كيف يخطط الجمهوريون لمواجهة الديمقراطيين؟

تعمل آلة ماغا على ضمان أن الهزيمة مستحيلة تقريباً في انتخابات التجديد النصفي للعام المقبل.
هلل الديمقراطيون، إلى جانب كثيرين غيرهم حول العالم، لانتصارات هذا الأسبوع في سلسلة من الانتخابات التي جرت في العام الماضي، والتي شهدت هزيمة نكراء لحزب دونالد ترامب الجمهوري. لكنهم الآن بحاجة إلى الاستعداد لرد الفعل لأن دونالد ترامب لا يحب الخسارة، وسيبذل قصارى جهده لضمان عدم تكرارها بكافة الوسائل.
في الوقت الحالي، لا يزال الديمقراطيون يتبادلون أطراف الحديث، مستمتعين بنجاح ذي مذاق أعذب، إذ جاء بعد عامٍ واحد بالضبط من خسارتهم كل شيء – مجلس النواب ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض – أمام ترامب العائد المنتصر.
وكان الفوز الأبرز هو فوز زهران ممداني التاريخي في نيويورك، المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في أمريكا، ولكن كان هناك نجاح أيضاُ في الطرف الآخر من القارة، حيث دعم الناخبون في كاليفورنيا الديمقراطيين في إجراء يبدو تقنياً، قد يكون بالغ الأهمية. وفي الأثناء، فاز الديمقراطيون بمنصبي حاكمي ولايتي نيوجيرسي وفرجينيا بأغلبية كبيرة من خانتين.
أثار كل هذا استياء ترامب، لكن انتخاب ممداني في مسقط رأسه هو ما أثار أسرع رد فعل؛ فلم تُضيّع قوى “ماغا” أي وقت في جعل الرجل الذي يصفه ترامب بـ”المجنون الشيوعي 100%” واجهة الحزب الديمقراطي. وانطلقت صحيفة نيويورك بوست مبكراً، حيث أظهرت صفحتها الأولى العمدة الجديد ممسكًا بمطرقة ومنجل، إلى جانب عنوان “التفاحة الحمراء”، مع قلب حرف الراء ليبدو سوفيتياً بشكل مثير للريبة.
كما عرضت قناة فوكس بيزنس رسومات البلاشفة في فقرة عن التهديد العالمي الذي تُشكّله الاشتراكية، والتي تضمنت شهادات دولية حول الإخفاقات التي تنجم عن عدم كون الربح هو الأهم – بما في ذلك تقارير عن “انهيار” هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية.
إن هدف الجمهوريين واضح بما فيه الكفاية: ضمان إمكانية خوض انتخابات التجديد النصفي الوطنية العام المقبل – حيث تكون السيطرة على مجلس النواب على المحك – ضد حزب ديمقراطي أعيد تشكيله على أنه ماركسي ممداني. وفي الوقت الحالي، يثق الديمقراطيون في قدرتهم على تجنب هذا الخطر، متحدين وراء رسالة مشتركة حول “القدرة على تحمل التكاليف”، حتى مع تكييفها لجمهور مختلف في أماكن مختلفة، تماماً كما فعلوا هذا الأسبوع؛ حيث يضغط الفائزون في فرجينيا ونيوجيرسي على نفس موضوعات تكلفة المعيشة مثل ممداني ولكن بألوان معتدلة وحضرية.
ويمكن أن ينجح هذا النهج العام المقبل، عندما تصل المنافسة على مجلس النواب إلى 435 انتخابات منفصلة. ومع ذلك، مع حلول الانتخابات الرئاسية لعام 2028، عندما يتعين على الديمقراطيين صياغة رسالة وطنية واحدة وراء مرشح وطني واحد يمكنه جذب كل من المدن والضواحي، سيكون الأمر أكثر صعوبة.
مع ذلك فهذا النوع من التحدي هو الذي اعتاد السياسيون على مواجهته. ولكن قد ينفذ ترامب ما أشار إليه بإمكانية قطع التمويل الفيدرالي عن نيويورك. وستكون هذه الخطوة جزءاً من سلسلة الإجراءات التي يبدو أن ترامب مستعد لاتخاذها لضمان عدم السماح لانتخابات نوفمبر 2026 بالسير على نفس النهج الذي سارت عليه هذا الأسبوع. وتعتبر انتخابات العام المقبل بالغة الأهمية بالنسبة لترامب ولن يسمح بحدوث ذلك.
وحتى الآن، يتمتع ترامب بسيطرة كاملة على السلطات الثلاث للحكومة الأمريكية: البيت الأبيض والمحكمة العليا ومجلسي الكونغرس، بفضل أغلبية الجمهوريين. ومن غير المرجح أن يتغير مجلس الشيوخ، ولكن بالنظر إلى الأغلبية الجمهورية الضئيلة حالياً في المجلس الأدنى، والتأرجح المعتاد في انتخابات منتصف الولاية ضدّ الحزب الحاكم، فإن كل المؤشرات التقليدية تشير إلى سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب في غضون 12 شهراً.
إن ترامب عازم على تجنب هذه النتيجة. ولهذا السبب ضغط على الجمهوريين في تكساس، مطالباً إياهم بإعادة ترسيم حدود الكونغرس للحصول على 5 مقاعد جمهورية إضافية مضمونة. وللتعويض عن تلك الخطوة السابقة في تكساس، طلب الديمقراطيون في كاليفورنيا من الناخبين هذا الأسبوع سلطة إعادة ترسيم بعض الدوائر الانتخابية بأنفسهم، ليمنحوا حزبهم ما يصل إلى 5 مقاعد ديمقراطية إضافية في مجلس النواب.
وقد حث ترامب الجمهوريين في كارولاينا الشمالية وأوهايو وميسوري وإنديانا على اتباع نهج تكساس، على أمل الحصول على ما يكفي من المقاعد الإضافية ليحتفظ حزبه بمجلس النواب حتى لو تخلى عنهم الناخبون في نوفمبر المقبل. ويستعد آخرون لقرار من المحكمة العليا قد يُضعف بنداً رئيسياً في قانون حقوق التصويت، وهو بند يسمح حالياً للهيئات التشريعية في الولايات بمراعاة العرق عند تحديد حدود الكونغرس.
كما سمح هذا الإجراء بصياغة دوائر انتخابية تضمن فوز مرشحي الأقليات المفضلين. وإذا حظرت المحكمة هذه الممارسة، فقد تتحرك الهيئات التشريعية للولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون لإلغاء تلك الدوائر بالكامل، مما يحرم الديمقراطيين من حوالي 12 مقعداً في الجنوب.
وفي مقال نُشر في مجلة “ذا أتلانتيك”، يستعرض ديفيد أ. غراهام طرقاً عديدة يعمل بها ترامب وحلفاؤه بالفعل للتحكم في انتخابات التجديد النصفي. وبعض هذه الطرق الحد من توافر التصويت المبكر والبريدي أو المطالبة بنماذج محددة من الهوية. وقد يتم إعلان حالة طوارئ، كما قد يرفض رئيس مجلس النواب الجمهوري تعيين الديمقراطيين المنتصرين، إضافة لدعم وسائل الإعلام الجمهورية.
لقد أرسلت وزارة العدل “مراقبين” لمراقبة مراكز الاقتراع في المناطق ذات الميول الديمقراطية في الانتخابات التي انتهت للتو. ويمكن أن نتخيل صعوبة وجود مراقبين موالين للحزب الجمهوري وتأثير ذلك على الناخبين.
وفي النهاية يبدو الصراع بين الحزبين كبيراً ويزداد عمقاً مع مرور الأيام.
المصدر: ذا غاردين




