رأي

كشف إصابة الملك تشارلز بالسرطان.. شفافية ونهج ملكي جديد؟

عارف جابوقبل – DW

بعد الإعلان عن إصابة الملك تشارلز الثالث بالسرطان، تدفقت تمنيات قادة العالم بالشفاء له. لكن الإعلان عن إصابته بعد التشخيص مباشرة، يعد أمرا جديدا ومغايرا تمام للسرية التي أحاطت بصحة والدته الملكة الراحلة إليزابيت الثانية.

بعد الإعلان رسميا عن إصابة ملك بريطانيا تشارلز الثالث بالسرطان تصدرت صورته الصفحات الأولى من الصحف البريطانية. وعنونت صحيفة “ذي صن” “أنا مصاب بالسرطان”، بينما عنونت “ذا ميرور” “صدمة سرطان الملك”، وكتبت “ذي تلغراف” “الملك مصاب بالسرطان”.

وقد تم الكشف عن إصابة الملك تشارلز الثالث (75 عاما) بالسرطان مساء الاثنين (05 شباط/ فبراير 2024) وكان تشارلز يستريح بعد جراحة في البروستات، وتم اكتشاف السرطان أثناء فحص بعد هذه الجراحة. وأوضح قصر باكنغهام أنه “خلال العملية الجراحية الأخيرة التي خضع لها الملك تشارلز في المستشفى بسبب تضخم حميد في البروستات، تم اكتشاف مشكلة أخرى”، و”أظهرت فحوصات لاحقة وجود شكل من أشكال السرطان”. وأكد القصر أن المشكلة الصحية المستجدة ليست سرطان البروستات.

وبدأ الملك “برنامج علاجات منتظمة نصحه خلاله الأطباء بتعليق أنشطته العامّة”، بحسب قصر باكنغهام. غير أنه سيواصل “الاهتمام بشؤون الدولة والمهام الإدارية كالمعتاد”. وأكّد الملك أنّه “متفائل جداً” بشأن العلاج، وأنه لا يعتزم وقف أنشطته بالكامل على رأس المملكة المتحدة ومجموعة دول الكومنولث التابعة للتاج البريطاني.

وبعد الإعلان أن الملك سيغيب عن الحياة العامّة لفترة غير محدّدة، بعد 17 شهراً فقط من اعتلائه العرش بسبب المرض، أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن السرطان الذي يعاني منه الملك تشارلز الثالث “اكتشف مبكراً”. وقال سوناك لشبكة “بي بي سي” الإخبارية البريطانية، “لحسن الحظ تم اكتشاف (السرطان) مبكرا والجميع يتمنى له أن يتلقى العلاج الذي يحتاجه ويتعافى تماماً”.

تمنيات بالشفاء من قادة العالم

وبعد انتشار خبر إصابة الملك بالسرطان تدفقت التمنيات بالشفاء العاجل له من العديد من قادة العالم، من بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أكد على “الشجاعة” المطلوبة في مواجهة السرطان وتمنى للملك الشفاء العاجل والتحدث معه قريبا. والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أرسل “مشاعر الصداقة” للملك. بالإضافة إلى كل الطبقة السياسية البريطانية، بما فيها الانفصاليون الإسكتلنديون والجمهوريون في إيرلندا الشمالية، أعربوا عن تمنياتهم بالشفاء العاجل للملك.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الذي تتبع بلاده للتاج الملكي البريطاني، إن “جميع الأستراليين يرسلون أطيب تمنياتهم للملك تشارلز بالشفاء العاجل. هذه أخبار صعبة”. وانضم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي “إلى شعب الهند”، المستعمرة السابقة للتاج البريطاني، “ليتمنى الشفاء العاجل والصحة الجيدة” للملك تشارلز الثالث.

