
مع دخول العدوان الإسرائيلي على إيران يومه الرابع، واستيعاب الجمهورية صدمة الساعات الأولى التي خلّفها، خصوصاً لجهة اغتيال كبار قادتها العسكريين وعلمائها النوويين
كتب محمد خواجوئي, في الأخبار:
طهران | مع دخول العدوان الإسرائيلي على إيران يومه الرابع، واستيعاب الجمهورية صدمة الساعات الأولى التي خلّفها، خصوصاً لجهة اغتيال كبار قادتها العسكريين وعلمائها النوويين، يبدو أن طهران تمكّنت من استعادة ثقتها بنفسها، مبادرةً في الدفاع عن نفسها من خلال شنّ ضربات صاروخية مؤلمة على إسرائيل، لا تزال متواصلة منذ السبت. وعلى رغم اختلال ميزان القوّة بين الجانبَين، لكنّ المسؤولين الإيرانيين خلصوا إلى أن عدم الردّ بقوّة على العدوان الإسرائيلي، سيُحفّز إسرائيل على مواصلته، وتوسيعه. وبناءً على ذلك، تشكّلت في طهران قناعة مفادها أن فرض «ثمن» على إسرائيل، سيدفعها إلى التفكير في جدوى استمرار عدوانها على إيران.
وفي اليوم الذي تعرّضت فيه أكثر من 15 منطقة في طهران، أمس، لموجة واسعة من الهجمات الإسرائيلية، أکّد الرئیس الإیراني، مسعود بزشكيان، أنه «إذا استمرّت الاعتداءات الإسرائيلية، فستكون ردود فعلنا أكثر إيلاماً». وفي اجتماع حكومي عُقد، أمس، لمراجعة تطورات الهجمات الإسرائيلية، أكّد الرئيس الإيراني أن «الجمهورية الإسلامية لم تسعَ قط إلى الحرب أو الصراع»، ولكنها «مع ذلك، أظهرت ردوداً مناسبة وقوية حتى الآن. فإذا استمرت الأعمال العدائية، فإن الردود ستكون أكثر حسماً وشدّة». وأضاف بزشکیان أن «الکیان الصهيوني غير قادر على القيام بأيّ عمل من دون إذن أميركي، وما نشهده اليوم يتم بدعم مباشر من واشنطن، على رغم محاولتها إخفاء دورها».
وفي سياق متّصل، أکّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن ردود إيران ستستمرّ، مشدّداً على حقّ طهران المشروع في الدفاع عن النفس. وقال عراقجي، في مؤتمر صحافي أمس، إن إسرائيل «تجاوزت خطاً أحمر جديداً»، باستهدافها مواقع نووية إيرانية في الضربات التي بدأتها يوم الـ13 من الجاري، معتبراً أنّ قصف تلك المواقع «انتهاك خطير»، داعياً المجتمع الدولي إلى استنكار ذلك. وأكّد أن «الحرب فُرضت على طهران»، وأنه «ليس أمام إيران خيار سوى الردّ»، مبدياً استعداد بلاده لوقف الأعمال الانتقامية، «إذا أوقفت إسرائيل هجماتها».
وعن دور الولايات المتحدة في العدوان، قال عراقجي إن واشنطن شريكة فيه، وعليها أن «تتقبّل هذه المسؤولية»، کاشفاً عن امتلاك طهران وثائق تؤكّد دعم القواعد الأميركية في المنطقة للهجمات الإسرائيلية على البلاد. وأمل عراقجي في أن توضح الحكومة الأميركية موقفها بشكل واضح، وأن تستنكر الهجوم على المنشآت النووية لـ»إثبات حسن نواياها».
أعلنت «منظّمة الطاقة الذرية الإيرانية» أنها ستواصل بقوة مسيرة تطوير التكنولوجيا النووية السلمية
وعلى رغم أن إسرائيل شنّت عدوانها بحجة مواجهة البرنامج النووي الإيراني، إلا أن تركيز الهجمات الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، كان على الأهداف العسكرية والبنية التحتية الاقتصادية واغتيال الشخصيات، بحيث لم تتضرّر المنشآت النووية الإيرانية بشكل كبير، بحسب تقارير مختلفة. وفي هذا السیاق، نفى المدير العام لـ»الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، في أحدث تصریحاته، تضرُّر منشأة «فوردو» لتخصيب الیورانیوم، ومفاعل «خندب» للمياه الثقيلة قيد الإنشاء في إيران.
کما أفادت مصادر مطّلعة، «الأخبار»، بأن الهجمات الإسرائيلية، الجمعة، على منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، ألحقت أضراراً طفيفة بالمباني الأرضية في المنشأة، لكنها لم تُدمّر معدات التخصيب. لذلك، يبدو أنه، ونظراً إلى صعوبة تدمير المنشآت النووية الإيرانية ومخاطر الإشعاع، فإن هدف إسرائيل في هذه المرحلة هو إضعاف القوّة العسكرية الإيرانية، وكذلك الضغط على سلطات البلاد لتعطیل برنامجها النووي بشكل كامل.
وفي هذا الشأن، أعلن وزير الخارجية الإیراني، أمس، استعداد إيران لأيّ اتفاق يهدف إلى عدم امتلاكها أسلحة نووية، مضيفاً: «أمّا إذا كان هدف الاتفاق حرمان إيران من حقوقها النووية المشروعة، فبالطبع لن تقبل». وعلى صعيد المحادثات، قال عراقجي إن إيران أجرت خمس جولات تفاوض غير مباشر مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنّه كان من المقرّر أن تقدّم طهران مشروعها في الجولة السادسة، ولكنه أکّد أنه «من الواضح تماماً أن النظام الإسرائيلي لا يريد أيّ اتفاق على الملف النووي. لا يريد مفاوضات ولا يسعى إلى الدبلوماسية»، معتبراً أن الهجوم الذي شنّته إسرائيل الجمعة كان «محاولة لتقويض الدبلوماسية وعرقلة المفاوضات».
وفي سياق متصل، أكّدت «منظّمة الطاقة الذرية الإيرانية» أنها ستواصل بقوةٍ مسيرة تطوير التكنولوجيا النووية السلمية. وأعلنت، في منشور لها أمس، أنه «بالاستناد إلى عزيمة العلماء النوويين في هذا الوطن، سنواصل بقوّة مسيرة تطوير التكنولوجيا النووية السلمية لخدمة شعب إيران». وأضافت أن «الهجمات الخبيثة للأعداء لن تستطيع إيقاف إرادة هذا الشعب الصامد».
من جهة أخرى، وبينما زعم الرئيس القبرصي، نيكوس كريستودوليديس، أمس، أن إيران طلبت من بلاده نقل بعض الرسائل إلى إسرائيل، أكّد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن إیران لم ترسل أيّ رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي، واصفاً هذه الادّعاءات بـ»الكاذبة تماماً».