لا غطاء أميركي لرياض سلامة
إن الإجراءات التي بدأها القضاء اللبناني في 23 شباط / فبراير، هي الأولى ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في سياق التحقيق المحلي على أساس التحقيقات التي أذن بها قضاة أوروبيون، أما في كانون الثاني / يناير، استجوب محققون من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ مسؤولي القطاع المصرفي في بيروت بشأن تحركات الأموال إلى العديد من البلدان التي يمتلك فيها رياض سلامة أصولا كبيرة، وبالعودة إلى آذار / مارس، فقد جمدت الدول الثلاث أصولا لبنانية بقيمة 120 مليون يورو.
في الموازاة، يستجوب قاضي التحقيق اللبناني حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المتهم باختلاس المال العام، اليوم، كما تم استدعاء شقيقه رجا ومساعدته السابقة ماريان الحويك للتحقيق معهما.
وتعقيبا على هذه الأحداث، إن مراوغة رياض سلامة في العمل الاقتصادي الذي اعتمد فيه على “الكاش” أي التداول بالعملة الورقية بدلا، من التداول وهميا من خلال الحسابات المصرفية، يطرح محاور عدة قيد التساؤل.
أولا، بالطبع اللبنانيون واثقون جميعهم أن رياض سلامة مدعوم تحت الغطاء السياسي والديبلوماسي الأميركي لمواصلة سياسته الإقتصادية التدريجية والثابتة في البلاد، هذا ما نفته مصادر مطلعة ل”رأي سياسي”، معتبرة أن غطاء المظلة الأميركية قد رفع عن سلامة وظلت “الأسلحة الروسية” موجهة نحوه، فلن يكون لديه خيار غير الطاعة.
وهنا يكمن السؤال، هل زار رياض سلامة روسيا بعد زيارته لسوريا مرتين على التوالي في الأيام الأخيرة بعدما تخلت عنه أميركا؟
بالمقابل، أكدت المصادر المطلعة أن سلامة بنى الثقة مع كل من حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والنائب جبران باسيل لإحكام قبضتهم على القطاع المصرفي وخلق وقائع على الأرض ستجعل من الخروج من الأزمة الذي تتطلع إليه أمرا يصعب عكسه، وذلك من خلال منع الاستثمارات من الدخول إلى البلاد وطباعة العملة اللبنانية وتصدير الدولار الأميركي لمساندة سوريا الحليف الأول لرياض سلامة في الوقت الراهن.
وفي بلد متوقف عن الانتاج، إن الخطأ الأكبر لسلامة كان بطباعة كميات كبيرة من أوراق العملة اللبنانية وإنزالها في الأسواق، ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم وانهيار الليرة كون معظم القطاعات الإنتاجية معدومة.
وتباعا، أكدت مصادر لموقعنا أن سياسة رياض سلامة التي اتبعها هي السبب الرئيسي لانهيار الليرة اللبنانية وارتفاع الأسعار، وليست العقوبات الاميركية المفروضة على لبنان.
ودفعت التقلبات إلى انهيار الليرة اللبنانية بالنسبة إلى الدولار الأميركي، ما أدى إلى زيادة الديون التي تكدست على الدولة اللبنانية وخير دليل فقدان لبنان حقه في التصويت في الأمم المتحدة مرتين منذ بدء الأزمة الاقتصادية، ما يجعل بمرور الوقت صعوبة في سدادها، الأمر الذي يغذي الأزمة، ويشجع المستثمرين على الفرار من البلاد، مما يزيد من سوء الأوضاع الراهنة.