اقتصاد ومال

كندا الأكثر تضرراً من رسوم ترامب على الصلب والألمنيوم

تواجه أوتاوا استهدافاً نوعياً من الحرب التجارية، التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث قرر فرض رسوم جمركية كبيرة على واردات الصلب والألمنيوم من مختلف أنحاء العالم، بينما تعد كندا أكبر مورد للصلب لأميركا، كما يستحوذ خامها من الألمنيوم على ثلثي الواردات الأميركية.

في العام الماضي، كانت كندا أكبر مورد للصلب إلى الولايات المتحدة، تليها البرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية وفيتنام، وفقاً لبيانات معهد الحديد والصلب الأميركي. وتحصل الولايات المتحدة أيضاً على نحو ثلثي الألمنيوم الخام من كندا.

وقال وزير الابتكار والعلوم والصناعة الكندي فرانسوا فيليب شامبين، على منصة “إكس”، إن “الصلب والألمنيوم الكنديين يدعمان الصناعات الرئيسية في الولايات المتحدة من الدفاع وبناء السفن والسيارات”. وأشار اتحاد منتجي الصلب في كندا إلى أن الرسوم الجمركية ستدمر القطاع وعماله.

وسبق أن فرض ترامب خلال ولايته الأولى بين 2017 و2021 رسوماً جمركية مشددة على الصلب والألمنيوم بهدف حماية الصناعة الأميركية، مندداً بما وصفها بالمنافسة غير النزيهة من دول آسيوية وأوروبية، حيث فرض في 2018 رسوماً بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على واردات الألمنيوم من كندا والمكسيك، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق في 2019 بشأن تحديد حصص معفاة من هذه الرسوم.

ويبدو ترامب عازماً على فرض المزيد من الرسوم الجمركية، إذ قال في الطائرة الرئاسية التي أقلته، الأحد الماضي، إلى نيو أورلينز لحضور مباراة نهائي دورة كرة القدم الأميركية (سوبر بول) “، إنه سيعلن “الثلاثاء أو الأربعاء” عن “رسوم جمركية متبادلة” حتى تكون الرسوم المفروضة على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة مماثلة لتلك المفروضة على الصادرات الأميركية.

وتقع الرسوم الجمركية في صلب سياسة ترامب الاقتصادية والدبلوماسية منذ تنصيبه في 20 يناير الماضي، وهو يعتبرها وسيلة لخفض العجز في الميزان التجاري الأميركي، ولانتزاع تنازلات من الدول المستهدفة في آن. وأثارت هذه التدابير ردود فعل مختلفة من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، ما بين التعهد بالرد ومحاولة المهادنة.

وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس الاثنين، أن الاتحاد الأوروبي “سيرد” على الرسوم الجمركية الأميركية مثلما فعل خلال ولاية ترامب الأولى. وقال متحدثاً لشبكة “تي إف 1” التلفزيونية “ليس هناك أي تردد حين يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحنا”، مضيفاً أن المفوضية الأوروبية مخولة التحرك بهذا الصدد.

يعلم الاتحاد الأوروبي أنه هدف لترامب الذي أعلن أنه سيتخذ قراراً “قريباً جداً” بشأنه. وقالت المفوضية الأوروبية، أمس الاثنين، إنها لم تتلق “أي تبليغ” برسوم جمركية جديدة حتى الآن. وفي انتظار تدابير ترامب، لم تسجل أي بلبلة، أمس، في الأسواق المالية، سواء في أوروبا أو في آسيا، فيما قدم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، يوم الجمعة الماضي، ضمانات لترامب خلال لقائهما في واشنطن. وأعلن المسؤولان حينها أن مجموعة “نيبون ستيل” اليابانية ستستثمر في شركة “يو إس ستيل” الأميركية للصلب بدل الاستحواذ عليها مثلما كان متوقعاً.

كذلك تعهدت طوكيو بشراء “كميات قياسية” من الغاز الطبيعي المسال الأميركي، وهو ما تعهدت به تايوان أيضاً، أمس. كما ستزيد شركتا تويوتا وإيسوزو موتورز استثماراتهما في الولايات المتحدة. ولم تُسجل أي بلبلة أيضاً في البورصات الصينية، في وقت دخلت فيه حيز التنفيذ، أمس، رسوم جمركية مشددة فرضتها الصين على بعض المنتجات الأميركية، رداً على رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% فرضتها الولايات المتحدة منذ الثلاثاء الماضي على المنتجات الصينية. وتشمل الرسوم الصينية الجديدة 14 مليار دولار من البضائع الأميركية، فيما تطبق الرسوم المشددة الأميركية جميعها على 525 مليار دولار من المنتجات الصينية. وسُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غوو جياكون، عن الإعلان الأميركي الجديد بشأن الصلب والألمنيوم، فقال، أمس، إنه بنظر بكين “لا تسوية من خلال الحمائية ولا رابح في حرب تجارية أو جمركية”.

وكان ترامب أعلن بعد أيام من تنصيبه، فرض رسوم جمركية بنسبة 25%على الواردات من المكسيك وكندا، بالرغم من اتفاق تبادل حر موقّع بين الدول الثلاث. لكن ترامب الذي يتهم الدولتين بعدم بذل جهود كافية لضبط تهريب المخدرات والهجرة غير القانونية، منحهما في اللحظة الأخيرة مهلة شهر بعد التزام أوتاوا ومكسيكو بتعزيز التدابير الأمنية على الحدود. وفي مواجهة موجة التنديد بالرسوم الجمركية، شهدت المسألة تطورات جديدة مثل تأجيل فرض رسوم على الطرود البريدية التي تقل قيمتها عن 800 دولار القادمة من الصين، وتحديداً من موقعي “تيمو” و”شي إن”.

وفي السابق، تعهد ترامب أيضاً بفرض رسوم جمركية على الرقائق الإلكترونية والأدوية والنحاس والنفط والغاز المستوردة في منتصف فبراير/شباط الجاري. وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة بثتها شبكة سي أن أن الأميركية، أول من أمس الأحد، من مغبة حرب تجارية على الولايات المتحدة نفسها، مؤكدا “إذا فرضتم رسوماً جمركية على عدة قطاعات، فهذا سيؤدي إلى زيادة في الأسعار وسيثير التضخم في الولايات المتحدة”.

غير أن ترامب ومساعديه الذين يعدون باستمرار بـ”عصر ذهبي جديد” للولايات المتحدة، قللوا حتى الآن من مخاطر انعكاس هذه التدابير الجمركية على الاقتصاد الأميركي، بعدما وضع ترامب تعزيز القدرة الشرائية ومكافحة التضخم في صلب حملته الانتخابية. وبلغ العجز في الميزان التجاري لأكبر قوة اقتصادية في العالم العام الماضي حوالي 920 مليار دولار.

ويقول المسؤولون الحاليون والسابقون في إدارة ترامب إن الرسوم الجمركية التي جرى الإعلان عنها “لا تزال جزءاً صغيراً من أجندته التجارية”، مشيرين وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إلى أن هناك “رسوماً عقابية” مثل تلك التي تم التهديد بها مؤخراً مع كندا والمكسيك والصين وكولومبيا بشأن قضايا الهجرة وتهريب المخدرات. وقال بيرني مورينو السناتور الجمهوري في أوهايو، وهو حليف لترامب في مجلس الشيوخ: “ستكون هناك رسوم جمركية هيكلية طويلة الأجل”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى