كرامي: تيارنا هو تيار الوحدة الوطنية القائمة على العيش الواحد بين اللبنانين..
أطلق رئيس “تيار الكرامة” النائب فيصل كرامي الأعمال التحضيرية للمؤتمر السنوي الأول لتيار الكرامة، في احتفال أقيم في قاعة المكتبة العامة في جامعة المدينة في أبي سمراء طرابلس، بحضور حاشد من قيادات وكوادر التيار، وتخلله الإعلان عن اللجان التنفيذية والمركزية والمكتب السياسي ولجان قطاعات المهن الحرة والقطاعات المهنية وامناء مؤسسات الكرامة التابعة للتيار، بالاضافة الى اللجان التنظيمية وأمانات المناطق والاحياء في طرابلس ومدن الفيحاء والشمال.
بعد النشيد اللبناني ونشيد تيار الكرامة، ألقى النائب كرامي كلمة قال فيها: “نلتقي اليوم في اطار العمليات التحضيرية لأطلاق المؤتمر السنوي الأول لتيار الكرامة. هذا الاجتماع هو اجتماع اوّلي ستتبعه لقاءات أخرى لاستكمال العملية التحضيرية والتنظيمية، حيث سينضم الينا حتماً رفاق ورفيقات، وسنتاول لاحقاً الكثير من النقاط والملفات لاستكمال الشكل الأمثل الذي سنطلّ به في مؤتمرنا السنوي. وقد اخترنا لهذا المؤتمر السنوي يوم الأول من حزيران، هذا اليوم الذي نعتبره محطة نضالية كبرى في مسيرة تيار الكرامة، وطبعاً تعرفون جميعاً ان الأول من حزيران هو ذكرى استشهاد الكراميّ الكبير، شهيد لبنان الرئيس رشيد كرامي”.
أضاف: “في البداية، نحن على بعد أيام قلائل من شهر رمضان المبارك الذي يفرض علينا ايماننا كما تفرض علينا تقاليدنا ان نستقبله بكل حب وفرح وتفاؤل أياً تكن الصعاب وأياً تكن المعاناة التي نعيشها. واني اهنئكم جميعاً بقدوم الشهر المبارك متمنياً لكم افضل الطاعات في هذا الشهر المليء بالروحانيات والوجدانيات والذي يشكّل محطّة سنوّية لتمكين مفهوم العائلة وصلة الرحم والاحساس بالآخرين وبمعاناة الآخرين”.
تابع: “اجد لزاماً عليّ في مستهل لقائنا ان اتناولَ وباقتضاب شديد المبادئ والثوابت التي تأسّس عليها تيار الكرامة والتي ستشكّل في مسارنا الجديد الأسس الثابتة لعملنا السياسي والاجتماعي. ان تيار الكرامة هو تيار سياسي مؤسّس للبنان ومتجذّر في لبنان وفي هذه البقعة من الشرق الأوسط، ويكفي ان أقول لكم ان الرئيس الأول لهذا التيار هو بطل النضال العربي وبطل الاستقلال اللبناني الرئيس عبدالحميد كرامي، وحينها كان العمل السياسي تحت مسمّى مختلف.
ثم أتى الرئيس الثاني لهذا التيار وهو الشهيد الكبير رشيد كرامي، هو شهيد لبنان الكبير رشيد كرامي خلال مرحلة بناء دولة الاستقلال وبناء الجمهورية اللبنانية، بناء دولة القانون والمؤسسات، وكان المسمى الحزبي آنذاك هو حزب التحرر العربي، وهذا الحزب بقي قائماّ لعقود فاعلاّ في الحياة السياسية اللبنانية، لكن رشيد كرامي أوقف كل انشطة هذا الحزب مع اندلاع الحرب الاهلية في لبنان في موقف متبصّر للآتي من الاهوال التي ستصيب وطننا، ومنعاً ورفضاً لتحوّل هذا الحزب الى ميليشيا مسلّحة تنخرط في اعمال العنف والقتال بين اللبنانيين، وقد نجح رشيد كرامي في إبقاء تيارنا السياسي خارج دائرة الحرب الاهلية والهمجية والمتخلّفة مرتضياً كما نرتضي اليوم ان نكون دعاة السلم الأهلي ودعاة الحوار الدائم ودعاة التلاقي، وهي كلها عناوين تشكّل أعمدة وركائز أساسية لبقاء الوطن”.
وأردف: “امّا الرئيس الثالث للتيار فهو القابض على الجمر طوال مسيرته السياسية دولة الرئيس عمر كرامي، الرئيس عمر كرامي الرجل الذي عمل بصمت وطوّر بصمت واستحدث الكثير من القطاعات، مركزاّ طوال الوقت على العمل الاجتماعي بمزيد من العطاءات ومزيد من الفرص الكريمة التي تتيح لمجتمعه وأبناء مدينته وأبناء الشمال ان يحصلوا دائماً على الحد الأدنى المطلوب لاستكمال العيش الكريم سواء على المستوى الصحي او التربوي او الاجتماعي بشكل عام، كما شكّل عمر كرامي نموذجاً لرجل الدولة الذي يؤثِر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والذي يفهم تماماً وبعمق معنى المسؤولية خصوصاً حين تكون هذه المسؤولية مرتبطة بعيش الناس بل أحياناً بحياة الناس، وبالتالي فإن كل مواقفه في كل المفترقات التي عاشها خلال حياته السياسية كانت دائماً مواقف تأخذ في الاعتبار الأول حماية اهله ومجتمعه وأبناء وطنه”.
وقال: “ها انا اليوم، اتسلّم كل هذه الامانات لأكون الرئيس الرابع لهذا التيار الذي يمكنني ان اختصره اليوم بكلمات قليلة واقول انه تيار العروبة والوطنية اللبنانية الصافية وتيار التلاقي وتيار العدالة الاجتماعية وتيار بناء المؤسسات وإنقاذ لبنان من كل مآزقه عبر هذه المؤسسات.
ثانياً، العروبة انتماء وهوية، ونحن لدينا تاريخ طويل لا يمكن ان نتخلى عنه يتلاقى مع كل التيارات والأحزاب القومية التي نشأت منذ 100 عام، ونحن اليوم لا زلنا نتبنّى الأفكار العروبية الجامعة، لكننا وبواقعية شديدة نعرف انه في حال كانت الوحدة العربية وهي الوحدة الحلم غير قابلة للتحقق من هذا المنظور فأننا على الأقل من دعاة التعاون والتوأمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين كل دول الجامعة العربية.
انطلاقاً من هذه الأفكار، اننا من المناضلين لتثبيت هوية لبنان العربية وهو ما نجحنا به عبر الحوار، وهو ما تم اقراره بشكل صريح ضمن الدستور اللبناني وفق التعديلات المنبثقة من اتفاق الطائف، وعليه فإن لبنان بالنسبة الينا هو بلد عربي الهوية، عربي المنشئ، عربي الهوى، وأوله عرب وآخره عرب، بمعنى ان أي طرح خارج هذه الحقيقة وهذه الحتمية هو طرح يقود هذا الوطن الى مهالك، وقد جربنا بعضها واخشى ان يدفعنا البعض الى تجريب بعضها الاخر.
ثالثاً، ان تيارنا هو تيار الوحدة الوطنية القائمة على العيش الواحد بين اللبنانين، وما أقوله الآن هو دقيق جداً، فالعيش الواحد هو شيء مختلف عن العيش المشترك، بمعنى اخر ان العيش المشترك هو نتاج مواثيق ذات طابع طائفي ومذهبي بدأت منذ عام 1943 وتطوّرت وتمّ استحداث الكثير من الإضافات عليها عبر السنوات، ونحن من القائلين بأن خلاص لبنان وبلورة الفكرة الحقيقية لهذا الوطن يكونان عبر الخلاص من الطائفية السياسية وذلك عبر الانتقال من فكرة كوننا مجموعات روحية وعائلات روحية الى فكرة اننا شعب واحد فوق الطوائف وفوق المذاهب”.
أضاف: “أيضا هنا بكل واقعية أقول بأن تيارنا الذي يتطلع الى هذا اللبنان الموحّد على اسس سياسية واجتماعية مضطّر في ظل لعبة التوازنات الطائفية الى حماية هذه التوازنات وعدم الاخلال بها بانتظار ان ينعم الله على اللبنانيين مجتمعين بأن يرموا كل هذه التوازنات وراءهم ويسيروا الى المستقبل والى الغد والى العصر والى الوطن الحقيقي الذي نحلم به جميعاً.
رابعاً، ان الوصول الى وطن العيش الواحد ذي الهوية العربية يكون عبر بناء دولة القانون والمؤسسات، فنحن تيار ينادي بسيادة القانون وبنشوء المؤسسات بشكل متطوّر وعصرّي، لكي نسير متمهّلين في بداية الأمر ثم مستعجلين الى الدولة التي يمكن ان يقتنع بها ابناؤنا واحفادنا في هذا الزمن الذي تحول فيه العالم الى قرية الكترونية لم تتِح للناشئة وللاجيال الطالعة الاضطلاع على شتّى المعارف والأفكار والنظم، وبالتالي فإن هذه الأجيال لن ترضى في وقت لاحق بأقل من الانتماء الى العصر.
خامساً، نحن تيار لا يميناً نصنّف انفسنا ولا يساراً، فهذه التقسيمات لم تعد مواكبة لهذا العصر، حتى يمكنني القول بانه لا يوجد اليوم في الكرة الأرضية تقسيمات بين أنظمة ليبيرالية وبين أنظمة اشتراكية، فقد دخل الجميع على الجميع واخذ الجميع من الجميع وتبلورت مفاهيم جديدة وتصنيفات جديدة. بالتالي نحن تيار ينادي ويؤمن بالعدالة الاجتماعية، وتظهير مفهوم العدالة الاجتماعية يكون عبر تأمين فرص التعليم والعمل والعيش الكريم بدون تمييز بين مواطن وآخر تبعاً لطائفته او مذهبه او انتمائه الطبقي والاجتماعي والعائلي.
ان تيارنا السياسي ومنذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي وصولاً الى نكبت عام ١٩٤٨، النكبة التي خسرنا فيها ارضنا الحبيبة فلسطين، لا بل هي ارض المسجد الاقصى الشريف اي الارض للاحب الى قلوبنا.
ان تيارنا منذ ذالك التاريخ يؤمن وبشكل قاطع بأن الكيان الصهيوني هو كيان غاصب ومحتل وهجين وان صراعنا معه طويل حتى تحرير الارض وحتى استعادة الحقوق والمقدسات.
ونحن من مدرسة استرداد الحق بالتي هي حسنى، فإن لم تنفع الحسنى فإن ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة. وهنا اوجه تحية الى اهلنا في كل فلسطين ولاسيما في غزة التي تنزف وفي الضفة الغربية التي تعاني وفي كل ارض فلسطين التاريخية مؤكداً بأن من ثوابت تيارنا ان فلسطين كل فلسطين من البحر الى النهر هي دولة عربية عاصمتها القدس الشريف.
سادساً، نحن تيار مؤسّس ورائد في تطبيق مفهوم التكافل الاجتماعي لاسيما حين يتعلّق الامر بدولة غائبة سواء عمداً او عجزاً عن القيام بأدوارها في العديد من المجالات، وبالتالي نحن مؤمنون بأن المجتمع يمكنه ان يقدّم عبر تطبيقه لمفهوم التكافل الاجتماعي تعويضا ولو مؤقت عن غياب الراعية الرسمية والاهتمام الرسمي التي تتعلق بحياة من المواطنين”.
وأشار كرامي إلى ان “فكرة المؤسسات الخيرية لتيار الكرامة كانت بدأت منذ أيام عبد الحميد كرامي واستمرت مع الرشيد ثم مع عمر”، وقال: “انا وانتم اليوم هدفنا الحفاظ على هذه المؤسسات وتطويرها وتفعيل اعمالها.
ان الهدف من اجتماعنا اليوم هو ان نطلق مرحلة تحضيرية لهذا العمل التنظيمي وهي مرحلة مهمّة وأساسية وتأسيسية لان “نتكودر” وان تكون لنا اشكال منظّمة بشكل عصري للامساك بكل الملفات المتعلقة بشتى المجالات.
في هذا الاطار، سوف يتم الإعلان اليوم عن اللجان والهيئات والقطاعات التي نهتم بها كتيار. ومعظم هذه القطاعات موجودة وفاعلة ولكن لابد من تطوير عملها أولاً ثم لابد من استحداث قطاعات جديدة يفرضها علينا العصر والاحتياجات التي طرأت والمتعلقة بمجتمعنا. والامانات المتعلقة بالمناطق، وهي ليست نهائية اذ سيتم استلحاقها واستكمالها في وقت لاحق بالتشاور والتنسيق بين المسؤولين، ولكن من سيتسلمون هذه المسؤوليات سيكون عليهم ان يبذلوا الجهد اللازم لبلورة الشكل التنظيمي الذي سوف نسير اليه ونصل اليها.، واؤكد ان تولى المسؤولية والامانة هو تكليف وليس تشريفا، فالمسؤوليات امانة على عاتق حاملها اعانكم الله ووفقكم في مهامكم”.
وختم: “لا يسعني في الختام، سوى ان اثمّن الجهود التي بذلها الرفاق للأعداد لهذا اللقاء وانجاحه تاركاً الإعلان عن الامانات والمسؤوليات والقطاعات لهم بعد قليل، وكلمتي الأخيرة لكم اليوم انني واثق بأذن الله باننا جميعاً سنعرف وسندرك حجم المسؤوليات التي نتحملها وحجم التحديات التي نخوضها، وان علينا ان نكون بمستوى عبد الحميد كرامي ورشيد كرامي وعمر كرامي والله الموفق”.