لينا الحصري زيلع
خاص رأي سياسي
برزت في الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في اعداد المتسولين، وذلك نتيجة عوامل متعددة وفي مقدمتها الاعداد الكبيرة للنازحين السوريين ودخول الاف منهم بطرق غير شرعية، إضافة الى تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والفوضى التي تشهدها البلاد، وضعف إمكانيات الدولة في التصدي لهذه الظاهرة غير الصحية.
وللإضاءة على الموضوع والاطلاع على دور وزارة الشؤون الاجتماعية في معالجة هذه الظاهرة، خصوصا في ظل وجود عدد كبير من الأطفال باتو يمتهنون التسول سأل موقع “رأي سياسي” المسؤولة عن المشروع الوطني لمكافحة التسول وأطفال الشوارع في وزارة الشؤون الاجتماعية سيما معاوية عن الموضوع فقالت: “اذا اردنا الحديث عن أطفال الشوارع والمتسولين فهناك 76% من المتواجدين على الطرقات هم من غير اللبنانيين، وتحديدا من اللاجئين السوريين او مكتومي القيد او من الرُحل الذين لا يملكون اوراقا ثبوتية، وهم في حركة تنقل دائمة بين الدول والمناطق، اما بالنسبة الى المتسولين اللبنانيين فهم حسب إحصاءات 2018 ، فان نسبتهم فقط 5% حتى انهم يعملون على الطرقات كبائعين متجولين وليسوا متسولين حتى، كما ان تسول الاطفال يندرج ضمن قانون الاتجار بالبشر”.
مشيرة الى انه وبسبب تعدد الزوجات عند السوريين النازحين بهدف الاستفادة المادية من المنظمات الدولية فان اعداد اولادهم يقارب ما بين 9 الى 13 ولد، على عكس ما يحصل في اوروبا حيث يتم الاستفادة ماديا على زوجة واحدة ويتم تحديد الولادات لديهم على ان لا تزيد عن اثنين، ولفتت انه حتى اذا ارادوا الاستفادة المادية على الاولاد في الدول الاوروبية، فهناك شروط محددة، واهمها متابعة دراستهم في المدارس، كاشفة الى ان لا قيود على هؤلاء النازحين في لبنان، اضافة الى انهم يخرجون ويدخلون من لبنان واليه، عن طريق المعابر غير الشرعية بهدف الاستمرار بالاستفادة من المساعدات المادية التي تقدمها الامم المتحدة، والتي لا تعمل على مساعدتنا من اجل ضبط عملية تواجد هؤلاء الاطفال في الشوارع.
واعلنت معاوية على اقتراح قدمته وزارة الشؤون الاجتماعية من خلال الدعوة الى عدم مساعدة المتسولين ماديا، لا سيما الذين يعملون على تشغيل الاولاد، وكشفت عن اشخاص يقتنون في المخيمات ويُطلق عليهم تسمية “شاويش” يكون كل واحد من هؤلاء مسؤول على اصطحاب قرابة عشرة اولاد من المخيمات، اما من عائلة واحدة او من عدد من العائلات، بهدف توزيعهم على الطرقات صباحا والعودة بهم الى عائلاتهم مساءً.
وذكّرت معاوية بالحملة التي اطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية تحت شعار “انت ما عم تساعدهن انت عم تساعد على استغلالهم”، لمحاولة توعية الناس بعدم مساعدتهم ماديا بل بتقديم المساعدات العينية لهم من غذاء والعاب والبسة، لتجفيف منابعهم لان الاموال الذي يجنوها من عملية التسول تذهب الى ما يسمى “الشاويش”.
واكدت ان لا سلطة لوزارة الشؤون الاجتماعية على اطفال الشوارع، كذلك القوى الامنية حيث يمنع القانون الإمساك بالأطفال او الاحداث الذين لديهم عائلات، الا اذا ثبت تعرضهم لاذى جسدي ظاهريا.
ودعت القوى الأمنية الى العمل لمحاربة ظاهرة التسول، وتواجدهم على الطرقات والارصفة والاشارات والتنقل بين السيارات، و ملاحقة الناس التي تعمل على تشغيلهم.
وعما اذا كان لوزارة الشؤون الاجتماعية أماكن إيواء لأطفال الطرقات، اشارت الى ان الامر ليس من مسؤولية الوزارة، باعتبار ان معظمهم لديهم اهل ومساكن، مؤكدة الى ان الحل هو بإعادتهم الى بلادهم التي بات اكثر من 90% من الأراضي السورية امنة وقابلة للعيش.
وعن سبب انتشارهم بمناطق معينة تقول معاوية:” توزيعهم في المناطق يقرره “الشاويش”، حيث يجري دراسة عن الاماكن التي يمكن ان يتعاطف سكانها مع هؤلاء الأشخاص، ونلاحظ ان هناك تعاطفا معهم مثلا في منطقة الشمال، حيث يعتبر البعض ان مساعدتهم تكون في اطار الصدقة، كما ان الملاحظ هو انتشار التسول بشكل كبير في مدينة بيروت لاعتبارات اهمها انها مركز العاصمة وأوضاع الناس فيها افضل ماديا من مناطق اخرى، كما ان الملاحظ هو انتشارهم امام دور العبادة لا سيما في المناسبات الأعياد.
مصادر امنية
من ناحيتها، تعتبر مصادر امنية لموقعنا ان هناك صعوبة حاليا بمنع انتشار المتسولين على الطرقات اللبنانية، رغم ان القانون يعطي القوى الأمنية دورا في الموضوع، لكنها تعتبر ان لا حلا لديها حاليا، مشيرة الى ان الحلول يجب ان تكون اجتماعية وليست امنية، خصوصا لا امكنة متوفرة لاحتجاز هؤلاء الأشخاص.
واذ لفتت المصادر الى ان معظم المتسولين هم من النازحين السوريين، رأت ان انتشار هذه الظاهرة تتزامن عادة مع الأوضاع الاقتصادية، وتعترف بضرورة ملاحقة ومتابعة وتوقيف المسؤولين عنهم، داعية المنظمات الدولية القيام بواجباتها لمساعدة الدولة اللبنانية على هذا الصعيد.
وأشارت المصادر الى ان هناك بعض الحالات يتم القبض عليها ولكن نعود لإطلاق سراحها، خصوصا اذا لم تتوفر أوراق ثبوتية لدى الأشخاص، لذلك فالمعالجات الأمنية ليست هي الحل خصوصا ان الأوضاع صعبة وعديد القوى الأمنية الى انخفاض يوما بعد يوم وهي بالكاد تستطيع القيام بواجباتها الامنية. مشددة على أهمية ان يكون هناك معالجات اجتماعية لبعض القضايا من تقديم دعم نفسي او معنوي او اجتماعي.
ووجهت المصادر الأمنية عدد من النصائح الى المواطنين، واهمها عدم إعطاء الأموال للمتسولين على الطرقات، وأشارت الى ان من يريد المساعدة عليه ان تقديمها الى المؤسسات الاجتماعية الموثوق بها والشفافة، ولفتت الى ان من يساعد هؤلاء ماديا فهو يعمل على تشجيع الجريمة لان معظمهم يمكن ان يتحولون الى مجرمين في المستقبل، وخصوصا الأطفال الذين يتواجدون في بيئة غير صحية على كافة المستويات.