رأي

كلفة إنقاذ العيش المشترك على وقع الإنهيار!

كتب عيسى ابو عيسى مقالاً في صحيفة “الديار” نقل فيه عن مصادر سياسية مطلعة تأكيدها صحّة التوقّعات الكثيرة حول مستقبل البلد القاتم في المراحل المقبلة، نظراً لعمقها وجدّيتها بعيداً عن السطحية التي حفلت بها مواقف قوى وأحزاب وتيّارات سياسية، أكّدت في خلاصتها أنّ أزمة لبنانية متجذّرة ومعقدة، وأنّها تحتاج إلى سنوات من الإصلاحات والعمل والشفافية قبل بدء الخروج من أزمة أسهمت في انهيار وتداعي مقومات البلد تباعاً.وتؤكد المصادر أن ما يواجه لبنان حاليا ليس إنخفاضاً كارثياً في مستويات المعيشة فحسب، وإنّما حقيقة الامر أنّه لن يكون قادراً بعد الآن أبداً، على ما يبدو من مؤشّرات، أن يعود إلى نفس المكان الذي احتله في السّابق في التقسيم الدولي والترتيب العالمي على خلفية أزمة مالية إقتصادية عالمية، خصوصا أنه في الوقت نفسه سبقت معظم الدول التي كانت مستميتة للتشبه به فأصبحت على بعد اّلاف الأميال من الخطوات الاقتصادية والعمرانية ونسبة قدرات العيش قياسا على لبنان الذي أضحى في المراتب المتدنية ليتشابه مع الصومال وموريتانيا!

وتلفت المصادر الى أن سقوط مستوى معيشة اللبنانيين إلى هذا العمق من التردي، يعود إلى أنّ تدفّق العملة الأجنبية من الخارج سينخفض بدرجة كبيرة، ولن يكون قادراً على تعويض عجز التجارة الخارجية بنفس الدرجة، وبالتالي إمكانية قيام لبنان للوصول الى مستوى هذه الحفرة يتطلب أكثر من معجزة، خصوصا أن العامل الاساسي لأي نمو او تقدم مرتبط إرتباطا عضويا بمبدأ «الثقة» التي أصبحت مفقودة في معظم القطاعات، خصوصا المصرفية منها التي كانت تشكل العامود الفقري للاقتصاد اللبناني، وأن عملية سلب أموال الناس وفق حجج واهية والتلطي تحت عباءة إستدانة الدولة من الهيئات المصرفية سبيلا لقرصنة أموال المودعين لا يمكن أن تتم معالجته حلال سنوات قليلة بل يتطلب عقودا من الزمن، مع العلم أن أكثرية الودائع الكبيرة وبالعملة الصعبة تعود لمستثمرين عرب وخليجيين على وجه الخصوص، وهذه الاموال لن تعود لأصحابها سوى بعد عشرات السنوات، حسب تقدير المصادر، مما يعني ان أي رجل أعمال عربيا كان أم أجنبيا لن يجرؤ بعد اليوم على الدخول الى عتبة أبواب المصارف في لبنان!!

وفيما يعلم أهل السياسة همسا أن البلد أصبح في عداد الدول الفاشلة، وأهله يهلكون ويستعطون المساعدات على أنواعها ، ثمة نوع آخر من القيادات يراهنون على سقوط لبنان نهائيا تمهيدا لأجندات خاصة يمكن العبث من خلالها بالتركيبة اللبنانية المتنوعة إيذانا بولادة «لبنان» مختلف عما سبقه في تكوينه الطوائفي! لتختم هذه المصادر بالقول أن معظم رجالات الدولة أصبحوا على علم وخبر بما يحاك، والأفضل فيما بينهم لا يمكنه وضع حجر على حجر على خلفية أنه «آدمي» مؤمن بهذا البلد والعيش بين الطوائف… لكن إنتاج هذا العيش من جديد سوف يكون مكلفا إن لم يكن مستحيلا !!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى