رأي

قوات الدعم السريع: حدود الفاعلية كبديل للجيش الوطني في السودان

كتب د. عبدالمنعم همت, في “العرب”:

ثقة السودانيين بقوات الدعم السريع تتباين بشكل كبير. في بعض الأوساط ينظر إلى هذه القوات على أنها قوة ضرورية لتحقيق الاستقرار بينما يشعر آخرون بالقلق من الانتهاكات التي ارتكبها أفرادها.

قوات الدعم السريع في السودان بدأت كقوة شبه عسكرية لدعم النظام الإسلامي بقيادة الرئيس السابق عمر البشير، ومرت بمرحلة تطور لتصبح لاعباً أساسياً في المشهد العسكري والأمني. نشأت من ميليشيات قبلية ومجتمعية، وتوسعت لتلعب دوراً بارزاً في النزاعات المسلحة، خاصة في دارفور. ورغم بعض النجاحات العسكرية التي حققتها، فإنها تواجه تحديات كبيرة تؤثر على فاعليتها واستقرارها.

تتسم قوات الدعم السريع بتركيبة داخلية معقدة، حيث تسود الانقسامات القبلية والمصالح الشخصية بين أعضائها. هذه الانقسامات تؤدي إلى صراعات داخلية وضعف في التنسيق، مما يعيق قدرتها على العمل كقوة متماسكة. العلاقة بين القوات والمجتمعات المحلية غالباً ما تكون متوترة، حيث تؤدي التصادمات إلى تفاقم التوترات الاجتماعية وتزيد من صعوبة جهود المصالحة الوطنية واستعادة الثقة بين السكان المحليين والقوة.

رغم جهودها العديدة، لم تتمكن قوات الدعم السريع من أن تكون بديلاً فعّالاً للجيش الوطني الذي ينادي به السودانيون. في ظل النزاعات المستمرة والحاجة إلى قوة أمنية متكاملة ومستقرة

على الصعيد الدولي، تواجه قوات الدعم السريع ضغوطاً كبيرة بسبب التقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها أفرادها. هذه الانتهاكات تثير غضب المجتمع الدولي، ممّا قد يؤدي إلى فرض عقوبات أو ضغوط دبلوماسية قد تؤثر على دعم القوة ومصادر تمويلها، مما يزيد من عزلتها الدولية.

تلعب الطموحات السياسية لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، دوراً كبيراً في تشكيل سياسات القوة. طموحاته السياسية تؤثر على القرارات العسكرية والتوجهات الإستراتيجية للقوة، مما قد يؤدي إلى تغييرات غير متوقعة في المشهد السياسي السوداني ويضيف مزيداً من عدم الاستقرار.

الاعتماد على الموارد المالية المتغيرة يمثل تحدياً آخر. تعتمد قوات الدعم السريع على مصادر تمويل قد تكون غير مستقرة، مما قد يؤثر على قدرتها على الصيانة والتدريب والتسليح، ويزيد من تعقيد وضعها.

التنافس مع القوات المسلحة النظامية يعزز من تعقيد الوضع، حيث أن التنافس على النفوذ والموارد بين قوات الدعم السريع والقوات النظامية يمكن أن يؤدي إلى صراعات إضافية ويزيد من عدم الاستقرار في المجال الأمني. هذا التنافس قد يعرقل الجهود الرامية إلى تحقيق تنسيق أفضل بين مختلف الفصائل العسكرية.

تأثير قوات الدعم السريع يمتد إلى المستوى الإقليمي أيضاً، حيث أن نشاطها في دارفور يمكن أن يؤثر على الاستقرار الإقليمي بشكل أوسع، مما يزيد من تعقيد العلاقات مع الدول المجاورة ويؤثر على الأمن الإقليمي.

قوات الدعم السريع تواجه صعوبات في التكيف مع التحولات السياسية. التغيرات المستمرة في الحكومة وصراعات السلطة تجعل من الصعب على القوة التكيف مع الأوضاع الجديدة

تواجه قوات الدعم السريع أيضاً تحديات في التعامل مع الحركات المسلحة المستمرة في مقاومة النظام، مما يعقّد جهود قوات الدعم السريع في السيطرة على الوضع. الأزمات الإنسانية الناتجة عن العمليات العسكرية تضيف عبئاً إضافياً على القوات، حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية مثل النزوح وفقدان الموارد الأساسية، مما يزيد من تعقيد وضعها ويزيد من التوترات المحلية.

مع استمرار الأزمة السياسية في السودان، تواجه قوات الدعم السريع صعوبات في التكيف مع التحولات السياسية. التغيرات المستمرة في الحكومة وصراعات السلطة تجعل من الصعب على القوة التكيف مع الأوضاع الجديدة، مما يعيق قدرتها على تحقيق الاستقرار والفاعلية.

ثقة السودانيين بقوات الدعم السريع تتباين بشكل كبير. في بعض الأوساط، يُنظر إلى هذه القوات على أنها قوة ضرورية لتحقيق الاستقرار في ظل الصراعات المستمرة، بينما يشعر آخرون بالقلق من الانتهاكات التي ارتكبها أفراد القوات، والتي تعزز مشاعر عدم الثقة.

رغم جهودها العديدة، لم تتمكن قوات الدعم السريع من أن تكون بديلاً فعّالاً للجيش الوطني الذي ينادي به السودانيون. في ظل النزاعات المستمرة والحاجة إلى قوة أمنية متكاملة ومستقرة، لا تزال هناك دعوات قوية لإعادة بناء وتعزيز الجيش الوطني ليكون الجهة الرئيسية المسؤولة عن الأمن والاستقرار في البلاد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى