أبرزرأي

لا هدنة ولا حرب واسعة انما “ستاتيكو” طويل مؤلم ومكلف

حسين زلغوط, خاص – “رأي سياسي” :

لم تصمد جرعة التفاؤل التي ضخها المتفاوضون في الدوحة الأسبوع الفائت حول اقتراب التوصل الى هدنة في غزة، حيث سرعان ما انتهى مفعولها بفعل التعنت الاسرائيلي وتعامل البيت الأبيض بخفة أمام تصلب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بمواقفه، وفي مقابل ذلك بدأ منسوب الخوف من اندلاع حرب واسعة في المنطقة يرتفع على الرغم من التحذيرات الدولية من كل حدب وصوب حول مخاطر الإنزلاق الى مثل هذه الحرب على الجميع، حتى أن الإتفاق الذي تم في العاصمة القطرية لجهة عقد اجتماعات في القاهرة قبل نهاية هذا الاسبوع من غير المؤكد انه سيحصل ام لا.
وما عزز الإعتقاد بأن الأمور عادت الى المربع الأول وأُفسدت الصفقة التي كان يتم العمل عليها ، المعطيات التي رافقت جولة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ما بين اسرائيل وقطر ومصر وتواصله مع نظيره التركي، حيث كانت المؤشرات سلبية بفعل الشروط غير المنطقية التي طرحها نتنياهو في ما خص المطالبة ببقاء الجيش الاسرائيلي على الحدود الجنوبية لقطاع غزة اي محور فيلادلفيا – صلاح الدين، وممر نتساريم الذي يقسم قطاع غزة الى نصفين وهو ما ترفضه بالتأكيد حركة “حماس” .
وبما أن الوزير الأميركي عاد الى بلاده خالي الوفاض، حيث كانت جولته من اكثر الجولات فشلا بعد أن أخفق في سد الفجوة الموجودة بين اسرائيل و”حماس” والتي ما تزال تحول دون التوصل الى اتفاق يضع حداً للحرب ، فانه من المتوقع ان تتصاعد حدة المواجهات في غزة وعلى جبهة الجنوب في ظل غياب أي تحرك دولي باتجاه التوصل الى هدنة ، علما ان الجهة الوحيدة التي تستطيع ان تلعب دورا ما في هذا الاتجاه هي واشنطن، لكنها حتى هذه اللحظة ما يزال موقفها يثير الشكوك ، فهي من جهة تدعو للوصول الى هدنة وعدم توسع الحرب، ومن جهة تفرج لاسرائيل عن صفقة سلاح تقدر بمليارات الدولارات، وهذا ما يجعل دورها غير نزيه لا بل منحازاً الى جانب اسرائيل لغايات انتخابية.
وأمام هذا المشهد المقيت من البديهي السؤال عما اذا كنا ذاهبون الى حرب كبرى ام لا؟ يجيب مصدر وزاري لـ”رأي سياسي” انه حتى اللحظة ورغم التصعيد الذي شهدناه في الثلاثة ايام الماضية لا مؤشرات جدية توحي بذلك،غير اننا لا يمكننا ان ننكر ان ذلك ممكن ان يحصل نتيجة عدم تقدير أو خطأ في الحساب ، سيما وأن الداخل الاسرائيلي يشهد حالة من التخبط الشديد على كل الجهات ، مما يبعث على الخوف من أن يهرب نتنياهو من المشاكل في الداخل باتجاه حرب واسعة في الخارج، وهذا الأمر يحتاج الى ضوء أخضر اميركي لم تحصل عليه تل ابيب حتى الساعة.
وحول ما يقال بأن رد “حزب الله” على اغتيال القائد فؤاد شكر اصبح قاب قوسين ، يؤكد المصدر ان هذا الرد مؤكد، لكن يبدو ان قيادة المقاومة ستأخذ الوقت الكافي والمناسب لذلك، وربما يكون ذلك فور النعي الرسمي للمفاوضات، حيث كما الجميع يعلم طرحت افكار خلال عمليات التفاوض والاتصالات بامكانية اعادة النظر بحجم هذا الرد في ما لو تم التوصل الى هدنة في غزة وانسحاب هذه الهدنة على جبهة الجنوب ، ولقي ذلك شبه موافقة، اما اذا لم يحصل ذلك سنكون امام رد محتوم ومدروس بعناية بحيث لا يتسبب في انفلات الامور من عقالها، وفي حال ردت اسرائيل وتجاوزت كل الخطوط الحمر ساعتئذ فلا مفر من خوض الحرب.
وفي رأي المصدر ان ما يحصل في غزة والجنوب قريب جدا لما يحصل بين روسيا واوكرانيا ، فهناك حاول الرئيس الأوكراني توريط اميركا ودول الغرب بالحرب الى جانبه ولم ينجح، وبقيت الحرب بين مد وجزر وحالة من “الستاتيكو”، ونتنياهو حاول الأمر ذاته ولم ينل ما أراد ،ويخشى في حال فشلت المفاوضات ان نكون امام “الستاتيكو” ذاته ما دامت دول فاعلة ومؤثرة لا تريد توسعة الحرب، وهذه الحالة قد تستمر الى ما بعد الانتخابات الاميركية في الخامس من تشرين الثاني المقبل وهي ستكون مؤلمة ومكلفة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى