أبرزرأي

قمة الهند عزلت لبنان عن الشبكة الاقتصادية الدولية.

حسين زلغوط
رأي سياسي

في الوقت الذي كان فيه اهل السياسة في لبنان يكرسون عجزهم في التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية، ويتبادلون الاتهامات حول الجهات المعرقلة لانجاز هذا الاستحقاق ، كانت قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الهند في التاسع والعاشر من الشهر الحالي ترسم خارطة جديدة تتعلق بتحكمهم بآلية التجارة العالمية من خلال مذكرة التفاهم التي وقع عليها المشاركون في هذه القمة لناحية البناء المشترك لمشروع “الممر الاقتصادي” الهندي الاوروبي الذي يربط الهند بالشرق الاوسط واوروبا، وهذا الممر يتألف من ممرين منفصلين، سيمتد واحد عبر بحر العرب من الهند الى الامارات العربية المتحدة، والاخر يعبر المملكة العربية السعودية والاردن، واسرائيل، قبل ان يصل الى اوروبا ،كما ان المشروع يهدف الى ربط دول الشرق الاوسط عبر خطوط السكك الحديدية، ثم ربطها بالهند عبر الموانئ البحرية.
صحيح ان احد مرامي هذا المشروع هو اضعاف نفوذ الصين بعد ان تراجع النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط، غير ان الخارطة التي رُسمت لهذا المشروع أخرجت لبنان من المدار الاقتصادي العالمي، اذ انه وفي الوقت الذي كان فيه مرفأ بيروت يشكل صلة الوصل بين الشرق والغرب، جاء الانفجار الكبير ليجعله شبه خارج عن الخدمة العربية والدولية الا ما ندر، وعزل لبنان ليحل محله مرفأ حيفا الذي كان قد أعلن بعد ايام قليلة من وقوع الانفجار بأنه اصبح مرفأ نموذجياً بعدما كان مرفأ بيروت بعد احتلال فلسطين يشكل نقطة الوصل بين الغرب، والشرق الاوسط، وكأن هناك من خطط ليحل بمرفأ بيروت ما حل به، ولكي تُربط اسرائيل بالاقتصاد العالمي وتنجح في الوصول الى ما كانت تخطط له منذ سنوات وهو التطبيع مع غالبية الدول العربية، وهذا ما كان قد اعلن عنه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل عن مشروع لربط اسرائيل بالسعودية عبر خط سكك الحديد.
والمستغرب ان السياسيين في لبنان لم يعيروا ما جرى في نيودلهي ادنى اهتمام على الرغم من ان هذا المشروع الذي انتهت اليه قمة العشرين هناك كان بمثابة ضربة قوية على رأس لبنان.
ففي الوقت الذي يعاني فيه هذا البلد ما يعاني من ازمات اقتصادية ومعيشية خانقة جاءت قمه الهند لتكون بمثابة الضربة القاضية للاقتصاد اللبناني، حيث ان لبنان لم يعد له من قدرة على مواكبة التفاهمات الخارجية التي تجري بين الدول لتعزيز اقتصادها وتنميته وهو اصبح كرجل معوق على ارصفة هذه الدول حيث ان انفجار المرفأ والأزمة الاقتصادية سببت انهيارات كاملة في قطاعات حيوية كانت تميز لبنان عن محيطه وتستفز اسرائيل التي كانت تعتبره منافساً اساسياً لها في المنطقة، إن على مستوى الإستشفاء، او المصارف او التعليم ،او الاقتصاد الحر. ومن غير المستبعد وفق مطلعين ان يكون هناك من رابط اساسي بين الاسباب التي حتمت انفجار مرفأ بيروت وإخراجه من الخدمة لأكثر من 70% وبين المشاريع التي تُنفذ في المنطقة والتي كان اخرها ما رُسم في قمه العشرين في الهند.
وفي رأي هؤلاء المطلعين ان لبنان لم تعد تقوم له قائمة على المستوى الاقتصادي وان ما حل به يأتي في سياق مؤامرة متعددة الاطراف بغية إبقائه مشلولا على الرغم مما ينتظره من موارد نفضية وغازية في حال كانت نتائج الحفر ايجابية، مشددين على ان لبنان بات شبه معزولاً وانه لولا اهتمام بعض الدول وفي مقدمهم الولايات المتحده الامريكيه بأمن اسرائيل والخوف من ترسانة السلاح الموجودة لدى حزب الله والتي تشكل الخطر الكبير والأوحد على تل ابيب، لما كان للبنان من وجود ولو بسطر واحد على اجندة الاهتمامات الدولية التي اخر همها إن كان للبنان رئيساً للجمهورية ام لم يكن، وان جل ما تريده هو بقاء حالة الاستقرار على الحدود مع فلسطين قائمة لا اكثر ولا اقل، كما انها تريد ان يبقى لبنان هادئا لكي يبقى النازحون السوريون بداخله خوفا من حصول اي انفجار امني يودي بهؤلاء الى الهرب عبر البحر الى القارة الأوروبية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى