رأي

قوى السلطة توظف المساعدات الخارجية أيضاً

كتبت روزانا بو منصف في “النهار”:

اعلنت السفارة الاميركية في بيروت امس تقديم الحكومة الاميركية 64 مليون دولار كمساعدات غذائية طارئة ل#لبنانيين المستضعفين فيما اعلن السفير البريطاني في لبنان ايان كولارد عن مبلغ مليون جنيه استرليني إلى الجيش اللبناني. يواكب اهل السلطة من جهتهم ترشيحات لوائحهم إلى الانتخابات النيابية بسلة من عطاءات المازوت او اقفال بعض حسابات المستشفيات لكثير من المقترعين فيما يسعى العهد إلى تأمين الحماية لرجالاته في حال عجز عن البقاء في مقابل رمي الاتهامات في اتجاهات الاخرين في محاولة تبييض صفحته من الفساد وتاليا تمهيد الطريق لخلفه. تبرز هذه النقطة الاخيرة في الحرب التي يشنها العهد على حاكم المصرف المركزي مستخدما القضاء وصولا إلى الخارج نظرا إلى عجزه عن اسقاط الحاكم بالادعاءات الداخلية فحسب. كما تبرز حماية رجالات العهد في التمديد لمدير امن الدولة قبل انتهاء مدته في منصبه على نقيض اقالة مدير المخابرات العسكرية في فرنسا على خلفية الفشل في توقع الحرب الروسية على اوكرانيا وذلك منعا لاي محاسبة في موضوع انفجار مرفأ بيروت في ٤ اب 2020. غياب المحاسبة في هذا الانفجار الهائل فيما ترشح الاحزاب والتيارات جماعتها حماية لها في المرحلة المقبلة من اي محاسبة بدأت طلائعها قبل تعطيل التحقيق القضائي في هذا الانفجار هو اكبر انتصار للقوى السياسية ضد اللبنانيين والمؤشر الابرز على قدرة هذه القوى على الاستمرار بلامبالاة في الوقت الذي يعني بقاء البلد يدور في دوامة الازمة الانهيارية. وثمة مآخذ وتساؤلات كيف تحضر الشعارات السياسية الكبيرة ولا يحضر التحقيق في انفجار مرفأ بيروت او الانهيار المالي والاقتصادي او الانهيار في ملف الكهرباء على قاعدة ملامسة هواجس الناس مباشرة ومخاوفهم وهو ما يرجعه البعض إلى غياب اي رؤية او برنامج لاي فريق سياسي ابعد من اظهار العجز عن مقاربة هذه الملفات. فلا تخجل قوى السلطة مما اصبح عليه وضع الجيش اللبناني وعناصره ولا تتحمل مسؤوليتها ازاء ما حصل ويحصل او ماذا يعني الاعتماد على الخارج لدعم الجيش او تأمين الحد الادنى من الغذاء للناس.

تلقى المساعدات الخارجية التي لا تزال تقدمها بعض الدول للبنان ان كان للجيش او للبنانيين الفقراء تقديرا لا يمكن انكاره ولكنها في الوقت نفسه تريح القوى السياسية من مسؤوليتها ازاء الجيش كما ازاء اللبنانيين بما يزيد من اطماعها بانها يمكن ان تستمر في استغلال البلد وموارده كما في استدراج القوى الخارجية للمساعدة في الوقت الذي تعفي نفسها من القيام باي اصلاحات او تنفيذ خطة انقاذية للبلد . هذه المساعدات الخارجية لا تزال الخيط الرفيع الوحيد الذي يظهر ارادة من بعض الدول المهتمة اولا لعدم ترك لبنان يسقط بقوة باعتبار انها ليست مساعدات انقاذية ولن تكون في غياب الاصلاح والاجراءات اللازمة على هذا الصعيد . وثانيا ان هذه المساعدات هي بمثابة مرحلة انتقالية يستطيع لبنان القيام بما يتعين عليه القيام به وتعني عملانيا بالنسبة إلى اللبنانيين ان لبنان غير مسموح ان يسقط في الفوضى الامنية ودعم الجيش هو من ضمن تأمين استقرار البلد فضلا عن انه لن يترك لسيطرة محور اقليمي. كما يهم بعض الدول عدم افراغ المؤسسات اللبنانية من خبراتها التي تهاجر او عقول شبابها الذي يمكن ان يعيد انهاض البلد، وهي الغاية من استمرار المساعدة كما تقول مصادر ديبلوماسية نظرا إلى خطورة هذا الامر لا سيما ان المساعدات ليست وسيلة لقيام بلد ولا قدرة على تأمين استمرارها في ظل اولويات اخرى أكثر الحاحا من فشل القوى السياسية في لبنان وعدم رغبتها في انقاذ لبنان. وهذا لن يستمر. وتبالغ هذه القوى في التعويل على هذه الاستمرارية بحسب هذه المصادر.

هل يجب الا تترك الدول المعنية القوى السياسية تطمع بها وبمساعداتها من اجل الضغط عليها للقيام بواجباتها في التلاقي وتقرير انقاذ البلد والاتفاق على الخطوات اللازمة لذلك؟ البعض يعتقد ذلك وثمة من يرى في الابتعاد الذي تمارسه المملكة السعودية وبعض الدول الخليجية جزءا من سياسة مماثلة تأخذ على المسؤولين المضي في الفساد واهدار الاموال بالاعتماد على ما يقدمه الخارج . ولكن ليس من سياسة خارجية منسقة في ظل تناقض المصالح الخارجية في لبنان والمقاربات السياسية المختلفة . اذ ان المقاربة الفرنسية الضاغطة لا سيما بعد انفجار المرفأ فشلت في ان تضغط على القوى السياسية حتى الان في ان تجري الحد الممكن من الاصلاح . فاذا تحققت بعض الامور التي يطلبها صندوق النقد الدولي على غرار رفع الدعم عن المحروقات وامور كثيرة اخرى فانما حصل الامر بفعل الانهيار المالي ويستمر في الحصول من دون ان تتحمل اي من القوى السياسية المسؤولية في اجراء اصلاحي واحد على الاقل بغض النظر عن البروباغندا السياسية القائمة من رئاسة الجمهورية كما من سائر المرجعيات على هذا الصعيد . انه زمن الانتخابات النيابية والرئاسية على حد سواء والمعارك قائمة على قدم وساق من دون رادع في ظل مخاوف ان يبدأ الانكشاف الكبير في اليوم التالي للانتخابات في ١٥ ايار . اذ بدأ رئيس الجمهورية و” حزب الله” معركة رئاسة الجمهورية قبل كل القوى الاخرى . ولا يعتقد في ضوء ذلك سوى اشتداد المعارك السياسية لا سيما على ضوء محاولة البناء على نتائج الانتخابات النيابية خصوصا اذا كانت في مصلحة الحزب الذي سيرفع معه حلفاءه .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى