شؤون لبنانية

لبنان بوجه العاصفة الاصلاحية

لا شك أن الحكومة تألّفت في لحظة حرجة ومليئة بالتحديات، محلياً وإقليمياً، بعد سنوات من الأزمات المتراكمة، بلغت ذروتها في السنوات الست الماضية بأزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة. و هو ما يؤكد على أهمية ايجاد الحلول للملفات الاجتماعية التي بدونها لا يمكن الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، و قد التزمت الحكومة في إعلانها الوزاري العمل على إرساء نظام شامل للحماية الاجتماعية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إنشاء نظام شامل للحماية الاجتماعية يُعنى بشرائح السكان الأكثر فقراً و ضعفًا و هو ما يشكل تحدياً يُلزم الحكومة بإيجاد استراتيجية وطنية للحماية الإجتماعية .

و مع تزايد الضغوط الدولية المطالبة بتنفيذ الاصلاحات كشرط من شروط تقديم المساعدة التي يحتاجها لبنان ، يبدو أن الحكومة اللبنانية تحاول تقديم نفسها في صورة إصلاحية مع بداية العقد العادي الأول للمجلس النيابي، حيث يدور الحديث عن تكثيف العمل التشريعي والتنفيذي لمعالجة الملفات المتراكمة. ومع ذلك، فإن هذه التصريحات تثير تساؤلات حول مدى جدية هذه الإصلاحات، وما إذا كانت قادرة على تجاوز العقبات السياسية والاقتصادية المزمنة. اذ انه فيما يخص الموازنة العامة، فإن التعهدات بإنجازها بسرعة تعكس ضغطاً داخلياً وخارجياً على الحكومة لإثبات التزامها بالإصلاحات المالية. غير أن السؤال الأهم: هل سيتم تمرير هذه الموازنة وفق رؤية اقتصادية متماسكة، أم ستكون مجرد محاولة لتجنب الفراغ المالي واللجوء إلى القاعدة الاثني عشرية؟

فإقرار الحكومة لموازنة 2025 بمرسوم وزاري بدلاً من عرضها على المجلس النيابي يكشف عن أزمة سياسية ودستورية عميقة. من جهة، تحاول الحكومة تفادي الوقوع في فخ الصرف وفق القاعدة الإثني عشرية، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الشلل المالي. ومن جهة أخرى، تواجه تحديات قانونية، حيث قد يؤدي الطعن في هذا القرار أمام المجلس الدستوري إلى إبطاله، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار المالي والإداري.

المثير للاهتمام هو أن الاتصالات السياسية المكثفة تحاول تفادي هذا السيناريو، ليس حرصًا على الشرعية الدستورية بقدر ما هو محاولة لمنع شلّ الحكومة. لكن هذا يطرح تساؤلاً: هل لبنان أمام إدارة مالية اضطرارية مؤقتة، أم أن هناك رؤية إصلاحية فعلية يجري تنفيذها؟ و هل هي مجرد حلول مؤقتة للهروب من الأزمة؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى