كيف سيؤثر المنتخبين في الاغتراب على الانتخابات النيابية؟
تعتقد بعض القوى والأحزاب في لبنان أن المغتربين الذين سجلوا أسماءهم للإنتخابات النيابية المقبلة سيبدلون كثيرا من النتائج لصالح المجتمع المدني الذي حمل لواء التحرك الشعبي ضد السلطة منذ السابع عشر من تشرين الأول في العام 2019!
فرقم 244442 الذي تم تسجيله في السفارات والقنصليات خارج لبنان، او من سينتخب من هؤلاء لن يستطيع قلب المعادلات في لبنان وفق العديد من المختصين في الإحصاءات، وذلك لإسباب عدة أبرزها: أن الذين غادروا لبنان منذ أواخر القرن التاسع عشر قد وقع معظمهم في شرك عدم التسجيل في الدوائر اللبنانية الأمر الذي إنعكس على أبنائهم وأحفادهم، وعندما قررت الدولة التساهل في تسجيلهم وفتحت الأبواب أمامهم، لم يلبوا تلك الرغبة لإسباب عدة منها ان العديد منهم بات يحس أنه بعيد عن لبنان وساسته، وتحديداً بعد الصراعات والحروب التي دارت رحاها على الأراضي اللبنانية طوال الخمسين سنة الماضية على الأقل.
أضف إلى ذلك أن من يختلط بهؤلاء وذرّياتهم يلاحظ أنهم ما زالوا يحملون في قلوبهم عاداتهم ومشاكلهم وتنافسهم وصراعاتهم التي لم تكن بعيدة عما هو قائم على أرض أجدادهم. ولذلك فهؤلاء لا يعرفون عن السياسيين الا مناكفاتهم ومواقفهم التي تتداولها وسائل الإعلام بـ “إمانة”. ولذلك لا يعنيهم من سيفوز بل سينتخبون وفق انتماءاتهم العائلية أو الحزبية ولن يحيدون عنها مهما حصل.
كما أن من هاجر في العقود الخمسة الماضية بسبب الحرب الداخلية أو الصراعات الطائفية والمذهبية تمسكوا بأحقادهم وخلافاتهم وانتماءاتهم وهم نسخة طبق الأصل عن المجتمع القائم في لبنان ولذلك هم أيضاً سيقترعون على تلك الخلفية، أي أنهم سيعكسون ارتباطاتهم العائلية أو الحزبية أو المناطقية، وكذلك الذين هاجروا أو “انتقلوا” إلى الدول العربية بقصد العمل يصنّفون كالذين ما زالوا يقطنون في لبنان، وإقتراعهم لن يختلف عن المقيمين.
أما الذين تركوا لبنان في السنتين الأخيرتين بسبب الظروف الإقتصادية أو المعيشية أو المالية والذين يعوّل عليهم ما يسمى بـ “المجتمع المدني” ومرشحيه. والذين تسجّل معظمهم في الدول الأوروبية كفرنسا أو قبرص أو سواهما، فيؤكد المتابعون أن هؤلاء قد يؤثرون ببضعة مقاعد على أبعد تقدير وفي دوائر محددة كالعاصمة بيروت أو ما يشبهها من دوائر.
بعض المتحمسين كان يراهن على ان تسجيل ما يفوق المئتين وخمسين ألف مقترع في المغتربات سيؤدي إلى إحداث تغيير في ثلث المجلس النيابي القائم، ولكن الذين ينظرون إلى الواقع بجدية يرون أن أضغاث أحلام هؤلاء لن تتحقق لأن اللبنانيين خلطة غريبة عجيبة وعدم اتفاقهم على توجه واحد هو أمر بديهي ولكنه سيشكل صدمة لكثيرين!.