي سياسي*