الشفافية وتجنب التكهنات

وقرر الملك تشارلز اعتماد الشفافية بشأن العملية الجراحية التي خضع لها لعلاج مشكلة البروستات. وقرر “الكشف عن تشخيص إصابته بالسرطان لتجنب التكهنات وعلى أمل مساعدة الجمهور على تفهم المصابين بهذا المرض في جميع أنحاء العالم”، وفق قوله. وكان الإعلان عن إصابته بمشكلة في البروستات، مغايرا تماما للسرية التي أحاطت بصحة والدته الملكة إليزابيث الثانية في السنوات التي سبقت وفاتها في الثامن من أيلول/ سبتمبر 2022 عن 96 عاماً.

وحول هذه الشفافية في إعلان إصابة الملك بالسرطان ورغم عدم تحديد أي نوع من السرطانات، قالت المؤرخة سارة غريستوود في حوار مع بي بي سي “إنها إشارة إلى أن تشارلز قد غير الملكية (البريطانية) ويريدها أن تناسب المتطلبات الحديثة. فحتى الآن كان يتم التكتم وإخفاء الوضع الصحي للملك أو الملكة خلف جدران القصر”.

فالملكة الراحلة إليزابيت الثانية، والدة الملك تشارلز، كانت تتصرف بتكتم ولا تكشف عن وضعها الصحي. وفي هذا السياق كان دائما يتم النقاش حول حق الرأي العام والمواطنين في معرفة الوضع الصحي للملك وإلى أي مدى يجب الكشف عن ذلك لهم؟

ويبدو أن الملك تشارلز الثالث يفضل ويولي أهمية للتواصل المفتوح والشفافية، حسب القصر، وبإعلانه عن إصابته بالسرطان، أراد تجنب التكهنات معربا عن أمله في المزيد من الفهم لجميع أولئك الذين يعانون من السرطان في جميع أنحاء العالم.

وقد أبلغ الملك تشارلز شخصيا ولديه ولي العهد الأمير وليام وشقيقه هاري، كما أبلغ إخوته وأخواته بتشخيص إصابته بالسرطان. وبدون تأخير، أعلن الأمير هاري، الابن الأصغر لتشارلز والذي يعيش في كاليفورنيا، أنّه ينوي العودة إلى المملكة المتحدة لرؤية والده على الرغم من التوتر الشديد بينه وبين عائلته. وأفادت الصحف البريطانية بأنّه سيحضر بمفرده، من دون زوجته ميغان وطفليهما آرتشي وليليبت، كما حدث أثناء التتويج.

وتجدر الإشارة إلى أن الإعلان والحديث عن الوضع الصحي للملك، في وقت تتعافى الأميرة كيت، زوجة ولي العهد الأمير وليام، بعد عملية جراحية خضعت لها. ودخلت الأميرة كيت المستشفى في 16 كانون الثاني/ يناير لإجراء عملية جراحية في المعدة ظلت محاطة بالسرية. ولم تظهر علنا منذ مشاهدتها مع بقية أفراد العائلة في عيد الميلاد. وأعلن قصر كنسينغتون قبل أسبوع أنها خرجت من العيادة الخاصة في لندن حيث خضعت لهذه العملية وأنها تمضي فترة نقاهة في منزل العائلة في ويندسور غرب لندن. ولا تزال أسباب العملية الجراحية غامضة لكنها ليست سرطانا، بحسب وسائل إعلام بريطانية.

تمثيل الملك وتولي بعض مهامه

وبما أن الملك سيخضع للعلاج وسيغيب لمدة غير محددة، فمن المقرر أن يقوم أفراد آخرين من العائلة المالكة ببعض مهامه، والمواعيد المدرجة على جدول أعماله. ومن المتوقع أن يقوم نجله ولي العهد الأمير وليام وزوجته ببعض مهامه وتمثيله في بعض النشاطات التي كان من المقرر أن يقوم هو بها.

وتشير تقارير إلى أن الملك يخطط لمواصلة الكثير من مهامه الخاصة كملك بما في ذلك اجتماعه الأسبوعي مع رئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي قال “سيستمر ذلك بالطبع كالمعتاد وسنتعامل مع كل شيء” وأضاف أنه يتواصل بانتظام مع الملك.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى