كيف تعلمين أطفالك الصبر والتحمل؟.. إليك نصائح مهمة
على الرغم من صعوبة نقل بعد الخصال الحميدة من شخص إلى آخر، فإن تربية الأطفال على التحلي بالصبر ليس أمرا مستحيلا حتى في عالم باتت فيه معظم الأشياء متاحةً للجميع.
فمع اتباع بعض الخطوات وممارسة بعض التمارين، يمكن للطفل أن يدرك أن الصبر فضيلة تؤتي ثمارها، ويتعلم التفريق بين ما يستحق الانتظار، وما تقتضي الحكمة تجاوزه وعدم إضافة الوقت فيه.
تعليم الطفل الصبر والتحمل
تقول الباحثة التونسية وداد رياحي إن تعليم الطفل الصبر والتحمل يعد ضرورة، لا سيما أن الكثير من الآباء يعانون من قلة تحمل أطفالهم للمسؤولية وقلة صبرهم في حياتهم اليومية، سواءً في انتظار الوجبات، أو استكمال الواجب المدرسي، أو على إتمام المهام المنزلية، إلخ.
وتبين وداد، وهي مربية أطفال حاصلة على دكتوراة في مجال الثقافة والحضارات، أن “الصبر سمة يمكن غرسها في نفوس الأطفال، وهي مهارة ضرورية له لينضج، إذ تساعد على تنمية مهارات التفكير وإيجاد حلول للعقبات والمشكلات التي يواجهها”.
وتلفت إلى أن “الصبر والتحمل درسان مهمان يجب أن يتعلمهما الطفل لأنهما من مهاراته الأساسية؛ فالصبر يمنح الطفل إحساسًا بالسلام الداخلي ويقوي شخصيته، ويجعله راضيا عما ينجزه. وعندما نتحدث عن القدرة على التحمل، فإننا عادة ما نفكر في القوة الجسدية بدلاً من الاستقرار العاطفي أو العقلي والنفسي، على الرغم من أنها من الأمور المهمة التي يجب أن يعرفها الطفل، لأنها تساعده كثيرًا عندما يتعثر”.
ما الصبر؟
يتصرف الأطفال من الميلاد إلى عمر 6 سنوات بدافع رغباتهم المباشرة، ولا يعرفون الانتظار، فما الصبر؟
يعرّف الصبر على أنه القدرة على تحمل المعاناة وأخذ الأمور ببساطة، كما أنه القدرة على القيام بأمور صعبة أو تفصيلية، وهو أيضا القدرة على انتظار الأشياء التي نريدها.
اعلان
تبين الكاتبة جيل بيلسكي، في تقرير لها نشره موقع “أندرستود”، أن صبر الأطفال ينفد من وقت لآخر، وخاصة الصغار منهم. ويتسم بعض الأطفال بالاندفاع ويصعب عليهم انتظار دورهم. ولكن عندما ينفد صبر الأطفال الأكبر سنا، فوق عمر 6 سنوات، فقد يحتاجون إلى دعم إضافي.
لماذا ينفد صبر الأطفال؟
ينفد صبر معظم الأطفال من وقت لآخر. ولكن عندما يحدث ذلك طوال الوقت، فقد يكون هناك سبب آخر. والسبب الشائع هو الاندفاع، فالأطفال المندفعون “يتصرفون بشكل غير لائق”، ويواجهون صعوبة في التفكير بهدوء قبل أن يتصرفوا.
وقد يكافح الأطفال لانتظار دورهم إذا واجهوا مشكلة في فهم القواعد الاجتماعية واتباعها، ويقومون بمقاطعة المتحدث ليتمكنوا من مشاركة أفكارهم على الفور، بحسب الكاتبة بيلسكي.
كيف نساعد الطفل غير الصبور؟
يجب أن نلقي نظرة فاحصة على نفاد صبر الطفل، هل يحدث لمرات متكررة في نفس الوقت أو اليوم؟ أم يحدث في مواقف معينة؟ وتنصح الكاتبة بيلسكي بتدوين ما تلاحظه.
إذ يسهّل تدوين الملاحظات على الآباء والمعلمين وغيرهم مشاركة ما يرونه والتوصل إلى إستراتيجيات للمساعدة في المنزل والمدرسة. ومن الجيد أيضًا مشاركة الآباء ومقدمي الرعاية مخاوفهم بشأن السلوك مع طبيب أطفالهم، أو الاختصاصي الاجتماعي أو النفسي.
اعلان
وعندما “يصبر الطفل”، يجب تحفيزه بمدحه على ذلك، قل له مثلا: “شكرًا على الانتظار بهدوء حتى يأتي دورك في الحديث”، بحسب نصيحة بيلسكي.
كيف أعلم أطفالي الصبر؟
سؤال يشغل بال الكثير من الأمهات، خاصة أن انعدام الصبر سمة طبيعية في شخصية الأطفال نظرا لأنهم لا يدركون الوقت، ما يعني أن الانتظار بالنسبة لهم يبدو طويلا مهما كانت المدة قصيرة.
وبحسب صحيفة “إل موندو” الإسبانية، ففي عصر نجد فيه كل ما نريده في متناول اليد، يعاني البالغون بمن فيهم الآباء من نفاد الصبر كوننا -جميعا- ضحايا عصر السرعة، فعندما نحتاج إلى شاحن جديد للهاتف نطلبه من متجر إلكتروني يقوم بتوصيله إلينا في أقل من 24 ساعة. وعند نفاد أي شيء من البيت، سنجد مركز تسوق مفتوحا حتى وقت متأخر من الليل جاهزا لتلبية أي من رغباتنا.
فكيف نعلّم أطفالنا التحلي بالصبر إذا كان ذلك صعبًا حتى بالنسبة لنا نحن الكبار؟
- كن قدوة
المفتاح الرئيسي لتعليم طفلك الصبر هو أن تكون قدوة له. فكيف يمكننا أن نطلب من الأطفال الانتظار بهدوء إذا كنا أنفسنا نشعر بالقلق عندما نضطر للانتظار في طابور لشراء شيء ما؟ أما إذا رأى أطفالنا أننا قادرون على التحلي بالصبر فسوف يتعلمون تدريجيا الشيء نفسه.
- تدريب يومي
شددت الصحيفة الإسبانية على أهمية التدرب يوميا في المنزل أو في مواقف الحياة اليومية. ومن شأن عادة تقديم كل ما يريدونه “في الحال” تشجيعهم على انعدام الصبر.
لهذا علينا تقدير الوقت المناسب لكل مهمة. فعلى سبيل المثال، إذا كان الصباح وقتا عصيبا بالنسبة لنا لأن أطفالنا بطيئون في تناول وجبة الإفطار، فيمكننا إيقاظهم أبكر قليلا لربح مزيد من الوقت.
وهكذا سيتعلم الطفل أمورا عديدة مثل التنظيم والتخطيط والسيطرة على شعور القلق والتوتر.
- قيمة التوقيت
ولأن الأطفال لا يعرفون معنى الوقت بعد، لذلك لا جدوى من مطالبتهم بمنحك 5 أو 10 دقائق. والأسهل قول جمل من قبيل “سنذهب إلى الحديقة بعد وضع الألعاب في مكانها”. أو “الآن بعد أن انتظرتني حتى انتهيت من ترتيب المطبخ، يمكننا الذهاب في نزهة”.
وعندما يكبرون قليلا، من الجيد أن نقدم لهم ساعة ونخبرهم بالوقت المحدد لما يريدونه، ويستحسن البدء بمواعيد قريبة ليتحققوا من أن الوقت يمر وأن صبرهم يُكافأ.
- احذر نفاد الصبر!
وينصح الخبراء بعدم الاستجابة لطلبات الأطفال التي تكون بشكل غير لائق أو التي تنم عن نفاد الصبر؛ وإذا طلب منك الطفل شيئا أو غضب، فيجب أن تذكّره بأن كل شيء له موعده النهائي، حتى يفهم أن الانتظار جزء من الحياة.
ومن الوسائل المفيدة لتعليم الطفل الصبر التقويم، خاصة عندما يتعين علينا التعامل مع أمور ستحدث بعد أيام أو أسابيع، وبهذا نتجنب الأسئلة المتكررة “متى؟”؛ ويمكن دعوة الطفل لتحديد التاريخ المطلوب وشطب كل يوم يمر ليكون لديه مرجع مؤقت.
نصائح مهمة
ويرى المختصون أن هناك رابطا قويا بين قدرة الإنسان على الصبر وقدرته على التحكم بنفسه، لذلك طوّروا طرقا تعوّد الطفل على الانتظار لفترة أطول، ويمكن للأمهات تنفيذها، طالما يرغبن في تربيته أطفالهن على الصبر والتحكم بالنفس، بحسب موقع “سوبر ماما” ومنها:
- لا تتعجلي في مساعدة طفلك كلما لجأ إليكِ في شيء، اخبريه بأن ينتظر حتى تكملي ما تفعليه، هذه الطريقة تقلل التوتر عند الطفل.
- اقترحي عليه القيام بشيء آخر حتى تفرغي من المهمة التي تقومين بها.. مثل أن يذهب ليلعب.
- قومي معه بأنشطة تحتاج إلى وقت لإتمامها، مثل زراعة النباتات، أو صيد السمك، أو عمل الحلويات مثلاً.
- ضعي جدولا يوميا لتنظيم وقته، فهناك وقت للعب ووقت لمشاهدة التلفزيون.. إلخ، هذا الجدول يعلمه الانتظار.
- الوفاء بوعدك له دائما، فطالما انتظر فحققي له رغبته.
- امدحي طفلك لانتظاره على طلبه، فهذه أسهل وأهم جائزة ينتظرها طفلك.
ألعاب تعلم الأطفال الصبر
هناك كثير من الألعاب التي يمكن أن تعلم الأطفال الصبر بدءًا من عمر صغير، وهي تزيد القدرة على التحمل وتجنب مشاعر الغضب، عند الانتظار سواء داخل عيادة الطبيب أو في السوبر ماركت، وحتى في البيت.
إليكِ أفضل ألعاب تعليم الصبر للأطفال، وهي غير مكلفة ويمكنك ابتكار ما يشبهها:
- لعبة البازل: تعلم ألعاب البازل (لعبة تركيب الصور) الصبر، وهناك عديد من أنواع ألعاب البازل، اختاري منها ما يفضله طفلك وما يناسب عمره.
- نشاط النقل بالقطارة: بعض الأنشطة تعمل على تعليم الطفل مهارة حياتية من خلال اللعب، ونشاط النقل بالقطارة يعلم الطفل الصبر. وكما يظهر من الصور، ونحتاج لهذه اللعبة، كوبا مملوءا إلى نصفه بالماء، وكوبا فارغا، وقطارة، ويبدأ الطفل بنقل الماء من القطارة من كوب لآخر، وهذا النشاط يعلمه الصبر، إضافة إلى تقوية عضلات يده وأصابعه، والثقة بقدراته.
- تعلم الشطرنج: لعبة الشطرنج متعدّدة الفوائد المعرفية والعقلية، وتكون مع الأطفال خاصة طريقة لتنمية تفكيرهم المنطقي والإستراتيجي وتعليم الطفل الصبر، وتُقوّي قدرات الطفل على تقدير مواقف الآخرين واستجابتهم وترتيب تحركاتهم تبعا لها، والتقدم في النهاية نحو هدفهم الأساسي، وربما يعرف المعلمون والآباء أكثر من غيرهم ما يطوره الشطرنج في مهارات أطفالهم تحديدا بين كل المهارات والقدرات التي تشير الدراسات إلى قدرة الشطرنج على تطويرها.
- الاهتمام بالنباتات: تؤكد المرشدة التربوية ثمار عرفات للجزيرة نت أنه “يتم تعليم الطفل طرق الزراعة باستخدام أدوات بسيطة ومتوفرة، ويعتبر هذا النشاط من أكثر النشاطات المحببة لدى الصغار”، لافتة إلى أن “الاهتمام بالنباتات يعلّم الطفل الصبر، لأن الصغار دائما يستعجلون ويحبون تلبية طلباتهم وحاجاتهم بسرعة، ومن خلال مراقبته لزراعة أي نبتة، سواء عن طريق زرع الحبوب بالقطن والتراب أو وردة في المنزل، وسقيها ومراقبها كل يوم حتى تكبر، سيشعر عندها الصغير بالإنجاز مع تعرفه على نمو النبتة.
- ابتكار ألعاب تشغل طفلك: تسعى الأم المبدعة لإنجاز عملها ومهامها المنزلية مع إبقاء طفلها مشغولا، وذلك من خلال محاولة ابتكار ألعاب تبقيه يلعب لفترات طويلة، وتعلمه الصبر والانتظار في الوقت نفسه، ومنها:
- خصصي له جدارا للرسم، بمساحة واسعة وتناسب طوله دون عوائق في تلك المنطقة المخصصة للرسم.
- دعي طفلك ينظف ألعابه، مع توفير مناشف لتجفيفها، وتخصيص مكان لترتيبها.
- إذا كنت تخصصين سجادة للعب، فيمكنك تصميم طرق عليها مع طفلك، ليلعب بسياراته عليها.
- خيمة الألعاب، قومي بمساعدة طفلك في تصميم خيمته أو قلعته، واملئيها بالعديد من الألعاب اللازمة لتصميم مدينته الخاصة.