رأي

كيف ابتسم نصر الله وهو يشاهد باسيل الغاضب!

كتب أحمد عياش في “النهار”: لم يفت الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، أن يتابع وقائع يوم المجلس الدستوري، وما انتهى إليه من لا قرار في شأن الطعن الذي قدّمه “التيّار الوطني الحرّ” في قانون الانتخابات المعدّل. كان يدرك أن حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي رد القانون المعدّل بعد وروده إليه، ولكن من دون جدوى، أن هذا الحليف بجناحيه الرئاسي والسياسي، مقبل على خيبة أمل كبرى في المعركة ضد القانون. ولعل هذا ما أدركه المواكبون للعلاقات بين الحليفين، فلفتوا الى أن كل ما قيل عن “صفقة” تسبق قرار الدستوري، كان في حقيقته جهداً منسّقاً بين الحليفين يتولاه من جانب الحزب مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، ومن جانب العهد والتيار النائب #جبران باسيل وعدد من المستشارين في قصر بعبدا. وكان القصد من هذا الجهد تدارك ما ستؤول إليه هزيمة العهد في معركة قانون الانتخاب، فيصار الى تحقيق مكاسب يرنو إليها العهد في التعيينات الإدارية الرفيعة، التي تمثل الجائزة الكبرى في آخر سني الرئيس عون في منصبه الحالي.
لكن الرياح هبّت عكس ما يشتهيه الثنائي “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. وعندما عبّر باسيل عن غضبه في المؤتمر الصحافي الأخير، قائلاً: “ما جرى في المجلس الدستوري هو بقرار سياسي اتُخذ من قبل طبقة أو من منظومة سياسية متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس ميشال عون، وعلى رأس القرار اليوم كان الثنائي الشيعي وهذا القرار اتُخذ بينهما بالتكافل والتضامن وهذا سيرتّب نتائج سياسية مهمة…” كانت هناك ابتسامة تعلو شفتي نصر الله الذي عادة ما يبتسم عندما يرى أن شكوى حلفائه هي “فشة خلق” لا أكثر ولا أقل. وهكذا تابعت وسائل إعلام الحزب “غضبة” باسيل على هذا الأساس. ولم تتجاهل قناة “المنار” التلفزيونية التابعة بالصوت والصورة ما قاله زعيم “التيار” في “الثنائي الشيعي”.
هي فعلاً “فشة خلق” يعرفها باسيل قبل سواه. وليس بحاجة لكي يتولى منسق العلاقات بين الحزب و”التيار”، تذكير باسيل بما عاينه شخصياً، أي صفا، ذات مرّة كيف أن باسيل ينظر الى السيد نصر الله على أنّه من “القديسين”. وممّا قاله صفا في حديث لموقع العهد التابع لـ”حزب الله،” لمناسبة الذكرى السنوية لـ”تفاهم مار مخايل” في شباط 2019، إن علاقة صداقة قويّة تربط رئيس “التيار” مع الأمين العام للحزب، و”المميّز أيضاً يكمن في كميّة الحب التي يختزنها باسيل للسيد نصر الله الذي لم يكن كلامه في الإعلام عن صداقة تجمعه بباسيل مجاملة سياسية، بل هو توصيف واقع وحقيقة”. وأوضح صفا أنّ رئيس التيار “شقفة” من الرئيس ميشال عون لجهة المشاعر الجيّاشة التي يكنّها للسيد نصر الله، و”كما هو معروف، إن الرئيس عون لا يستطيع إخفاء بريق عينيه في أيّ لقاء يجمعه بالسيد”. وأكد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق “حصول لقاءات يعقدها السيد نصر الله مع باسيل لا تظهر أبداً الى الإعلام وهي في سياق التنسيق المستمر الذي قد نشهده أكثر في المستقبل.”
قبل الجواب عن سؤال عمّا يعنيه كلام باسيل الأخير من أن قرار الثنائي الشيعي الذي “اتُخذ بينهما بالتكافل والتضامن سيرتب نتائج سياسية مهمة”، لا بدّ من العودة الى كلام نصر الله في 11 تشرين الثاني العام الماضي، المتضامن مع باسيل في وجه العقوبات الأميركية التي لحقته في وقت واحد مع الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، فكشف في إطلالة تلفزيونية في ذلك اليوم عن أن “باسيل قال لي إن أميركا تريد منه إنهاء العلاقة مع حزب الله وإلا وضعته على لائحة العقوبات لكنه أكد لي أنه لن يقبل وسيرضى بوضعه على لائحة العقوبات وأنا قلت له إن العلاقة بيننا قديمة وراسخة، نحن لا نريد أن تتأذوا، اتّخذوا أيّ وقف ترونه لمصلحتكم نتيجة هذه الضغوط ونحن جاهزون للمساعدة”.
هذا الكلام الودّي جداً بين الحليفين ما زال قريب العهد. فهل هناك معطيات تسمح بالقول إن الحزب و”التيار” قاربا الافتراق؟
من هم خبراء في علاقات ثنائي حارة حريك-قصر بعبدا، يقولون إنها ليست المرة الأولى التي تطفو فيها التباينات بين الجانبين على السطح. فهناك مناسبات عدة ظهرت فيها مثل هذه التباينات، ولا سيما عند تشكيل الحكومات التي رافقت عهد الرئيس عون منذ عام 2016 لغاية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الحالية. ولعل الجديد في هذه العلاقات الاستحقاق الانتخابي المقبل الربيع المقبل. وهنا، تبتسم أوساط نصر الله مجدداً وهي تشاهد باسيل الغاضب يقول: “الأهم كل ما يتعلق بالميثاق في هذا البلد وبوجوده، أمر لن يمر من دون انعكاسات سياسية، وهذا نعتبره حلفاً رباعياً في وجهنا ولن نسكت عنه ولن نقبل به”. وهنا أيضاً ليس هناك ما يستدعي من هذه الأوساط، للقول إن كلام باسيل عن “حلف رباعي”، في إشارة منه الى الانتخابات النيابية عام 2005، يختزل ما بعده من الانتخابات المتتالية، وآخرها عام 2018، التي جرت “كتفاً الى كتف” بين الحزب والتيّار، من دون إغفال ما فعلته وقفة نصر الله التي لم تتزحزح لكي يصل الجنرال عون الى رئاسة الجمهورية عام 2016.
هناك الكثير ليقال عن التفاهم بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، حتى منذ ما قبل إعلانه رسمياً في شباط 2006. فالعلاقات بين الجانبين طوال نحو 16 عاماً، كانت أقرب الى زواج ماروني. ولعلّ في هذا مغزى ابتسامة نصر الله وهو يشاهد باسيل الغاضب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى