كلاس: سنبقى نناضل من أجل لبنان
![](https://raiseyasi.com/wp-content/uploads/2025/02/lvl220210910035545384-780x450.jpg)
كتب وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور جورج كلاس على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة : “حكومة { معاً للإنقاذ } و فنُّ إسْدالِ السِتارةِ ..!
نصٌ وجداني ، لا هو بيانٌ وزاري و لا طلبُ ثقةٍ و لا جردةُ حساب . بل انه وقفةُ وفاء لمَنْ وثق بي مواطناً و سمّاني وزيراً و ولّاني مسؤولية .
مِن رَفْعِ الستارة الى إسدالها ، مشهدياتُ وَجْدٍ ، و ذَرٰفياتُ دمعٍ ، و صفنيَّاتُ وفاءٍ ، و وقفاتُ مَجْدٍ خدمةً للبنان ..!
بعد ثلاث سنواتٍ و خمسة اشهرٍ من خدمة الوطن، في ظروفٍ قاسية اقتصادياً و ظالمة أمنياً و عابقة بتحدياتٍ سياسية محلية و إقليمية و دولية قاسية، تطفئ حكومة ( معاً للإنقاذ ) شمعدان نذورٍ أَوقَفَته في سبيل لبنان، وتفتح كُتَبَ صلوات لأن يحفظ الله هذا الوطن و يحصنّه ضدّ أي شر و خطر ، و يمنع عنه كل عين حمراء .
في العاشر من ايلول 2021 سميّنا في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أربعة و عشرين وزيرا من عيار اربعة و عشرين قيراطاً ذهباً خالصاً من العلم و الوطنية و التخصص، شعارنا ( معاً للإنقاذ ). و عملنا بإندفاعية و من كل قلبنا و عقلنا لنرضي ضميرنا و نخدم الوطن و نخاف الله في كل ما فكرّنا و عملنا و أنجزنا و ما حاولنا فعله و ما لم نقدر على تحقيقه.
ثابرنا على الواجب و تحمَّلنا النقد و الإنتقاد و الشتمَ و التجريح و التصويب ، و صبرنا و تناسينا التهجُّماتِ الاستفزازية، و تجنَّبنا الإنزلاقات الى مهاوي الخلافاتِ الموظَّفة و الإستثماراتِ النزاعية للأزمات ، و أصرَّينا ان نبقى عسكر حكومة ( معاً للإنقاذ ) كاملي المواصفات و خارج الشروط و الرهانات و الإرتهانات ، لأننا اردنا و قررنا و بادرنا و إرتضينا العمل باللحم الحيّ و البذل و النذف و الذرفَ حتى آخر نقطة زيت في سراجنا ، ليبقى للبنانيين أمل بالنجاة من صراع العيش القاسي ، و أن نُقنعهم انهم مواطنون و ليسوا ضحايا، و لا هم أسماء على لوائح الشطب و لا اعداد في صناديق الانتخاب ، و لن يكونوا ابدا ارقاماً في عَدّاد الوطن.
قبلنا بفخر ملئنا الأمل، و قررنا بعزم سيفنا القلم، ان نكون و نبقى ( معاً للإنقاذ ) في شراكة متراصة متساوية بتحمّل المسؤوليات من دون النظر الى تفاوتٍ في نوعية ودور و سياديَّة أيِّ وزارة ، لأننا إعتبرنا اننا واحد في خدمة الكلّ و ان نوعية حكومتنا هي من تنوّع لبنان.
معاً للإنقاذ كُنَّا، و معاً للإنقاذ قررنا ان نستمر، ومعاً للإنقاذ سنبقى في أي موقعٍ و مرفعٍ كنا، نتضامن و نتكافل و نتعاضد و نناضل من اجل أن يبقى لبنان كما نريدُ ، خالصاً نَقِيًّاً حرّاً متحرراً مُحرّراً .
لكن شعار ( معاً للإنقاذ ) تعرّض للتهاوي و التداعي ، بعد ان شعرتُ شخصياً انه مطلوب مناً ان نكون معاً للإنقاذ في ازمنة موسمية فقط ، و انه في كثير من الامور المفصلية يتحول هذا الشعار من قبل البعض و غَبَّ الطلب الى ( إعلانٍ ) تسويقي ِّ لا اكثر ، او انه يستحيل عنواناً باهِتاً لمرحلة ظرفية ، يستهدفها كثيرون و يستغلها كثرٌ و يستثمرها قراصنة في السياسة و يتاجر بها مقاولون في الوطنية ، و يتحيَّنها صيادو فرص في سوق المزادات ، العلنية مرة و السرية مرات ، و التي غالباً ما كان المزايدون يتوزعون فيها الأدوار لضمان المردود و ربح المزاد بالتشارك والتساوي .
كنت أعي ان حراجةَ بعض المواقف كان يتم تسويقها او اتخاذها بالمُفرَّق ، لا بالتوافق و لا بالإجماع و لا حتى عن طريق العلم و الخبر على الاقل . كنت أدرك و اسكت مضضاً ان تلك من سيناريوهات كاتب النص و من أسرار مهنة الإخراج المسرحي المحكم الإنتاج و الحريص على فنية الجذب و لحظية الفجائية ، حفظاً لمَوْقَعِيَّةِ المركزيات السياسية و دورها الوطني و رصيدها الشعبي و إستثماراتها المستقبلية في الناس .
كان الصمتُ و الصبرُ و الصفنُ و العضُ على الشفة السفلى ، مَقفَلَةَ كلِّ ندمةٍ على أيِّ هفوةٍ ، و كل غمضةَ عينٍ على أيِّ فَشْلَة .
كانت أمالنا اكبر من قدراتنا ، و نتاجاتنا أقلَّ مما كان يطلبه المواطنون من حكومة محكومة بأزمات متراكمة و وارثة لنزاعات متعاظمة .كان ذلك قدَرنا الوطني ، و ما تجاوزنا قطوعاته بغير صلوات ليالي القدر و أدعية الأخيار الأوفياء و الطيبين الأتقياء.
ثلاث سنوات و ستة اشهر من عمر لبنان السياسي الحديث ، لعلها من أطول الولايات الحكومية ، التي عانى فيها الوطن شغوراً رئاسياً على مدى سنتين و ثلاثة أشهر ، تحول فيها مجلس الوزراء الى كيانٍ سياسي يتحمل مسؤوليات الحكومة و بعض صلاحيات رئيس الجمهورية حرصاً على إستمرارية الدولة ، متلقفين الحمم البركانية و جمر الانتقادات ، من دون تهرُّبٍ أو تقاعسٍ او إنصياعاتٍ او الإختباء من واجب . هي مرحلة زمنية تنسدل فيها الستارة على فصول من مشاهد عذابات لبنان و نضالاته رُغمَ ما شهدته البلاد من إنزالاتٍ و شبه وصايات مغلفة بحلاوات الغيرة على لبنان أو ريباتِ الغيرة منه . هي الستارة تنسدل ، أو نحن أردنا إسدالها ، أو اننا نتعامل مع واقعية سدلها بسلاسة و مقبولية ، لأن المسرح تبدل و المسرحية تتطلب نصاً مغايراً و تشخيصيين جدداً ، تتماشى مهاراتهم مع متطلبات كل دور جديد و توافق قدراتهم مع إنتظارات مأمول نجاحها إنقاذاً للبنان .
من موقعي كمواطنٍ ، كان لي شرفُ ان أُذَكّى و أُسَمّى و أُعَيَّنَ وزيراً { للشباب و الرياضة } ، في فترة دقيقة الحراجة وطنياً . و يومَ أقسَمْتُ على الدستور في نَزعةٍ طقسية خاصة ، أردفتُ و زدتُ و تعهدت ، ان انظر الى الوزارة من حيثُ أنها خدمة لا من حيثُ هي سلطة . و انني في اللحظة التي أدخل فيها الى مكتبي لتسلُّمِ مسؤوليتي ممن سلَّمها لي أمانة ، سأعيشُ لحظةَ التَرْكِ آمناً مطمئناً ، و أن أكسُرَ قلمي قَبلَ أنْ أُضطُرَِّ لكسرِ خاطرِ أيِّ أحد .
أعلنتُ و أقسمتُ و تعهدتُ في آخرُ بَندٍ من جدول إلتزاماتي ، أن لا يشكوني أحدٌ للّه ، من دون أن أرمي سلاحَ أَنْ أشكو للرَّب كُلَّ مَنْ حاولَ أوْ فَكَّرَ أوْ ظَنَّ بي عاطِلاً أو حاول استعدائي كرمى لعينٍ عوراء و مراعاةً لأذنٍ صمّاء .
و ما بين الماقبل و المابعد ، و بين تشرُّفي أن أخدم في أواخر ( عهد عون الاول ) المثقل بالأزمات و بداية( عهد عون الثاني ) الحامل التطلعات ،
و مابينهما ( عهد ميقاتي ) المتحمِّل المسؤوليات ، فبَيَانٌ من عُمْقِ الوَجْدِ أقانيمه :
١- أنني لم أسعَ الى منصِب و لَمْ و لَنْ أتهرَّبَ من واجب ، و لن أختبئ من تحمل مسؤولية أي عمل اقدمت عليه .
٢-أنني اعرفُ كَيْفَ أدخلُ المقاماتِ من أعلى ابوابها ، و كَيْفَ أخرجُ منها شريفاً عفيفاً نظيفاً رفيعَ الرأس صوَانيّ الضمير ، و ان أَحترِفَ بعقلانية واقعية ، كيف اكونَ ( سابِقاً ) ، و أجهدُ لأن اكون غير مسبوق ، و أعتزُّ ان يعتز بي النسيب و القريب و الغريب .
٣- أن أبقى ممارساً محترفاً بقناعةٍ رِضائيّة فنًَّ ( إسدال الستارة ) على مشهديات و فصول مسرحية مسار حياتي ، قَبلَ أَنْ يتمنَى الآخرون إسدالها ، ايماناً مني ان القناعة هي اصلبُ مناعة .
إِذَّاكَ أكون أكثرَ حريَّةً و تحرُّراً و أبقى أنا ، إبنَ أخلاقي و حارسَ القيم التي نُشئتُ عليها في بيتي و مدرستي و جامعتي و مجتمعي و معارفي .
بارك يا لبنان و مؤسساته الدستورية و شعبه و أرضه و جوّه و ماءه ، و إحفظه ذخراً للتاريخ و الانسانية و هيكلاً لقدسك و مجدياتِ نعمك و عطاياك .
و إنْ من قفْلَةِ رجاءٍ أرفَعها إلى السماء ، فأن يبارك الله العهد الجديد و ينضحه بزوفى بركاته و يُمَنِّعَه بالقدرة على تجاوز الصعاب و يساعده لتحقيق كل نجاح ، بمساعدة حكومة جديدة معقودة عليها كل الامال ، و مطروقة لها كل الصدور ، المسموعةُ و الرجاءاتِ المشفوعةُُ الدعاءات :
أَنْ إحْمِ يا ربُّ لبنانَ و أبقِه في عينيكَ أمانة ..!
رجَوناكَ يا رب “.